حتماً ستهدأ المشاعر الملتهبة والمتباينة الناجمة عن اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فأكثر ما يحتاجه العراق الآن فسحة من الوقت تتيح له مجالاً اكثر للتفكير العقلاني البعيد عن العواطف المتأججة..
لقد ذهب نظام صدام بكل التبعات المترتبة على حكمه الذي استمر 35 عاماً، وذلك منذ اليوم الأول لسقوط بغداد، لكن هذا السقوط المدوي تجدد أول أمس الأحد بالإعلان عن إلقاء القبض على صدام، وكأنما ذلك الفعل جاء ليسجل النهاية الرسمية لذلك النظام، وليقطع تماماً دابر أي مؤشر على امكانية عودته حسبما تصور البعض.
وفي كل الاحوال فإن كل ما يجري ينبغي أن يؤكد وأن يذكر بأهمية الاهتمام بمستقبل العراق انطلاقاً من الحرص على تأكيد السيادة العراقية وإنهاء الاحتلال حتى في هذا الشأن الخاص بملابسات اعتقال وسجن صدام ومحاكمته.
وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس مجلس الحكم الانتقالي في العراق أن قضاة عراقيين سيتولون محاكمة صدام حسين على أرض بلادهم ترددت أنباء عن نقل الاسير إلى خارج العراق، مما يشوش على حق سيادي عراقي يتمثل في أهمية المحاكمة على أرض العراق..
وتكتسب التطورات في العراق بعداً ذا صدقية إذا ارتبطت تلك التطورات بشكل أو آخر بمسألة السيادة العراقية، وكل ما يؤدي اليها خصوصاً الأمر المتعلق بزوال الاحتلال والعمل باتجاه إيجاد سلطة وطنية منتخبة.
ولأن اعتقال صدام يشكل التطور الابرز منذ سقوط بغداد قبل ثمانية اشهر، فإن الحرص على ربط ما يترتب على هذا التطور بسيادة العراق بما في ذلك المحاكمة وتنفيذ الحكم يصب في صالح الاعتراف بالسيادة العراقية على كامل الشأن العراقي، حتى وان تم الاعتقال من قبل الأمريكيين.
كما ان الإخلال بهذه السيادة بالتعامل بشكل مخالف لآمال وتطلعات العراقيين، فيما يتصل بالتعاطي مع موضوع صدام، من شأنه ان يفاقم من التعقيدات القائمة اصلاً على أرض العراق ومن أبرزها المواجهات المسلحة الواسعة الانتشار.
|