* الرياض - الجزيرة:
يمثل منتزه سلام الذي تقوم بتطويره حالياً الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أحد أهم العناصر الطبيعية لمركز مدينة الرياض المتمثل في منطقة قصر الحكم (قلب مدينة الرياض ومركزها التاريخي والتراثي) التي شهدت الانطلاقة لتأسيس الدولة السعودية الحديثة حيث تحتضن جامع الإمام تركي بن عبدالله وقصر الحكم وحصن المصمك، إضافة إلى كونها مركزاً إدارياً وتجارياً. يقع منتزه سلام بمحاذاة منطقة قصر الحكم في الجهة الجنوبية حيث يحده طريق الملك فهد من الغرب وشارع طارق بن زياد من الشمال وشارع سلام من الشرق وشارع عسير من الجنوب، بمساحة تبلغ 312 ألف متر مربع.
أقيم هذا المنتزه على أرض مزرعة سلام الشهيرة التي نزعت ملكيتها منذ مدة طويلة، لتضم إلى مرافق المدينة العامة واشتهرت بجودة نخيلها، وكانت ملكاً خاصاً أنشىء فيها قصر سكني وعدد من المباني الخدمية. ونظراً للموقع الاستراتيجي لتلك المزرعة ولحاجة وسط المدينة للحدائق والمناطق المفتوحة والمسطحات الخضراء، والكثافة السكانية والعمرانية في المنطقة، فقد تقرر منذ وقت مبكر نزع ملكية المزرعة تمهيداً لتحويلها إلى منتزه عام يخدم سكان المدينة.
ويتكون مشروع منتزه سلام من بيئات مختلفة تشمل: منطقة المزرعة التي تقع في الجزء الشمالي من المنتزه وتشتمل على ما تبقى من مزرعة النخيل، بالإضافة إلى أشجار النخيل الإضافية التي يصل عددها لألف نخلة وتقدم هذه المنطقة نموذجاً للمزرعة التقليدية، حيث يتاح للجمهور الاستفادة من ظلال النخيل، ما يضفي على الموقع مزيداً من المحاكاة للواقع ويتيح للزوار حرية اختيار أماكن جلوسهم.
ومن أبرز عناصر المنتزه منطقة البحيرة التي تبلغ مساحتها 33 ألف متر مربع وقد حفرت بأعماق مختلفة بحيث لا تتجاوز أعلى نقطة فيها خمسة أمتار وتقدر المياه التي تستوعبها البحيرة بحوالي 140 ألف متر مكعب وقد تم البدء في تعبئة البحيرة منذ 6 أسابيع تقريباً وقد وصل الماء إلى أعلى مستوى له في البحيرة نهاية شهر شعبان الماضي وجهزت أرضيتها بطبقات من الطين المرصوف، وطبقات من المواد العازلة، لحفظ الماء. كما وضعت عدة احتياطات وتجهيزات لضمان حركة المياه في البحيرة بشكل دائم والحيلولة دون نمو الحشرات والبعوض فيها، وكذلك نمو الطحالب. ويدخل ضمن هذه الاحتياطات نوافير مياه متعددة مضاءة ليلاً، ومضخات لتوليد تيارات مائية دائمة، فضلاً عن زراعة النباتات التي تحد من انتشار الطحالب، وقد قسمت البحيرة إلى منطقتين إحداهما يتاح فيها ركوب القوارب والأخرى تمثل تكويناً طبيعياً، حيث يتوقع أن تستقطب البحيرة مع المسطحات الخضراء في المنتزه الطيور المحلية والمهاجرة، ويحيط بالبحيرة ممر مشاة دائري ومسقوف بعرض عشرة أمتار وطول كيلو متر، يمر عبر معظم أرجاء المنتزه. كما يضم المشروع منطقة التلال التي تقع في الوسط وتتكون غالباً من مسطحات خضراء، إضافة إلى منطقة البيئة الطبيعية التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المنتزه، وهي مخصصة لتوفير بيئة طبيعية لأنواع مختارة من الحيوانات والطيور التي تعيش في المنطقة، وسيكون الدخول لهذه المنطقة عبر مرشدين مخصصين لخدمة الجمهور، وتعريفهم بموجودات هذه المنطقة.
وسيتم تزويد المنتزه بأربع مصليات، ودورات مياه، ومحلات لبيع التذاكر والمأكولات الخفيفة، وثلاثمائة موقف للسيارات، كما سيحيط بالمنتزه من الخارج ممر فسيح، وآمن لممارسة رياضة المشي، وسيغذي المنتزه بالمياه الكافية من خلال المياه الأرضية من طريق الملك فهد التي ستمر عبر محطة تنقية في الموقع قبل ضخها في البحيرة أو في شبكة الري المتكاملة للأشجار والمسطحات الخضراء في الموقع.
وتولت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض القيام بتخطيط المشروع والإشراف على تصميمه وتنفيذه، حيث تقوم الفكرة الأساسية للمشروع على إيجاد منتزه عائلي متعدد البيئات، يخدم زائريه بقضاء أوقات ممتعة من خلال تزويد المنتزه بالمسطحات الخضراء، واحتياجات المرافق العامة وملاعب الأطفال، كما ينتظر أن يخدم المنتزه البيئة العامة للمدينة بزيادة الرقعة الخضراء، وايجاد محيط بصري من التكوينات الطبيعية تخفف من حدة مظاهر العمران والكثافة المرورية في المنطقة، كما ينظر للمشروع كجزء مكمل ومتناسق مع برامج الهيئة التطويرية في منطقة قصر الحكم بمراحلها الثلاث أو المشاريع الأخرى التي أشرفت وتشرف عليها الهيئة، كإنشاء المحكمة الكبرى، ومقر الدفاع المدني، وحالياً مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم.
وقد اعتبر في التصميم الاستفادة من العناصر القائمة، فأبقيت مزرعة النخيل، وأضيف إليها أشجار أخرى، كما وضعت تصورات أولية للإفادة من المنشآت العمرانية في الموقع، التي على الرغم من كونها مبنية على الطراز الحديث إلا أنها قديمة وتتمتع بتصميم فريد وإمكانية عالية لتحويلها إلى مركز ثقافي يستوعب عدداً من الأنشطة الثقافية التي أخذت تتزايد في السنوات الأخيرة.
كما روعي في تصميم المنتزه الذي تشكل المسطحات الخضراء جزءه الأكبر، أن تكون لدى هذه المسطحات والمزروعات القدرة على النمو والتكاثر في ظل الظروف الصحراوية لمدينة الرياض، ويأتي هذا المشروع متكاملاً مع طريق الملك فهد، حيث يساهم المنتزه في زيادة المسطحات الخضراء على جانبي الطريق مما يخفف من مصادر التلوث المنبعث من السيارات التي تعبر الطريق. كما يساهم نظام المياه الأرضية في طريق الملك فهد المكون من حوالي ألف بئر في توفير مصدر مياه كاف ومتدفق لري المسطحات الخضراء في المنتزه وتزويد البحيرة الصناعية فيه.
وقد حرصت الهيئة أن يقدم المنتزه باقة منوعة من المرافق المتعددة التي تسمح لمرتاديه بمزاولة أنماط مختلفة من الأنشطة الترويحية من الألعاب المائية إلى الألعاب الرملية، إلى مضامير المشي، إلى النوافير والتكوينات المائية فضلاً عن البيئات الطبيعية المتنوعة، والحياة الفطرية التي سيستقطبها المنتزه.
|