|
|
قد يبدو مفهوماً وجود إرهابيين في العالم المعاصر، ذلك أن للإرهاب طفرات مجتمعة على مر التاريخ. وهو نوع من الإجرام لا يصح التعجب من وجوده في المجتمع الإنساني، ما دام هناك إمكانية لوجود مجرمين. ولا اعتقد أن زماناً أو مكاناً قد خلا من وجود مجرمٍ ما، وبذلك فإمكانية تشكل فكر منحرف وسلوك إرهابي مشين تعد قضية واضحة وممكنة، وبالمقابل قد يبدو رفض المجتمع الإنساني (أي مجتمع) لنشاط الإرهاب والإرهابيين رفض مبرر ومقبول جداً. ولعل ما ينتج عن هذه المقابلة بين إمكانية وجود الإرهاب في المجتمع الإنساني من ناحية، ومن ناحية ثانية، رفض هذا المجتمع للإرهاب جملة وتفصيلاً هو حتمية ضرورة أن يعيش الناس في أمن واستقرار، ليتمكنوا من عمارة الأرض، وليتاح لهم أن يتعارفوا وفق منظومة اتصالية سلميّة الأصل أن تنشدها جميع المجتمعات. لكن الأخطر - في فكر الإرهاب وسلوكه - أن يكون عربوناً لفكر وسلوك آخرين متسترين تحت مظلة الإرهاب التي هي - مع بشاعة الإرهاب وقبحه - أكثر منه بشاعة وقبحاً. قد يكون مشروعاً أن نطرح تساؤلاً حول الغاية من أعمال العنف والإرهاب التي يراد لها الظهور في مجتمعنا السعودي؟ مهما كانت أشكالها، ومهما كانت الكيانات الفردية أو المؤسسية التي تغذيها، إنني لا أعتقد أن الإرهاب الذي نواجهه هو غاية بحد ذاته، بل من الممكن والمستساغ أن تكون كل أعمال الإجرام والعنف وسيلة لغايات لا يعرف تفاصيلها إلا مريدي الاختراق أنفسهم، ولكن لعل من أهم مركباتها الظاهرة دفع الجهات المعنية في المجتمع - سياسياً وأمنياً - إلى مهلكة ردود الأفعال، لتُهتك بذلك أستارٌ عديدة في المجتمع وتتسع رقعة الإرهاب والعنف من جديد، وتبدأ بذلك رحلة أخرى قوامها جني أقطاب الإجرام والعنف والإرهاب ثمار هذا العنف - الذي نعيشه اليوم - وهي الثمار التي لن ينالها آثم من هذا البلد الآمن، بإذن الله. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |