كتب الأستاذ محمد بن عبدالله الحميد في جريدة الوطن في عددها (1164) الصادر يوم الأحد 13 شوال 1424هـ/ 7 ديسمبر 2003م مقالاً في زاويته من وحي الوطن أشار فيه إلى كتاب الدكتور محمد آل زلفة (دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتأثيرها على مقاومة بلاد عسير ضد الحكم العثماني) وعلّق على النص القصير الذي ورد في الكتاب عن غالية البقمية قائلاً: «كم من (الغاليات) في وطننا الغالي أسدل مآثرهن الستار.. وطواهن النسيان من مؤرخين مزمتين لا يرون للمرأة قيمة ولا قدرا وبخاصة في العصور المتأخرة... والكرة الآن في مرمى أبناء تربة النجباء وننتظر من أحدهم التصدي لهذا الموضوع وتسليط الأضواء على الجدة البرزة (غالية) وهل حقيقة أم أسطورة؟!»
انتهى كلام الأستاذ الحميد، وإن كنت اتفق معه فيما ذهب إليه من تجاهل مؤرخي التاريخ الحديث في تاريخنا المحلي من ذكر المرأة مقارنة بمؤرخي العصور الإسلامية الأولى، إلا أنني كنت اعتقد أنه وقف على شيء من دراساتي عن المرأة، فكتاب «نساء شهيرات من نجد» والذي نشرته دارة الملك عبدالعزيز بالرياض، حوى ترجمة لاثنين وخمسين امرأة اختلف اسهامهن في المجتمع، وعُد البعض ممن كتب عن الكتاب الطبعة الأولى لدراسات المرأة التاريخية في المملكة.
وكذلك هناك كتاب «إسهام المرأة في وقف الكتب في منطقة نجد» الذي يبرز إسهام المرأة بهذا العمل الخيري، وكذلك دراسة «فاطمة السبهان حياتها ودورها في إمارة آل رشيد» التي وضحت الإسهام السياسي لتلك المرأة الفذة الصلبة التي عدت أول امرأة تمارس العمل السياسي في نجد، وكذلك دراسة «وقفية للأميرة سارة بنت الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي» وفيها كشف النقاب عن دور ابنة الإمام عبدالله الخيري في المجتمع، وأخيراً دراسة «الأميرة نورة بنت الإمام عبدالرحمن بن فصيل» وفيها أبرزت مآثر هذه الأميرة الجليلة التي طارت شهرتها في كل أصقاع الجزيرة العربية.
أما عن غالية التي تحسر الأستاذ الحميد بمرارة عن اهمال ذكرها، فقد تصديت لها بدراسة مطولة في حوار ينشر اعتقد جازمة أنها الأولى من نوعها، فهي تشمل ضمن ما تشمل اسمها كاملاً، وأبنائها، واحفادها، وزوجها، توضح كيف آل لها أمر تربة بعد وفاة زوجها، والظروف التي هيأت لها تبوأ تلك المكانة، ثم حروبها مع جيوش محمد علي انتهاء بوفاتها.
ومن المهم أن أشير إلى صعوبة مثل هذه الدراسات ابتداءً من نساء شهيرات من نجد إلى غالية البقمية، فالمعلومة عن المرأة غير متوافرة في جل المصادر، بل إنها إذا وجدت فهي تقرأ من خلف السطور، أو أن تكون مبهمة، أو ناقصة وبالتالي فهي بحاجة إلى كثير من التركيز للاستنتاج والتحليل.
وفي كل الأحوال فإن الدراسات عن المرأة العربية المسلمة هي قليلة وضعيفة فقد أسهمت في التاريخ العربي الإسلامي بالشيء الكثير، إلا أن ما كتب عنها قليل جداً، وعليه فإن الأمر يحتاج إلى عناية واهتمام من أقسام التاريخ في الجامعات.
ولعل مركز سارة السديري لدراسات المرأة في دارة الملك عبدالعزيز يتولى جانباً من هذه المسؤولية ويعمل على إصدار دراسات موجهة توفر المعلومات عن أعلام النساء في الجزيرة العربية على مدى التاريخ.
|