احتضنت إمارة الشارقة منذ ايام معرض الكتاب الدولي في الدورة الثانية والعشرين برعاية من سمو الشيخ د. سلطان القاسمي الذي جمع بين الخصال الحميدة والعلم والثقافة فحول إمارة الشارقة إلى منارة علمية وظاهرة ثقافية تهوي إليها الأفئدة من كل مكان في صورة مشرقة تلتقي فيها حضارة الماضي وأصالته بمقومات التطور وأسس بناء المستقبل الزاهر فاستحق عن جدارة الفوز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وأعلنت دائرة الثقافة والإعلام بالإمارة اختيار دارة الملك عبدالعزيز لتكريمها، بإجماع اللجنة المنظمة، تقديراً لجهودها في مجال النشر الثقافي الأصيل وتميزها بين دور النشر العربية واعتزازاً بمنشوراتها ورسائلها وجهودها في حفظ التراث وخدمة الباحثين.
والتكريم في هذا الملتقى الثقافي العربي يؤكد ما حققته الدارة من نجاح في البحث العلمي ونشره وما تحظى به من مكانة متميزة بين المراكز العربية المتخصصة، وكل ذلك بفضل الدعم السخي من رئيس مجلس الإدارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- وجهود الأمين العام للدارة الدكتور فهد السماري، الذي أعطاها بكل صدق المكانة اللائقة بعد ما ملأت منشوراتها وإصداراتها المكتبات العالمية والمعارض الدولية.
وقد احتفلت بمناسبة إكمالها ثلاثين عاماً من النجاح وتدشين المرحلة الثانية لمشروع حفظ المصادر التاريخية ومشروع شبكة المعلومات التاريخية الوطنية الإلكترونية في 25 شعبان/ 1424هـ تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- الذي يسير على خطى خادم الحرمين الشريفين في دعم هذه الثروة العلمية التاريخية، ولا أدل على ذلك من كلمته أمد الله في عمره قبل عشرين عاماً وفي شهر رجب 1404هـ التي تلقاها معالي رئيس مجلس إدارة الدارة آنذاك الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وأعرب فيها عن شكره وتقديره لما يبذله معاليه والعاملون في الدارة من مجهود طيب في سبيل نشر العلم والمعرفة وفي عام 1406هـ تلقى أيضاً معاليه برقية شكر وتقدير لما يبذله العاملون في الدارة، وقال فيها: إننا نرجو للدارة الاستمرار لتعطي المزيد من العطاء العلمي الذي يعطي صورة صادقة عن تاريخ الملك عبدالعزيز- رحمه الله- وتاريخ المملكة العربية السعودية، وفي عام 1422هـ حظيت الدارة مجدداً بإشادة من خادم الحرمين الشريفين وذلك في برقية تلقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وجاء فيها: (إننا نشكر سموكم على هذه الهدايا القيمة مقدرين لسموكم وكافة منسوبي الدارة ما يبذله الجميع من جهود طيبة في سبيل اكتساب المزيد من العلم والثقافة والمعرفة).
وقد بزغ فجر دارة الملك عبدالعزيز على يد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله- واختير الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير المعارف آنذاك ليتولى مسؤوليتها وتحقيق أهدافها حيث رفع إلى المقام السامي خطابه الرقم 2/4/1/9901، المؤرخ في 22/10/1388هـ وجاء فيه: «فقد اعتزمت هذه الوزارة في ظل جلالتكم إنشاء دارة للبحوث التاريخية تحمل اسم المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، على أن تكون هذه الدارة مركزاً للجنة البحوث التاريخية عن جزيرة العرب عامة، وعن دعوة الإصلاح الديني فيها وعن الدولة السعودية منذ تأسيسها في منتصف القرن الثاني عشر الهجري خاصة، وصدرت موافقة المقام السامي على إنشاء الدارة في خطاب الملك فيصل ذي الرقم 6133/3 وتاريخ 15/3/1391هـ وفي عام 1417هـ بدأت الدارة مرحلة التطوير الشاملة وكانت الركيزة الأساسية لهذا التطور صدور الموافقة السامية الكريمة رقم 206 في 28/12/1417هـ بإعادة تشكيل مجلس الإدارة، وتشرفت الدارة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان لمجلس إدارتها داعماً مسيرة تحقيق أهدافها في ظل ما يتوافر في سموه من معرفة وثيقة بالتاريخ وشخصياته وتفاصيله، وكانت المئوية المباركة وكان حضور دارة الملك عبدالعزيز مميزاً بمشروعاتها ومطبوعاتها، ومن أهم مشروعات الدارة ما يلي:
1 - مجلة الدارة: وهي إصدار يحقق مهمة الدارة الرئيسة (البند السادس) في خدمة تاريخ المملكة العربية السعودية وجغرافيتها وآدابها وآثارها. وقد صدر منها وهي تحتفل بعامها التاسع والعشرين مئة وستة عشر عدداً وظهر كشاف يخدم الباحثين في الحصول على مادتها العلمية التي تميزت بتنوع الموضوعات والتحكيم العلمي المميز حفاظاً على تاريخنا وتراثنا وهويتنا الاصلية.
2 - مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة:
وهي عبارة عن مكان يحتوي المجموعات النادرة للملك عبدالعزيز انطلاقاً من حرصه على القراءة والاطلاع والدوريات التي يزيد عددها على ثلاثة آلاف كتاب وقد وجه خادم الحرمين الشريفين بترميم الكتب وإعادة تجليدها وتزويدها بكل ما يعكس اهتمام الملك عبدالعزيز من شواهد وعبارات وتوقيعات.
3 - مركز توثيق تاريخ الأسرة، وهو مركز يهتم بتوثيق جميع المعلومات التاريخية الخاصة بأفراد الأسرة المالكة الكريمة وإصدار شجرة النسب وتحديثها أولاً بأول بناء على الموافقة السامية ذات الرقم 7/5/16837 وتاريخ 10/12/1421هـ.
4 - مركز التاريخ الشفوي، وهو مشروع تبنته الدارة عام 1416هـ يتولى مسح المصادر التاريخية والوثائق والمخطوطات والأماكن والآثار والشهادات الشفوية، وتم تكليف فريق من العاملين والمتخصصين المتعاونين بزيارة مناطق المملكة والإدارات الحكومية وتسجيل اللقاءات الشفوية مع المعمرين والمشاركين في مرحلة التأسيس والبناء وتصوير الوثائق والمخطوطات والمواقع التاريخية والأثرية، وزود هذا المركز بالأجهزة المتطورة التي تساعد على الحفظ والتدوين.
5 - قاعة الملك عبدالعزيز التذكارية: وهي متحف تظهر أهميته في حفظ نماذج المقتنيات الملكية التي تروي قصة جهاد الملك المؤسس والصور النادرة وكل ما يخصه من الأسلحة والهدايا والأجهزة والسيارات والمعاملات والوثائق والخرائط.
6 - مركز الوثائق والمحفوظات، وكان بناء على توصية المؤتمر الأول للأدباء السعوديين الذي عقد في مكة المكرمة في عام 1394هـ فيما طالب بإنشاء مركز وطني للوثائق والمخطوطات، وصدرت الموافقة السامية بخطاب ذي رقم 28087، وتاريخ 15/9/1394هـ وبدأ جمع هذه الوثائق من المراكز العلمية والأرشيفات والشخصيات داخل المملكة وخارجها وتضم وثائق محلية وعربية ووثائق بريطانية ووثائق عثمانية وأمريكية وألمانية وفرنسية وهولندية وإيطالية وهندية وروسية. وضم هذا المركز ما يزيد على أربعة آلاف مخطوط بنهاية عام 1424هـ في مختلف الموضوعات والتخصصات وقسماً خاصاً للأوراق الخاصة وقسماً للترميم، يقدم خدمات مجانية، للمواطنين الراغبين في ترميم رسائلهم ومخطوطاتهم ووثائقهم.
7 - مركز نظم المعلومات الجغرافية الذي تولى إعداد الأطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية ويحتوي على 118 خريطة في 280 صفحة توثق أهم الأحداث التاريخية التي شهدتها الدولة السعودية بمراحلها المختلفة.
8 - مركز الحاسب الآلي لقواعد المعلومات التي تشمل موسوعات الإعلام وسجل أحداث المملكة في مائة عام وجريدة أم القرى ويتولى هذا المركز متابعة مواقع الدارة على شبكة خدمة المعلومات (الإنترنت) www.darah.org.sa وتزويد هذا الموقع بالمجلة وإصدارات الدارة ومشروعاتها أولاً بأول، وإصدار نشرة المربع في موقع الدارة كل ثلاثة أشهر.
9 - أرشيف الصور والأفلام التاريخية، وقد تولى هذا المركز إصدار فيلمين وثائقيين عن الملك عبدالعزيز منذ أن أسترد الرياض إلى وفاته - رحمه الله - ويعمل على إصدار أفلام وثائقية أخرى تبين دور الأئمة الملوك في الإنجازات الوطنية والقومية والإسلامية والعالمية، وتصحيح الأغاليط بالوثيقة والعرض من خلال التعاون مع عدد من المراكز التاريخية الوثائقية في عدد من دول العالم واللقاء بالشخصيات المحلية والعالمية التي تشهد على كل هذه الأحداث من التأسيس إلى الإنجاز، وقد تبنت الدارة مشروع توثيق سيرة الملك عبدالعزيز من خلال كل ما كتب عنه في الصحافة العربية والأجنبية في عهده - يرحمه الله -.
10 - مكتبة الدارة التي تشمل جميع أوعية المعلومات من كتب ومقالات وبحوث ورسائل علمية وتقارير وصحف ودوريات ولا غنى عنها لأي باحث في التاريخ.
11 - إدارة البحوث والنشر، ومهمتها نشر البحوث المحكمة والكتب والإشراف على إصدار كل ما يتعلق بالتاريخ الوطني، وشمل نشاط هذه الإدارة إصدار أكثر من خمسة وعشرين كتاباً بمناسبة المئوية المباركة إضافة إلى تقديم المعلومة الصحيحة إلى كل باحث من خلال المراجعة للمؤلفات ذات العلاقة بالمملكة العربية السعودية المقدمة للنشر والإشراف على الموسوعات العلمية التالية:
(مشروع حفظ المصادر التاريخية والوطنية، مشروع موسوعة الإعلام، مشروع موسوعة أحداث المملكة العربية السعودية في مائة عام، الكشاف التحليلي لجريدة أم الرقى 1343-1373هـ).
ولم يقتصر عمل دارة الملك عبدالعزيز على هذه الجوانب المهمة بل تجاوزه إلى تشكيل لجنة علمية متخصصة تضم نخبة من العلماء وأساتذة الجامعات تتولى الإعداد للمؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية ومراجعة سياسات النشر، وإقامة المعارض التي تعرف بمصادر التاريخ وطريقة حفظها، وأهمية الوثائق والمخطوطات والخرائط، وتتولى الدارة كل عام إقامة نشاط ثقافي يشمل المحاضرات والندوات المتعلقة بتاريخ الوطن وجغرافيته وأحداثه. كما أنها تتبنى سياسة إعلامية متطورة للتعريف بأنشطة الدارة ومن ذلك النشرة التاريخية المميزة:
وما تكريم معرض الشارقة الدولي لهذه المؤسسة الحكومية إلا تكريم للوطن وللتاريخ والبحث العلمي الأصيل ودليل على النجاح الذي بذله المسؤولون فيها خدمة للتاريخ والتراث والأسرة المالكة، وبهذه المناسبة نرفع أسمى آيات التهاني بهذه المناسبة لمقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز المشرف على الدارة ومشروعاتها ولا ننسى المجهود الكبير الذي يبذله الأمين العام د. فهد السماري وفريق الدارة لإبراز هذه المؤسسة الوطنية إلى العالم الخارجي وإعطاء صورة مشرقة لما يجب أن تكون عليه المؤسسات الحكومية والمراكز العلمية والأكاديمية.
والله من وراء القصد
* الإمارات العربية المتحدة
Email:
|