أثبت الاحصاء ان نصف حوادث الطائرات إنما يقع أثناء الهبوط على أرض المطار ولما أصبحت الشركات تستخدم على خطوطها طائرات عملاقة تستوعب 350 مسافرا فلا حاجة إلى الذكر ان كل حادث من حوادث الطائرات أصبح كارثة من الكوارث!
واستند الاختصاصيون على هذه الوقائع لاستنباط وسيلة تيسر للطائرة ان تهبط هبوطا آليا من غير حاجة إلى الرؤية أي من غير حاجة إلى الملاح.
ومن الوجه النظري سيتم الهبوط بمنتهى الأمان لو استطاعت الطائرة ان تهبط بمعزل عن الأحوال الجوية وكائنا ما كان الطقس. ولو تيسر ذلك لأصبح النقل الجوي في أعلى مراحل الازدهار ففضلا عن الكوارث البشرية الحاصلة عن حوادث الهبوط، لم تزل هذه التجارة عرضة لخسائر مادية جسيمة لأنها كثيرا ما تلغي السفر أو تغير مواعيده وتحول طائراتها إلى مدن أخرى ريثما يتحسن الجو فوق المطار المقصود، إلى غير ذلك من بلبلة واضطراب.
كيف تهبط الطائرات في الساعة الحاضرة؟
لا طاقة للملاح بالهبوط في الساعة الحاضرة إلا ان كانت الرؤية «نحو الأسفل» ممتدة على مسافة 350 مترا في أدنى حد وان لم تتوفر له هذه الرؤية فلابد له من الصعود في الجو والتحول إلى مطار آخر أو محاولة الهبوط مرة ثانية على المطار ذاته. ويجرى الهبوط عامة على ارتفاع 30 مترا عن الأرض، وإذا نزل الملاح أدنى من ذلك فلا يسعه ان يعود ويرتفع بطائرته في الجو.
غير أن بعض الطائرات مجهز بآلات دقيقة تمكنها من النزول إلى 15 مترا والهبوط على أرض المطار حتى وان كانت الرؤية لاتتجاوز مسافة 130 مترا وهذه حال طائرة كارافيل الفرنسية مثلا.
ولاشك ان هذا الأسلوب يخفض نسبة الحوادث إلا انه لا يوفر للطائرة كل أسباب الأمان المطلوبة ولذلك يشتغلون الان في المخابر الكبرى بطريقة هبوط الية تماما ولا يحتاج فيها الملاح إلى الرؤية.
وقد جربوا بعض الأساليب فلا حظوا كثيرا من الاخطاء ومنها ان حركة الطائرات المتواصلة في المطارات تعطل الهبوط الآلي المستند على المبدأ التالي: تنبعث من الطائرة إلى أرض المطار حزمة موجات صوتية ثم لا تكاد تصطدم بالأرض حتى تعود إلى الطائرة الهابطة وتهديها إلى موقع الهبوط غير ان هذه الموجات لا تميز بين أرض المطار وسائر الطائرات الرابضة فيه أو المتحركة استعداداً للاقلاع!
كما انها لا تشير إلى وجود طبقة من الثلج على أرض المطار وكذلك يندر ان تنعكس الموجات على طبقة ثلج تغطي مياه البحر أو البحيرات أحياناً فلذلك ينصرف اهتمام الاختصاصيين الآن إلى ابتكار طريقة للهبوط الآلي تمكن الملاح من تصحيح خط الهبوط حسبما انعكست الموجات الصوتية على أجسام متحركة أو ثابتة في أرض المطار.
وفضلا عن ذلك يحاولون الآن الاهتداء إلى أسلوب مانع لتصادم الطائرات فيما بينها على أرض المطار فقد تكاثرت حوادث الصدام منذ ان تكاثر عدد الطائرات في المطارات.
ففي مطار أورلي بضاحية باريس مثلا يسجل برج المراقبة «حركة» كل ثلاث دقائق اثناء النهار.
ويظن الاختصاصيون على الاجمال ان الهبوط الآلي لن يتوفر لهم تماما إلا في أواخر العقد ويرجحون ان الاستغناء التام عن الرؤية وعن الملاح سيصبح أمراً ميسورا حوالي سنة 1980.
|