بحزن ليس له آخر، ودمع لا تجففه الأيام وروح مكلومة بفقده، وأيام طويلة من الحداد، هكذا ومثل ومضة بارقه يرحل طلال الرشيد، نبيلاً شامخاً، يواجه موته الدراماتيكي، حياته القصيرة التي ملأها بكل طيب وفخر وفخامة، تسدل ستارها، وتضع النقطة الفاصلة الأخيرة في سجله الدنيوي، هناك بعيداً، غريباً، وحيداً، إلا من عمل الخير والابداع الشعري المتدفق.
هناك حيث اختلط على القتلة، هناك وضعوا نهاية لأجمل التجارب شعرية ونبلاً ورقياً وتهذيبا، هناك في البعيد والمنعزل ظن القتلة الذين أعادوا الإنسان لمرحلة الكهوف ومغاور الجبال، الذين أعادوا البشرية الى نقطتها الأولى وأكثر مراحلها توحشاً، إنهم إنما بفعلهم هذا قد أنهوا مسيرة هذا الشاعر والانسان المتفرد الذي قدر له الاختلاف في كل شيء شعرياً وانسانياً، هناك كما يسقط الكبار سقط طلال الرشيد، برصاصة أو بقنبلة، بكمين أو بلغم، كل ذلك لم يعد مهماً، ومهما كانت الوسيلة، فطلال كان كبيراً بموته، كان أكبر من أسلحتهم وأكبر من نواياهم المدببة المحروسة بظلمة الليل وترقب الطريد.
رحم الله طلال الرشيد فلم يكن إلا نسمة شعرية صادقة، وموقفاً رجولياً صلباً مع كل من احتاج إليه.
رحمك الله يا طلال..
فأي فقد جاءتنا به أخبارك..؟
|