تفاعلا مع ما كتبه د. أحمد الجبيلي في صفحة الرأي بتاريخ 16 شوال حول أوضاع أساتذة الجامعات التي اصطدمت بها طموحاتهم الكبيرة ومن هذه الأوضاع المميزات المادية التي يرى انها لا تشجع على الاستمرار في العمل بالجامعات أو في قطاع التعليم العالي بشكل عام وتجعل الأستاذ الجامعي يفكر كيف يعار لجهة أخرى، أو كيف ينقل خدمته بالكامل.. إلخ.
وبصرف النظر عن تحفظ البعض على المطالبة بهذه الزيادة باعتبارها مبنية على أساس ان للأساتذة الجامعيين وضعا خاصا، وهذا يعتبر دعوة إلى الطبقية وإلى انعزال الاستاذ الجامعي في برج عاجي بعيدا عن المجتمع بما لا يتفق ورسالة المعلم التعليمية والتربوية، اقول بصرف النظر عن ذلك، فإنه يمكن القول بصفة عامة ان أساتذة الجامعات في كل بلدهم بمنزلة العلماء أو هكذا يفترض ان يكونوا، والعلماء ما ينبغي ان يتركوا يفكرون في معاشهم والبحث عن مجالات أخرى لتحسين دخولهم، بل الذي ينبغي هو اكرامهم وتحقيق أفضل ما يمكن من مطالبهم المعاشية بصفة خاصة حتى ينصرفوا بكل جهدهم للعلم والتعليم، وان يبدعوا ما شاء الله ان يبدعوا في البحث والتحقيق كما كانت حال العلماء في أبهى عصور الخلافة الإسلامية، عندما كانت بعض أبواب أساتذة العلم مطلية بالذهب.
وإذا كان الطبيب القدير عملة نادرة فإن الأستاذ الجامعي القدير هو الآخر عملة نادرة، فالتدريس الجامعي يختلف عن غيره من مجالات التدريس الأخرى وهو مهمة عسيرة لا يصلح لها كل صاحب شهادة عليا، ولا حتى كل عالم لأنها موهبة تجمع بين القدرة على استنباط الحقائق الجديدة من خلال الاستقراءات والبحوث العلمية، وبين القدرة على ايصالها إلى الطلاب بأسلوب دقيق يقربها إلى المدارك والافهام.
أي ان البحث العلمي جزء لا يتجزأ من مهمة الأستاذ الجامعي وقد يأتي بالدرجة الأولى والتدريس بالدرجة الثانية، ثم ان الاستاذ الجامعي لا رقيب عليه في عمله سوى خالقه ثم ضميره ووظيفته، ومتى حاد عن هذا الطريق لم يعد استاذا ولا الحرم الجامعي بحرم.. وهذه الخصوصية للأستاذ الجامعي يفترض ان تجعله قدوة في الإخلاص وحسن التعامل واكبر من ان يفتخر بمركزه الاجتماعي أو يأتي زيادة في راتبه فيتعالى على طلابه أو أفواه مجتمعه.
واحسب اننا نشعر اساتذة الجامعات بالحرج عندما نضطرهم إلى المطالبة بأنفسهم بزيادة رواتبهم التي لها ما يبررها لأن الرواتب الحالية متدنية ولكن لانهم يستحقون افضل منها، واحسب ان هذا الموضوع هو الآن في مساره الصحيح بعد ان قرر مجلس الشورى الموقر إعادة النظر في هذه الرواتب.. فمبارك وعقبال المهندسين.
محمد حزاب الغفيلي/محافظة الرس
|