الواقعية في تحديد المقومات المطلوبة للنماء ميزة لابد من توفرها عند إعداد الميزانيات.. فالميزانية، شأن أي خطة حاذقة، لا بد أن تنظر للواقع بمعطياته، ثم تضع الموارد والمقومات المتاحة في خدمة المتطلبات.
هذا ما اتضحت معالمه في ميزانية الدولة التي تفضل بإعلانها أمس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز إبان ترؤسه - حفظه الله - لجلسة مجلس الوزراء، حيث وضحت الرؤية الواقعية في هذه الميزانية من خلال العبارات التي وردت في خطاب المليك، حيث أشار - أعزه الله - إلى أن هذه الميزانية تضمنت «.. استكمال البرنامج التنموي الذي يستهدف تحقيق مصلحة المواطن في مجالات التعليم والتدريب والصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات البلدية والمياه والصرف الصحي والطرق وتشجيع الاستثمار، لزيادة معدلات النمو الاقتصادي وفرص التوظيف، وتعزيز الأمن، وتحسين مستوى المعيشة..».
لكن ما تميزت به الميزانية - للمتعمق في قراءتها - هو عدم اكتفائها بواقعية الرؤية وحدها، بل اهتمامها بمواكبة الطموحات المتجددة، لبناء مجتمع تسوده كل مقومات الحضارة التي تليق بإنسان هذه الأرض.
ففي الجانب الرقمي بلغ حجم الميزانية مائتين وثلاثين مليار ريال، أي بزيادة عن ميزانية العام المالي 1423/1424هـ التي بلغت واحداً وعشرين مليار ريال، وهو ما يؤكد استمرار الطموح في المضي قدما نحو المزيد من سبل الرخاء والتقدم للوطن والمواطن.
كما أن ما أفاد به معالي وزير الثقافة والإعلام من أنه قد تم إعداد الميزانية - وفقاً للتوجيهات السامية - بالتركيز على متطلبات التنمية بجوانبها المتعددة مع إعطاء الأولوية للإنفاق على الخدمات التي تمس المواطن بشكل مباشر.. فإن صورة «الطموح» تصبح أكثر جلاء، لأن «متطلبات النماء» تعني الاهتمام بالطموح في مستقبل أكثر إشراقاً، كما أن الاهتمام ب«الخدمات» هو اهتمام بنوع الحياة التي يعيشها الإنسان، ليكون قادرا على المساهمة بقدرة وفاعلية في إدارة عجلة الإنتاج، والارتقاء بمستوى بلاده بعد أن توفر له التأهيل والتدريب الذي يمكنه من أداء دوره المطلوب بكل فعالية واقتدار.
إنه المزج الواعي بين المتطلبات والطموحات، وحين تمتلك الميزانية ناحية هذا المزج، فإنها بكل تأكيد قد اختارت المنهج الذي يليق بهذا الوطن، ويلبي تطلعات مواطنيه بأعلى قدر من الكفاءة والشفافية.
|