Tuesday 16th december,2003 11401العدد الثلاثاء 22 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
تعليم اللغة الإنجليزية
د. فارس محمد الغزي

الأخ المعلم إبراهيم مريشيد المطيري/ ثانوية المعتمد بن عباد يسأل عبر رسالة بريدية عن حقيقة الموقف الأصح في الجدل القائم بين أنصار ومعارضي تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية..، واستهلالاً أقول إن الإسلام لا شك يحث على تعلُّم اللغات. ونبراسنا في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «من تعلَّم لغة قوم أمن مكرهم».. كما لا يخفى أنه عليه الصلاة والسلام قد أمر أحد الصحابة - وأظنه زيد بن ثابت رضي الله عنه بأن يتعلَّم لغة اليهود فتعلمها.
بل إنك لو بحثت أخي إبراهيم في ثنايا تراثنا الخالد لوجدت العديد من الإشارات الحاثة على تعلُّم اللغات ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر قول الشاعر الجلّي:


بقدر لغات المرء يكثر نفعه
وتلك له عند الشدائد أعوان
فبادر إلى حفظ اللغات مسارعا
فكل لسان بالحقيقة إنسان

ومما يبدو فالشاعر في قوله (فكل لسان بالحقيقة) يشير إلى قول العرب تمثلاً: «كل لسان بإنسان».. واللسان هنا كناية عن اللغة وفي ذلك إشارة إلى ما تضيفه اللغة الأخرى إلى شخصية الإنسان من اتساع مدارك وخلاف ذلك إلى درجة أنها تضاعف له أو (تدبل..!!) إنسانيته.
أما رأيي في تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية فيتحدد حسب طريقة أو منهجية تعليمها حيث إن لتعليم هذه اللغة مناهج عدة ويصح القول إن تأثيرها يتحدد إن سلباً أو إيجاباً وفق طبيعة المنهجية المتبعة. وهناك على وجه العموم ثلاث طرق لتعليمها أولاها ما يعرف بالتعليم الثنائي (bilingual education) بمعنى التزامن كماً ونوعاً في تعليم اللغة الإنجليزية جنباً إلى جنب مع اللغة الأصلية..، أما الطريقة الأخرى فهي ما يُعرف بالغمر أو الانغماس: Immersion وفي هذه الطريقة يتعلَّم التلميذ اللغة الإنجليزية فقط في حين يتم إهمال لغته الأصلية..، أما الطريقة الثالثة فهي تعليمها بوصفها لغة ثانية أو أجنبية as a second or foreign language..، والطريقة الأخيرة هذه هي أقرب ما تكون إلى الوضع التعليمي القائم لدينا بخصوص تدريس اللغة الإنجليزية، كما أن هذه الطريقة كما تدل على ذلك الأبحاث العلمية هي الأسلم في حين تتعين الخطورة بالطريقتين الأوليين، عليه أعتقد علمياً أن تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية لا خطورة فيها البتة.
وفي الحقيقة أخي إبراهيم أعجبني وأتعبني ما أوردته مقتبساً من (بيان وتبيين) الجاحظ حيث نقلت قوله ما نصه: «واللغتان إذا التقتا في اللسان الواحد أدخلت كل واحدة منهما الضيم على أختها».. بمعنى أنه يصعب إجادة أي منهما في آن حيث تؤثِّر إحداهما سلبياً في الأخرى، فقد بحثت عن تعليل علمي لفرضية أبي عثمان الجاحظ وأعتقد أنني بعد بحث مضن قد وجدت ضالتي: ففي حال أن الجاحظ قد عنى الثنائية (والتزامنية) في تعليم اللغتين فهو على حق بما افترضه..، وهو محق كذلك في حال كان قصده تعلُّم التلميذ للغة أجنبية قبل تعلُّمه للغته الأم، حيث تدل الأبحاث العلمية الحديثة على خطورة تأثير ذلك في اللغتين.. أما ما عدا ذلك فليس هناك من سلبية تذكر على اللغة الأولى.
في الختام حري بمن يعارض تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية أن يسعى نحو محاربة العامية والتي هي في الحقيقة مصدر ومنبع الخطورة لا على ألسنة تلاميذنا فحسب، بل أيضاً على طريقة ونوعية التفكير السليم من قبل هؤلاء التلاميذ، والله سبحانه أعلم.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved