* الرياض فارس القحطاني:
لم يكن العطاء في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تحده أطر أو قوالب قد تكون عائقاً بفعل الدورة الوظيفية الوتيرية.. حث اختط معالي الوزير مناهج واستحدث آليات تزيد من روافد العمل الاجتماعي الذي تكفلت بكل دقائقه وتفصيلاته دولتنا الرشيدة وفقها الله ولم يدخر جهدا في متابعة هذه الآليات وتفعيلها، فكانت المؤتمرات والندوات والمهرجانات التي تخرج العمل الى آفاق يكون الفعل فيها حاسماً وفوريا وهو ما ترجمته مهرجانات وملتقيات سابقة.. لذا تولدت لدى معاليه فكرة إقامة المهرجان الأول لرعاية المعوقين فبدأها وأضاء شعلتها لتكون الانطلاقة التي ينتظرها كل من يحمل هم هذه الفئات التي لا تغيب عن ناظر أي منا أو خلده.. فكان لنا هذا الحوار مع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة.
* معالي الوزير.. رعاية خادم الحرمين الشريفين وافتتاح سمو ولي العهد حفظهما الله للمهرجان الأول لرعاية المعوقين وتأهيلهم تأكيد لما توليه الدولة من اهتمام بهذه الفئة وفي الوقت نفسه يعني المزيد من اضطلاع الوزارة بهذه الأمانة وسعيها الحثيث من أجل تقديم خدمة افضل مواكبة لما يستجد من تطورات في مجال خدمات المعوقين ورعايتهم، كيف يرى معاليكم هذه الرعاية وما تتطلبه نحو تحقيق الطموحات والتطلعات في المجالات ذات الصلة عامة ومجال رعاية المعوقين وتأهيلهم وتشغيلهم بخاصة؟
إن هذه الرعاية الكريمة من القيادة الرشيدة لهذه البلاد أعزها الله لفئة المعوقين وما تقدمه لهم على الدوام من دعم ومؤازرة واهتمام تمثل حافزا ودافعاً لكل العاملين في مجال خدمة المعوقين بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية أو الوزارات والمصالح الحكومية الأخرى والمؤسسات والجمعيات الأهلية المعنية بخدمتهم لتقديم أقصى ما لديهم من جهد للوصول الى عطاء يواكب ما تبذله وتسعى الى تحقيقه هذه القيادة وهو الارتقاء الدائم بما يقدم عبر المراجعة المستمرة والتقويم لكل ما طرح ويطرح من افكار وأعمال ومشروعات لرعاية المعوقين وتأهيلهم وتشغيلهم والعمل من أجل اختيار الأنسب الموافق لتطلعات الجميع والدولة بحمد الله هيأت سبل رعاية المعوقين وتشغيلهم والاستفادة منهم طاقات وظيفية منتجة، وذلك من خلال توجيه المعوق المتخرج في مراكز التأهيل المهني نحو العمل الذي يتفق مع ما حصل عليه من تدريب، وما يتوفر لديه من قدرات، إضافة الى احتياجات سوق العمل في البيئة التي سيعمل فيها المعوق، والسعي إلى ايجاد فرص العمل المناسبة للمعوق المؤهل قدر الإمكان بما يتواءم مع تخصصه المهني وطبيعة إعاقته عن طريق قنوات عدة في مواقع مختلفة؛ منها العمل في المصالح الحكومية. ويتم هذا بالتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية وفروعها القائمة في مختلف مناطق المملكة، وتولي الوزارة ترشيح المعوق للعمل المناسب له بعد تخرجه اهتماما خاصا وذلك في حدود الوظائف المتاحة، ومن هذه القنوات العمل في القطاع الخاص ويكون ذلك اذا رغب المعوق بالتعاون بين مراكز التأهيل وفروع مكاتب العمل التي تعنى بهذا الجانب، ويلزم نظام العمل والعمال كل صاحب عمل لديه (50) عاملا فأكثر تمكنه طبيعة العمل لديه من تشغيل المعوقين الذين تم تأهيلهم ان تكون نسبة 2% من مجموع عدد عماله منهم (والمقصود هنا بعبارة تمكنه طبيعة العمل لديه) هو ان لا تكون الأعمال الخاصة لدى صاحب العمل في مجملها شاقة ولا تتفق مع ظروف الإعاقة التي يعانيها المعوق).
وبطبيعة الحال فإن عملية تشغيل المعوقين في المجتمع بصفة عامة ولدى القطاع الخاص تحديدا تعتمد على درجة الوعي الاجتماعي بظروف المعوقين وآمالهم وتطلعاتهم. وهنا أدعو القطاع الخاص إلى أن يعطي هذا الجانب ما يستحقه من العناية والاهتمام على الرغم من التعاون الذي نلمسه لدى كثير من مؤسسات القطاع الخاص في الالتزام بهذه المسؤولية تجاه أبنائنا المعوقين الا أننا ننتظر المزيد. ومن اهم مجالات عمل المعوقين التشغيل عن طريق تنفيذ مشروع فردي وهذا الأسلوب قائم حاليا وتتجه الوزارة الى التوسع في تنفيذه، حيث يتيح نظام التأهيل بالمملكة إمكانية تنفيذ مشروع فردي بمعونة تقدم لمن يتم تأهيله من المعوقين وتنطبق عليه الشروط. وتمت تهيئة السبل اللازمة التي تحقق تفعيل هذا الأسلوب بما يجعله اكثر شمولاً ومردوداً.
* كيف يرى معاليكم أثر البرامج والأنشطة والفعاليات التي تقدمها الوزارة من خلال وكالتها للشؤون الاجتماعية لفئات المعوقين؟ وإلى أي مدى كانت استجابتهم لما يقدم لهم؟
الأنشطة التي يمارسها المعوقون تأتي على أكثر من صعيد ولتحقيق أكثر من هدف، من ذلك الأنشطة التأهيلية في المراكز؛ المتمثلة في مجموعة من البرامج كالعلاج بالعمل والعلاج الوظيفي وهذا النوع من التأهيل يركز بالدرجة الاولى على الانشطة الحياتية اليومية التي تنمي مدركات المعوق وتعرفه بالموجودات والاشياء من حوله وكيفية التعامل معها، ولا ننسى اهتمام مراكز التأهيل الاجتماعي والشامل والمهني بالأعمال والمشغولات اليدوية التي يبدعها المعوقون من أعمال خزفية ونجارة وصناعات جلدية وخياطة وتفصيل.. الخ وتقام بين الفينة والأخرى معارض خاصة بهذه المشغولات وبمنتوجات المعوقين من خلال مناسبات عدة، هذا إلى جانب النشاطات الموسمية لهؤلاء المعوقين والبرامج الترويحية لهم ومنها الزيارات المتعددة التي يقومون بها للتعرف على المعالم المهمة في مدنهم ومحافظاتهم حيث يخصص في الأعياد والمهرجانات والمناسبات برامج مكثفة لهذه الزيارات التي تشمل ايضا الأماكن الترفيهية والمتنزهات والأسواق، ولعلي اجدها فرصة هنا لأن أذكر بالشكر ذلك التعاون الذي نجده لدى بعض رجال الاعمال والموسرين الذين يقدمون التسهيلات الكبيرة والدعم لأبنائنا المعوقين في هذا الإطار لحد اسهم كثيرا في إنجاح هذه البرامج وإدخال السرور والبهجة في نفوس المعوقين وحقق قدراً من الدمج الذي نتجه جميعا إلى إيجاده. وقد يكون من اهم ما ينبغي الإشارة إليه الاهتمام الكبير بالجانب الرياضي، فهناك تعاون يعرفه الجميع بين الوزارة والرئاسة العامة لرعاية الشباب عن طريق الاتحاد السعودي لرياضة المعوقين، وقد حقق ابناؤنا المعوقون بفضل الله ثم بهذا الدعم نتائج جيدة ومراكز متقدمة في المنافسات الرياضية على المستويات المحلية والإقليمية والعربية والدولية، وفي سياق هذا الاهتمام فقد استحدثت ادارة عامة للبرامج والانشطة تتولى التخطيط لكل ما يتعلق بالمؤسسات والمراكز والدور الإيوائية من برامج وانشطة تساند العمل الاجتماعي وتهيئ سبل إنجاحه وقد آتت هذه الإدارة ثمارها في فترات وجيزة بفضل الله، وهذا يدلل على مدى الاستجابة بحمد الله.
* استثمار مراكز التأهيل المهني لقدرات المعوقين وتوظيفها وتحويلهم إلى أفراد منتجين قادرين على التفاعل البناء مع اقرانهم في المجتمع من خلال ما يتلقونه في الأقسام والمراكز التي تقدم برامج الرعاية المهنية لتأهيل المعوقين هل عزز ذلك من مقدرة هذه الأقسام على تأهيلهم التأهيل الصحيح لمواجهة هذه المسؤولية؟ ما هي الجهات التي تقدم هذا النوع من التأهيل؟
يوجد في المملكة مركزان للتأهيل المهني للذكور في كل من الرياض والدمام وقد تم مؤخراً تحويل مركزي التأهيل المهني للذكور وللإناث في الطائف الى مركزي تأهيل شامل احدهما للذكور والآخر للإناث، وهناك عشرة اقسام للتأهيل المهني في بعض مراكز التأهيل الشامل بمختلف مناطق المملكة، حيث يجري في هذه المراكز والاقسام تأهيل المعوقين والمعوقات في مهن متعددة، وأود ان اشير هنا إلى أن مهمة التأهيل المهني تم إسنادها مؤخرا للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني الذين تعاونوا مشكورين في تولي هذه المهمة ووضعوا الخطط والسياسات والترتيبات اللازمة والاستعدادات لاستقبال المعوقين الصالحين للتأهيل المهني، ونأمل أن يتحقق من خلال هذه الخطوة البناءة كثير من الأهداف التي تسهم في الرفع من مستوى تأهيل المعوقين وتدريبهم وتشغيلهم وتؤدي الى تحقيق الدمج الاجتماعي لهم، وفيما يتعلق في قدرة هذه الاقسام والمراكز على تأهيل المعوقين أود ان اشير هنا إلى ان التأهيل المهني مبني على استراتيجيات تتواءم الى حد كبير مع نوع الإعاقة لدى المعوق ودرجتها والقدرات التي يتمتع بها بما يتسق وأداؤه للمهنة التي يتدرب عليها وهو ما يجعل النجاح في التأهيل متحقق بعون الله يضاف الى ذلك ما لدى معظم المعوقين من إصرار على تحدي الإعاقة وتجاوزه وتحقيق قدر كبير من النجاح.
* ما هي خطط الوزارة المستقبلية لتوفير الكوادر البشرية المتخصصة في مجال الإعاقة؟
ليس من قبيل المبالغة إذا قلت ان المراكز والدور والمؤسسات الاجتماعية تحظى بمجموعة متميزة من العاملين في الجانبين الفني والإداري الذين يتفانون في خدمة الفئات الضعيفة والمحتاجة التي تستهدفها الوزارة وفي رعايتها وتلمس احتياجاتها، ومرد ذلك بالدرجة الأولى هو ما يتنامى لدى هؤلاء العاملين في الحقل الاجتماعي من إحساس بالمسؤولية ومن وهج إنساني فاعل تثيره وتؤججه الحالات التي تعرض لهم يوميا وينعكس اثر ذلك سعيا حثيثا الى كل ما من شأنه الاخذ بأيدي هؤلاء المحتاجين ومساعدتهم لتجاوز محنتهم وتخطى الآثار المترتبة على ما ابتلاهم الله به، وهؤلاء العاملون والعاملات في الميدان الاجتماعي هم قبل هذا وذاك يبحثون عما اعده الله لهم ولمن يعمل معهم في هذا المضمار الخير من الاجر والمثوبة حيث ان الغالب من هؤلاء لا يتعامل مع هذه الحالات ومع متطلباته العملية على انه موظف يؤدي واجباته الوظيفية ليتقاضى مرتبه نهاية كل شهر وحسب، بل إنه يعمل بمشاعره وأحاسيسه الإنسانية وبهذه الروح التي تنطوي على كثير من نكران الذات، ويؤكد هذه النظرة التي نلحظها لدى شرائح كثيرة في حقل العمل الاجتماعي وهي ما يميز مجتمعنا المتعاضد المتكافل يؤكدها ما يؤديه كثيرون في الجمعيات الخيرية وفي المجالات التطوعية المختلفة ويتفانون في تقديمه، ووفق هذا المعيار يتم اختيار وتعيين كل من يتقدم للعمل في هذا الميدان الاجتماعي من المؤهلين المتخصصين.
* تشرف الوزارة على عدد من اللجان الموجهة لخدمة المعوقين، مثل لجنة تنسيق خدمات المعوقين. واللجنة المشكلة لوضع خطة وطنية إعلامية تهدف إلى التعريف بأنواع الإعاقة وطرق التعامل معها والوقاية منها، هل يتفضل معاليكم بإلقاء الضوء على ما تم إنجازه من قبل تلك اللجان؟
تم تنشيط عمل لجنة تنسيق خدمات المعوقين وفاعليتها حيث تمت إعادة تشكيلها وأدت مهام مؤثرة وتقدمت بمشروعات استشارية جيدة وكان لها إسهامات بارزة في كثير من الأعمال الفنية والإدارية الخاصة بوكالة الشؤون الاجتماعية والمتصلة بالمعوقين. اما فيما يتعلق بالتعريف بأنواع الإعاقة وطرق التعامل معها والوقاية منها فقد وضعت الوكالة إطاراً عاما لإستراتيجية وطنية إعلامية لهذا الغرض وشكلت لجنة خاصة بذلك وفق ما ورد في الفقرة (ه) من القرار المذكور وقدمت مجموعة من البرامج وبذلت جهودا إعلامية منها ما نفذ ومنها ما هو في طريقه الى التنفيذ، ومن تلك الجهود مشاركتها الفاعلة في الرأي والمشورة لما نعيشه الآن بانعقاد المهرجان الأول لرعاية المعوقين وتأهيلهم الذي حظي برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله.
|