Tuesday 16th december,2003 11401العدد الثلاثاء 22 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
رحلة الألف ميل بدأت بقفزة! (2)
شاكر سليمان شكوري

مؤسسة الفكر العربي التي لم تكد تكمل العام الثاني من قيامها، ولا حتى أكملت عامها الأول منذ استقر كيانها في مقرها بالعاصمة اللبنانية، لم يكن أحد يتوقع أن تبدأ رحلة الألف ميل بقفزة هائلة على نحو ما رأينا، أما الرحلة فهي في اتجاه تحقيق حلم التضامن العربي، وأما القفزة فهي محصلة النجاح التراكمي لمسيرة المؤسسة انطلاقاً من طرح فكرتها في بيروت (مايو 2000) مرورا بالاجتماع التأسيسي في القاهرة (يونيو 2001) إلى إشهارها في بيروت (أكتوبر 2001)، ثم مؤتمرها السنوي الأول في القاهرة (أكتوبر 2002)، ثم افتتاح مقرها في بيروت (يناير 2003) وحتى مؤتمرها السنوي الثاني في بيروت الشهر الحالي تحت عنوان «استشراف المستقبل العربي».
وإذا استرجعنا فلاش باك بداية التكوين الذي سبق الانطلاقة سوف نجد سمو الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة يضرب صفحاً عن تحذيرات كثيرة نصحته بعدم السير في هذا المشوار الذي كدَّ من سَلكه إلى حد الإحباط والنكوص، ولم ييأس بل سارع إلى تلبية نداء فريق الأقلية على الضفة الأخرى يناديه: نحن معك فهيا بنا نحاول!
صحيح أن الأمير حمل عبئاً استثنائياً على حساب وقته وفكره بل وماله أيضاً، لكن الصحيح أيضاً أنه نجح في تكوين خلية عربية تجمع بين الفكر والمال وتعمل في منظومة واحدة قابلة للنمو والتطوير من أجل تحقيق الهدف. والصحيح كذلك أن المؤسسة نجحت في تنظيم مؤتمرها السنوي الأول في القاهرة، وتأسيس نمط من الحوار الحضاري العربي البيني والعالمي، وأن الرحلات المكوكية أحياناً التي قام بها سموه إلى العواصم العربية لشرح فكرة المؤسسة وأهدافها على مستوى القمة وعلى مستوى القاعدة الجماهيرية من خلال اللقاءات المباشرة مع القيادات والتجمعات الفاعلة، واللقاءات الاعلانية مرئية ومقروءة ومسموعة، هذه الرحلات قد أثرت تأثيراً بعيداً في وجدان الساحة العربية والدليل على ذلك هذا الحشد الكمي والنوعي الذي شهده مؤتمر بيروت مؤخراً للمؤسسة، رغم وجود أكثر من مؤتمر آخر في المكان نفسه والزمان ذاته.
ولاشك ان إقبال النخب غير المسبوق على الحضور والمشاركة في مؤتمر المؤسسة، سواء على المنصة متحدثين ومعلقين ومنسقين أو في القاعة وما شاركوا به من حوارات رصينة أثبتت أن الجالسين في موقع النظارة ليسوا ببعيد عن أولئك الذين على المنصة، فالحضور من الجانبين كان كثيف الكم والكيف. وبصرف النظر عن المداخلات التي عادة ما تبتغي مجرد الحديث المكرور وهي قليلة، فيما طرح. فإن المنصة كانت تتلقى في الجلسة الواحدة عشرات الطلبات للمداخلة دون أن يسمح الوقت بإعطاء الجميع الفرصة، فيكتفي بأسئلة مختارة حسب ترتيب دورها للمنصة والشكوى من شح الوقت كانت غالبة بين صفوف الجميع حتى على المنصة. لأن بحثاً معداً في شهور طويلة لم تكن الدقائق العشر المتاحة لكل باحث كافية لعرضه وتلك الدقائق الخمس المتاحة لكل معلق لم تكن تسعفه لطرح فكرته، خاصة أن بعض منسقي الجلسات واللقاءات كانوا ينسبون الالتزام بما يلزمون به الآخرين ويستغرقون في الحديث بأكثر مما ينبغي. ربما كان ضيق الوقت بسبب إصرار المؤتمر على طرح كل الملفات الداخلية والخارجية دفعة واحدة للنقاش تمهيداً لطرحها للحوار الموسع واحدة بعد الأخرى عناوين للمؤتمرات السنوية القادمة. وقد أحسنت المؤسسة صنعاً حين أفردت للشباب جلسة خاصة فضلاً عن تمثيلهم في باقي الجلسات بفتى وفتاة لكل جلسة، ومهما تباينت الآراء حول أداء الشباب في المؤتمر فإن المتفق عليه أن مجرد اشتراكهم في مثل هذه المؤتمرات يكسبهم من الخبرة والدربة الكثير لمستقبلهم الشخصي وفي خدمة أمتهم، بل لقد ذهب الدكتور فاروق الباز إلى حد الاعتراف بأنه وقد أخفق جيلنا في تحقيق التضامن العربي، فهو مطالب بأن يعطي الشباب الفرصة للمشاركة، وحث المؤسسة على اشتراكهم في الهيئة الاستشارية ولجان المؤتمرات.
ومن علامات الصحة أن المنصة لم تكن على وفاق في الرؤى طول الوقت، بل كان هناك خلافات لكن الحوار على عكس ما نسمع ونرى كان حضارياً طول الوقت، ربما لأننا أدركنا أخيراً والفضل لمؤسسة الفكر العربي أن الرأي لا يفرض بالقهر والصراخ والصياح. وإنما يقبل بالإقناع وبالصوت الخفيض والعبارة الودود.
أليس كل ذلك يمثل قفزة إنجاز حققها سمو الأمير لهذه المؤسسة وأهدافها، تبشره بأنه على الطريق الصحيح رغم كل تحذيرات البداية؟!

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved