عندما كرّم الله الإنسان لم يشترط لهذا الإنسان جنساً معيناً أو حالة بعينها، وتقف الشريعة الإسلامية السمحة مع الإنسان في جميع حالاته الخلقية منذ الولادة أو الطارئة أثناء سنوات العمر، وتأتي الإعاقة باختلاف أشكالها تحدياً للفرد والمجتمع يتضح من خلالها مدى الاستيعاب لها والاهتمام بها.
ويأتي المهرجان الأول لرعاية المعوقين وتأهيلهم الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين ويفتتحه سمو ولي العهد حفظهما الله، يأتي كبرهان ناصح الدلالة على الرعاية والاهتمام والمتابعة من حكومتنا الرشيدة لأبنائها المعاقين بكافة الأشكال وعلى كافة الأصعدة، حيث يتلقى أكثر من ستة وثمانين ألف معاق في المملكة الدعم المادي والمعنوي والتأهيلي المناسب لكل حالة وشكل من أشكال الإعاقة، فقد أولت الدولة أيدها الله من خلال وزارة العمل والشئون الاجتماعية المعاقين جل اهتمامها ويبرهن على ذلك حجم الانفاق الكبير سنوياً وتوسيع دائرة الاهتمام في جميع مناطق المملكة لمتابعة حالات الاعاقة حيث تشير الإحصاءات إلى أن هناك (500) مولود معاق سنوياً، من هنا تنوعت أشكال الرعاية المقدمة في (26) مركزاً إيوائياً لشديدي الإعاقة ويؤوي (6500) معاق، و (12) مركزاً وقسماً للتأهيل المهني، ومؤسستين للرعاية النهارية وثمانية مراكز تتبع اللجان الأهلية في مراكز الخدمة والتنمية الاجتماعية، كما يساهم القطاع الخاص بتشغيل (27) مركزاً للرعاية النهارية تحت إشراف وزارة العمل والشئون الاجتماعية.
وقد سعدت هذه الشريحة الغالية من أبناء وبنات الوطن بصدور نظام رعاية المعوقين من خلال مرسوم ملكي عام 1421هـ وستكتمل سعادتهم بتشكيل المجلس الأعلى لشئون المعاقين المتوقع قريبا إن شاء الله لتنضوي تحته جميع الجهات الحكومية والأهلية والخيرية التي تهتم برعاية وتأهيل وتعليم وتدريب المعوقين.
ولا يفوتني هنا الإشارة إلى الجهود الموفقة لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في الرياض، وجمعية الأطفال المعاقين بفروعها، ومجمع الأمير سلطان لتأهيل المعاقين في المنطقة الشرقية، إلى جانب ما تقوم به مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية.
ولم ينس العالم المعاقين فخصص لهم يوماً عالمياً في الثالث من ديسمبر كل عام إضافة إلى اليوم العالمي للعصا البيضاء للمكفوفين في الخامس عشر من أكتوبر سنوياً.
إن الاهتمام المتواصل بالإعاقة والمعاقين في بلادنا ليس وليد اللحظة أو حديث العهد إحساسا بأهمية هذه الفئة الغالية من أبناء وبنات الوطن واستشعاراً من الدولة أيدها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لاحتياجات ومتطلبات جميع أبناء الوطن على حد سواء.
ولعل هذا المهرجان الأول لرعاية المعاقين وتأهيلهم الذي يفتتحه سمو ولي العهد حفظه الله دليل جديد ورافد قوي لتوسيع الخدمات الخاصة بالمعاقين وزيادة الوعي باحتياجاتهم والتفاعل مع أوضاعهم وقضاياهم الحساسة، سائلين المولى عز وجل أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد.
* استشاري جراحة العظام والمفاصل
|