الكلمة التي وجّهها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز إلى الدورة السابعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي هذا الأسبوع جاءت واضحة للرؤية ومحللة لأوضاع الإسلام والمسلمين في وقتنا الحاضر، طرحت المتغيرات التي تحيط بالإسلام والمسلمين بفعل متغيرات العولمة وتحدياتها الثقافية والإعلامية والاقتصادية، كما تحدثت عن الحملات الشرسة التي وجهت إلى الإسلام وثقافته وعلمائه مستغلة انحراف المغالين من شباب الأمة وأوضحت التحديات الداخلية والخارجية التي حاولت المس بالتوازن بين الواجبات والحقوق وبالعلاقة بين الناس من خلال فكر منحرف مغالٍ، كما طرحت الكلمة اضطراب الرؤية بسبب الجهل للمجتمعات المسلمة الذي ولد خللاً في تصورات البعض بأحكام الشريعة الإسلامية واضطراب في فهم النصوص وما نشأ عنه من مشكلة الفتاوى الفردية التي تتعلق بمصالح الأمة كلها، كما تناولت هذه الكلمة خطورة الغلو في الدين وما يسببه من أخطاء بالغة في الاعتقاد ومخاطر جمّة في السلوك والتعامل مع الناس وشق صف المسلمين وتكفيرهم واستباحة دمائهم.
قالت الكلمة ان منظمات الإرهاب استغلت جهل بعض شباب هذه الأمة بأحكام الدين الصحيح وأوقعته في شباكها وسخرتهم لقتل النفوس المحرمة واستهدفت فتنهم طهر هذا البلد الأمين وأمته دونما استشعار بجسيم الإجرام فيه وللوعيد الإلهي بالإلحاد فيه.
لا شك ان المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني كانت دائماً وأبداً واضحة في رؤيتها بقضايا الإسلام والمسلمين ومن هنا جاءت هذه الكلمة مطالبة بتصحيح الخلل في مناهج التكفير والتصدي للفتاوى الفردية الشاذة وإبطال مفعولها ومعالجة سوء فهمها عند أصحابها، كما طالب حفظه الله بتعريف الغلو في الدين وتوضيح أنواعه وبيان مخاطره على عقيدة المسلم وسلوكه والتحذير من خطره، كما طالبت بعلاج شرعي للتحديات التي أوجدها الجهل بجوهر العقيدة والشريعة عند بعض شباب الأمة الذين أساؤوا إلى دينهم والى أمتهم وقدموا الذرائع للجهات المعادية لتكيل التهم للإسلام والنيل من مبادئه.
أي نقاء ووضوح في الصورة الإسلامية أكثر من هذا، وأي نبل في الأهداف والمقاصد أكثر من هذا، لقد كانت المملكة العربية السعودية ومنذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله داعمة قوية للإسلام والمسلمين، سياستها دائماً حل الخلافات والاختلافات في الإطار العربي والإسلامي والدولي وتقديم كل ما تستطيع معنوياً ومالياً من أجل العروبة والإسلام، هذا هو الخط الواضح لهذه البلاد يعرف ذلك جيداً كل مسؤول سعودي يقدر له ان يمثل هذه البلاد بالاجتماعات واللقاءات العربية والإسلامية والدولية، لقد ساندت المملكة وناصرت قضايا أهل الخليج والقضايا العربية والإسلامية وساندت مسيرة السلم العالمي من خلال مسؤوليها في هذه اللقاءات، ومن هنا جاء الثقل السعودي يحظى بكل الاحترام والتقدير من جراء سياسة الحكمة والاعتدال والعقلانية في طرح ومعالجة الشؤون الخليجية والعربية والإسلامية والدولية، ولست مجاملاً ولا متحيزاً ولا محرجا كسعودي أن أقول ذلك بكل صراحة ووضوح لأنها الحقيقة ولا بد من قول الحقيقة.
* وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية
|