Tuesday 16th december,2003 11401العدد الثلاثاء 22 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
علوم الشريعة.. بلا بوابة..!
عبدالرحمن بن سعد السماري

شيء بديهي.. أن يتحدث في علوم الشريعة رجل شرعي متخصص.. متخرج من كلية شرعية.. وحاصل على مؤهلات وشهادات شرعية.. فهذا من حقه.. وهذا.. مجاله.
** لكن.. أن يتصدى للحديث في العلوم الشرعية إنسان بعيد عن هذا التخصص.. فهذا لاشك.. تجاوز وتعدٍّ وتضليل لعباد الله..
** لعله من الملاحظ في السنوات الأخيرة.. أن هناك بعض المتخصصين في مجالات حياتية مختلفة «طب.. هندسة.. زراعة.. علوم الخ..».. من انبرى للحديث في المجالات الشرعية.. وصار عالماً شرعياً.. ومفتياً.. وخطيباً.. ومرشداً في علوم الشريعة.. وترك تخصصه وزهد فيه.. ورمى «بالعقال» و«ربّى العوارض» واقتحم المجال الشرعي عنوة وبكل قوة.. بل «بِقوايَةْ وجه».. والويل لمن يصادمه أو يقول له.. كُف عن هذا فهو ليس مجالك ولا تخصصك..
** الويل لمن يقول له.. لقد أخطأت هداك الله..
** ماذا لوجاء ميكانيكي أو مهندس أو حقوقي أو محاسب أو خبير اقتصادي وفتح عيادة لعلاج أمراض القلب أو لعلاج الأمراض الصدرية أو لعلاج «الضعف الجنسي» مثلاً.. أوجاء مدرس تربوي وفتح مكتباً للاستشارات الهندسية وإعداد مخططات للفلل والعمائر.. والكباري والجسور.. ماذا سيقول عنه الناس؟
** سيقولون كل عبارة جارحة.. وسيحاكم وسيعاقب.
** ولكن.. أن يأتي طبيب عام.. أو صيدلي أو مهندس زراعي أو ملقوف.. ويتحدث في علوم الشريعة و«يخبِّص» حسبما يحلو له.. لا يقال له شيء.. ولا يحاسب ولا يعاقب.. ولا يوقف عند حده؟
** قبل أيام.. شاهدت على التلفاز مؤتمراً إسلامياً..استقطب الفعاليات الإسلامية والمتخصصين في علوم الشريعة والفقه.. أقيم في دولة عربية أفريقية.. ورأيت الحضور وبعضهم من أبنائنا.. بعضهم مهندس.. وبعضهم في تخصص آخر غير شرعي.. ومع ذلك.. سمح لنفسه حضور مؤتمر شرعي متخصص.. وهو ميدان خاص لأهل الشريعة فقط.. ولا يجوز لغيرهم حضوره.
** وماذا لو كان هذا المؤتمر عن الطب أو عن الهندسة.. هل سيسمحون لمتخصص في الفقه أو الحديث أو السنة أو أصول الفقه أن يحضره ويساهم فيه بفعالية؟
** أبداً.. سيطردونه.. وسيحاكمونه.. وسيقولون مُزوِّر ومنتحل شخصية أخرى ويلبِّس على الناس.
** وإذا مُسك طبيب شعبي أو مدعي الطب وقَدَّم وصفات طبية.. فإنه يُحبس ويحال للمحكمة ويسجن ويجلد..
** أما أن يأتي جاهل في الدين وبعيد عن علوم الشريعة.. سواء كان مهندساً زراعياً أو طبيباً أو غيره.. ويصدر فتاوى ويلقي محاضرات شرعية ويساهم في مؤتمرات وندوات ويُلقي خطباً عصماء.. فلا يقال له أي شيء.. بل يُسمى فضيلة الشيخ.. ويشكر على جهوده وإسهامه في مجالات الدعوة.. مع أن عمله هذا.. أخطر وأشد فتكاً من الطبيب أو المهندس المزور الكاذب المنتحل لشخصية غير شخصيته.
** من نتحدث عنهم اليوم.. موجودون بيننا.. فهذا متخصص في الزراعة وعلوم الحشرات والآفات الزراعية.. تحوَّل إلى قاضٍ ومفتٍ ومصلح ومفكر.. وعالم شرعي.. وترك تخصصه نهائياً.. وأصبح يغضب أشد الغضب.. فيما لو قيل له.. إنك متخصص في الزراعة والآفات الزراعية والحشرات.. بل ربما اشتكاك وطلب معاقبتك.. مع أنه من المفترض أنه.. هو الذي يعاقب ويوقف عند حده.. ويعاد إلى كلية الزراعة.. أو مركز الأبحاث الزراعية أو يفتح دكاناً لبيع المعدات الزراعية في شارع سلام.. ولكن أن يتنقَّل من قناة تلفازية إلى أخرى.. ومن وسيلة إعلامية إلى أخرى.. ويتحدث في علوم الشريعة ويصول ويجول.. معلماً.. ومرشداً.. ومفتياً.. فهذا غير مقبول أبداً.. ولم يُضيِّع الأمة.. إلا هذا الصنيع.
**المشكلة.. أن لهؤلاء..أشرطة تملأ التسجيلات الإسلامية.. فهذا إخصائي عناية مركزة أو فني تخدير.. وله عشرات الأشرطة عن الدين وعلوم الشريعة.. فكيف نطمئن لها؟ وكيف نثق فيها؟
** كيف صارت علوم الشريعة بلا بوابة تحميها وتحرسها وتطرد عنها المتطفلين؟
** إنني أفهم.. أن يتحدث متخصص في علوم الشريعة في هذه المجالات.. حتى لو أخطأ فهو مجتهد وفي مجاله.. وقد يصيب ويخطئ.. لكن خطأه يظل بسيطاً وفي إطار الشرع.
** إنني -كغيري- أستوعب وأرتاح وأطمئن لما يقوله العلماء.. سماحة المفتي.. وسماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى.. وسماحة وزير الشئون الإسلامية.. وسماحة الشيخ الفوزان وسائر أعضاء هيئة كبار العلماء ولجنة الإفتاء.. وأعضاء مجلس القضاء الأعلى وأعضاء التمييز وأساتذة الجامعات الشرعية وهكذا.
** وأفهم وأرتاح مثلاً.. لما يقوله سفر الحوالي وسلمان العودة وعبدالوهاب الطرير وناصر العمر وعايض القرني وسعد البريك وأمثالهم من علماء الشريعة لأنهم متخصصون في علوم الشريعة.. ولأن هذا مجالهم وميدانهم.. وهم فرسانه.. ولم يتطفلواعلى علوم أخرى.
** هل شاهدتم يوماً الشيخ القرني أو البريك أو العودة أو الطرير يتحدث في الطب البشري أو الهندسة أوالطب البيطري.. أو يكشف على مزرعة أو يزور مزرعة دواجن أو يتفقد أمراض الماشية؟
** أبداً.. هذا ليس مجالهم.. وهم أعقل من أن يقتحموا مجالاً ليس مجالهم.. أو أن يقولوا ما لا يعلمون.. فقد علَّمهم الشرع ذلك وتربَّوا ونشأوا عليه.. وعرفوا أن هناك عقوبات لمن يقول أو يتحدث فيما لا يعلم.. دنيوية وأخروية.. وفيهم من الورع ما يمنعهم.. فهم مؤطرون بإطار شرعي.. متربون على الأخلاق الإسلامية.. ولو سألت الشيخ القرني أو البريك أو العودة عن أكل المضاد الحيوي قبل الأكل أو بعده.. أو عن أحسن مضاد حيوي لقال لك.. اذهب إلى الطبيب.. ولكن أن تسأل مزارعاً أو مهندساً أو طبيباً عن حكم شرعي أو فتوى.. فإنه يفتيك مع الأسف.. فيضلَّ ويضل وحسبنا الله ونعم الوكيل.
** هؤلاء.. هم الذين أضلوا الناس.. وهؤلاء.. يفسدون أكثر مما يصلحون.. وهؤلاء.. هم الذين حوَّلوا الدين إلى عواطف وانفعالات.. وليس عبادة وخوف من الله..
** كيف استهنا بعلوم الشريعة هكذا؟
** من يدافع عن علوم الشريعة؟
** من يحميها؟ من يوقف هؤلاء؟ من يحاسبهم؟
** قبل أيام.. خرج علينا أحدهم في محطة فضائية مشبوهة.. وسمح لنفسه تقييم علماء الشريعة وتقييم أدائهم.. بل تهجم عليهم.. مع أنهم كبار علماء المملكة..وهو متخصص في مجال آخر.. لا علاقة له بالشريعة.. ومع ذلك.. تجاوز كل شيء.. وقال كلاماً لا أريد نقله هنا..
** نحن نريد إسكات كل الأصوات التي تتحدث في المجالات الشرعية وهي غير متخصصة فيها.. ومن حقهم أن يتحدثوا في مجالاتهم كيف يشاؤون؟!

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved