Tuesday 16th december,2003 11401العدد الثلاثاء 22 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شئ من المنطق شئ من المنطق
حراج يا من يسوم: شاب سعودي للبيع
د. مفرج بن سعد الحقباني (*)

الجميع في هذه البلاد يعتز بانتمائه الإسلامي ويعتز باحتضان بلاده للحرمين الشريفين ويعتز بما تقدمه هذه البلاد حكومة وشعباً من مساعدات مالية وعينية للمسلمين في كافة أرجاء المعمورة، والجميع في هذه البلاد لا ينكر الدور الكبير الذي بذله المجاهدون في سبيل تخفيف معاناة وآلام الشعوب الإسلامية التي تعرضت لاعتداءات وحشية كتلك التي حدثت في أفغانستان في أعقاب الاحتلال السوفيتي وكتلك التي حدثت في البوسنة في أعقاب الاعتداءات الصربية ومن قبلها تلك الأحداث التي عصفت ولا تزال تعصف بالشعب الفلسطيني المسلم منذ عام 1948م.
ومع كل ذلك فقد كان لذهاب الشباب السعودي الى تلك الدول نتائج مأساوية وصلت في أبشع صورها إلى حد أن أصبح الشاب السعودي في بعض تلك الدول سلعة تباع في الشوارع بأبخس الأثمان من قبل أفراد ينتمون الى تلك الدول وإلى حد أن أصبح الشاب السعودي الذي عرف بحبه للاستقرار متهماً بالارهاب حتى تثبت براءته، ولعل ما يزيد من مأساوية النتائج أننا في هذه البلاد قد أصبحنا ندفع الثمن باهظاً ليس من خلال ما تخلفه الأحداث الإرهابية من خسائر مادية وبشرية فقط ولكن من خلال تبدل النظرة العالمية للإنسان السعودي الذي أصبح في نظر الغير إرهابياً يجب متابعة حركاته وسكناته وللعمل الخيري الذي كان في السابق مصدر حماية للفقير المسلم من مخاطر التنصير وتبعات الفقر والعوز.
وإذا كنا جميعا نتحمل مسؤولية حدوث مثل هذه النتائج المأساوية لعجزنا في السابق عن فلسفة الأحداث بطريقة تحدد طبيعة وحدود مسؤوليتنا عمّا يصيب العالم الإسلامي من مخاطر، فإننا في هذا الوقت مطالبون بإعادة تعريف الذات السعودية حتى نقف على الحد الشرعي الذي يفصل بين ما يجب عمله تجاه أخينا المسلم في البلد الآخر وبين ما يجب تركه من تصرفات لا تدخل ضمن نطاق المسؤولية الإسلامية التي يشعر بها مواطن هذه البلاد.
وفي هذا السياق لا بد أن يكون هذا الفاصل الشرعي معلوما ومقبولا من فئة الشباب التي ربما تجد نفسها مرة أخرى مدعوة للمشاركة في عمل جهادي - حسبما تعتقد - في بلد إسلامي آخر تكون بعده معرضة للبيع في الاسواق والمطاردة الدولية في المحاكم العسكرية والمدنية، يجب علينا أن نستغل هذه الأزمة لعرض ما تعرض له أبناؤنا من ممارسات غير إنسانية في تلك الدول التي ذهبوا لمناصرة أهلها حتى تكون الأسرة السعودية جاهزة لمقاومة الاندفاع غير المنضبط لدى أبنائها وحتى يكون الشاب السعودي مطلعا على ما قد ينتظره من عواقب وخيمة لا تقبلها الفطرة السليمة.
فإذا كان من المنطقي قبول فرضية رفض الأسرة السعودية لتعرض ابنها للبيع كما حدث في أفغانستان، فإن مسؤوليتنا أن نحيط الأسرة السعودية بهذه المواقف حتى تكون مستعدة لعمل ما تستطيع لحماية ابنها من هذا الموقف المرعب. وإذا كان من المنطقي رفض الشاب السعودي الذي يعتز بشخصيته الاسلامية تعرضه لهذا الموقف المؤلم، فإن من المنطقي أيضا أن يعي خطورة الذهاب الى تلك المجتمعات التي قد تجعل منه في يوم من الأيام سلعة تباع وتشترى يتنافس على الظفر بها قطاع الطرق وتجار المخدرات.
يا سادة: إن دلائل الوقائع والأحداث أشد تأثيراً من الخطاب العاطفي وأكثر تأثيراً على توجهات أبنائنا وفلذات أكبادنا فهل نستفيد منها في اعادة رسم خريطة فكر الانسان السعودي ليصبح أكثر ارتباطا بمجتمعه الذي يحبه ويخاف عليه من تلك المجتمعات التي تاجرت في اخوانه من قبل وعلى استعداد تام للمتاجرة به لاحقا، أتمنى ذلك.
إشارة: إذا كانت الجهات الأمنية لدينا تقوم بجهود جبارة في سبيل تحقيق المواجهة الآنية للاحداث، فهل تحولت مراكز البحوث لدينا الى غرفة عمليات تناقش فيها الأحداث بشفافية مطلقة وتصاغ فيها الحلول المقترحة بمنطقية وواقعية بعيدا عن العواطف والانتماءات الفكرية والإدارية؟ أتمنى ذلك وأخشى عدم حدوثه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved