Monday 15th december,2003 11400العدد الأثنين 21 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وعلامات وعلامات
بين محمود شاكر وطه حسين.! «2/3»
عبدالفتاح أبو مدين

ألمح الدكتور عزالدين، فيما كتب عن قضية المتنبي، بين المحقق محمود شاكر والدكتور طه حسين، إلى أن الأستاذ العميد، اتبع سبيل القدماء في حديثه عن المتنبي.! ولعل كاتبنا يريد من الأستاذ العميد، أن ينقل أبا الطيب، من القرن الرابع للهجرة، إلى القرن الرابع عشر.! في تقديري أن الدكتور طه لم يرد أن يطبق مقاييس ومنهجية العصر الحاضر على الزمن القديم، لأن كل عصر محكوم بظروفه وأحداثه وأحواله.! والأستاذ العميد، حين كتب عن أدباء وشعراء معاصرين، طبق عليهم ظروف عصرهم وحياتهم فيه، كما فعل في حديث الأربعاء، في الجزء الأخير.. كما صنع في تلك المقدمات، في كتابه «كتب ومؤلفون» الذي كتب الدكتور شكري فيصل رحمه الله مقدمة ضافية تجاوزت صفحاتها الخمسين.. طبق عليهم الأستاذ العميد ظروف عصرهم وبيئاتهم، فتناول كلاً منهم من خلال عصره والظروف التي أحاطت به، ولم يخرجه منهما إلا ما يتعلق بمدارات الأسلوب والتوجه ونحو ذلك.!
* إن الدكتور طه حسين، أستاذ جيل، وهو يسير عبر منهج رجل مفكر اختطه لنفسه، من خلال كتاباته عن القدماء والمعاصرين، وتوجه طه حسين في منهج دراساته القديمة والمعاصرة لا يعاب عليه، ولا يقلل من قيمة دراساته الدقيقة وريادته، فالدكتور طه أستاذ جيل باعتراف الأدباء الكبار الذين عاصروه، وقد رأيتهم وسمعتهم، من خلال الموتمر الثقافي الذي التأم في جدة، في شهر جمادى الآخرة من عام 1374هـ، الأسبوع الأول من شهر يناير 1955م، وشارك فيه مثقفون من الوطن العربي، تحت مظلة - اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية».!
* قال الدكتور عزالدين إسماعيل في بدء الفصل الخاص بشعر المتنبي - بين محمود شاكر وطه حسين -: «وهناك نموذجان بارزان من أولئك الناس الذين يظفرون بالاهتمام بأشخاصهم وبأعمالهم على نطاق تجاوز الإطار الزماني والمكاني لحياتهم الخاصة. ويمكننا أن نمثل للنموذج الأول بأبي الطيب المتنبي، وللثاني بالعالم اللغوي السويسري فاردينا ند دي سوسير، المتنبي ملأ الدنيا في الماضي البعيد وما زال، وسوسير ملأ الدنيا وشغل الناس في الماضي القريب وما زال، ولكن يظل هناك بين هذين النموذجين فارق جوهري، يتمثل في أن المتنبي لم يشغل الناس بنتاجه الشعري فحسب، بل بشخصه كذلك».!
* يرى الدكتور عزالدين، أن حياة المتنبي - منذ مولده حتى وفاته، كانت حياة درامية بكل معاني الكلمة، وأن شعره ما يلبث أن يسلك المتلقين أنفسهم في تلك الدرامية التي أصبح وجوده محدثاً لها ومعديا بها.!
* ولعلي أرجع تهيُّب الدكتور عزالدين، من تعميق الخوض فيما شجر بين شاكر وطه حسين، إلى البعد عن - عكننة - أنصار الشيخ شاكر وأعداء طه حسين، فآثر العافية بالبعد عن الخوض في هذه القضية، ولاسيما في رد اتهام المحقق محمود شاكر، بأن الأستاذ العميد سطا على أفكاره وادعاها، ولكن هذا الادعاء لا دليل عليه سوى هجمة شرسة، لم تقدح في مكانة الأستاذ العميد، ولم تؤثر في أنصاره الذين يعرفون قدره الثقافي البعيد الغور.!
* قال الدكتور عزالدين إسماعيل: «لقد نشأ نزاع حاد - بسبب المتنبي - بين شاكر وطه حسين، أمعن فيه شاكر إمعاناً خلال سلسلة من المقالات نشرها في جريدة البلاغ في عام 1937م، اتهم فيها طه حسين بالسرقة منه فيما أورده في كتابه «مع المتنبي». ولكن ربما كان أفدح من هذا اتهامه إياه بأنه متخلف الفهم في العربية، مضطرب الفكر في المنطق، لا بصر له بالشعر، ولا طاقة له على استيعاب معانيه».
* ومن المؤسف أن الذي قال هذا الكلام الآنف رحمه الله رجل فيه كِبْرُ وتعالٍ، وقد زرته بصحبة الأديب الشاعر الأستاذ فاروق شوشة في داره، لأتعرف عليه ولأدعوه لكي يحاضر في النادي، فرأيت فيه شموخاَ وشيئاً من غطرسة.. وقال دون شيء من مجاملة أو إحسان وأدب إلى من غشي داره: «أنا لا أتحدث من على المنابر ولا أغشاها».. وكنت أظن أن رجلاً صحب التراث والأدب طويلا، أن يكون خطابه غير ما رأيت - وغير ما سمعت، غير أن التوفيق عزيز كما يقال في الأمثال.!

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved