* بروكسل - من شذى إسلام وليون مانجاساريان د ب أ:
غرق الاتحاد الاوروبي في أزمة عقب فشل قادته في الموافقة على اتفاق تقسيم السلطة المطلوب للمساعدة على قيادة الاتحاد نحو التوسع التاريخى إلى 25 دولة في العام المقبل، واعترف رئيس وزراء إيطاليا ومستضيف القمة سيلفيو برلسكوني: «هناك خلاف كامل»، وكان زعماء الدول الاعضاء الخمسة والعشرين الحاليين والمستقبليين يسعون إلى حسم نهائي للاتفاق الهام بشأن الدستور الجديد الذي يهدف إلى تبسيط عملية اتخاذ القرار قبل سريان التوسع، إلا أن السياسات الداخلية والكرامة الوطنية والامساك بالسلطة في أوروبا الجديدة سيطرت على أحداث يوم حيث رفض الزعماء الدعوات بوضع الصالح الاوروبي العام قبل كل شيء، ويعد فشل القمة ضربة لبرلسكوني الذي تنتهي رئاسته المشوشة أحيانا للاتحاد الاوروبي والتي مدتها ستة شهور بعد أسبوعين.
وفي قمة بروكسل كانت معركة المواجهة بين بعض المقاتلين السياسيين المخضرمين في أوروبا: ففي جانب كان المستشار الالماني جيرهارد شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك اللذان شكلا محوراً صلباً منذ المعارضة الاوروبيةالبارزة لحرب العراق، وعلى الجانب الاخر رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا أثنار والقادم الجديد إلى الاتحاد الاوروبي رئيس وزراء بولندا ليزيك ميللر وكلاهما حليفان قويان للولايات المتحدة خلال الحرب على العراق، وتشبث أثنار وميللر بموقفهما خلال الاجتماعات التي استمرت يومين في بروكسل ورفضا الرضوخ لضغوط فرنسية ألمانية بالموافقة على تخفيض حصتهما في التصويت.
وفي مواجهة التهديدات الخفية للعواقب الاقتصادية تشبثت مدريد ووارسو بموقفهما المتشدد بالتمسك بصيغة معاهدة نيس لعام2000 التي تقضي بمنح كل منهما 27 صوتا في الاتحاد الاوروبي رغم أن سكان أي من البلدين أصغر من نصف سكان ألمانيا التي لديها 29 صوتا فقط، والفشل في التوصل لاتفاق جديد يعني دخول معاهدة نيس حيز التنفيذ، ولكن الازمة في بروكسل لم يتضح فيها مَن الفائزون ومَن الخاسرون، ويطالب شرودر وشيراك بنظام جديد للتصويت «بالأغلبية المزدوجة» يعطى الدول الكبيرة من حيث عدد السكان مثلهما مزيدا من الاصوات والنفوذ.
وكان شرودر الذي أظهر نوعا جديداً من الحزم الالماني قد حذر منذ أسابيع بأنه قد ينسحب من اتفاقية الاتحاد الاوروبي السيئة، وهذا يشكل تغيراً كبيراً في الموقف السابق لبرلين في الاتحاد الاوروبي كعامل تهدئة وصراف رواتب. وقد أنقذ الزعيم الالماني قمة ميزانية الاتحاد الاوروبي عام 1999 والتي كانت تواجه المعاناة بموافقته على دفع المزيد من الاموال كنموذج لدبلوماسية دفتر الشيكات التي يقول عنها شرودر الآن انها أصبحت تاريخاً، ففي نيس عام 2000 أيد شرودر حينئذ نظام التصويت المطبق حاليا والذي لا يو افق عليه الآن لان ألمانيا لا تريد أن ينظر إليها تحطم فرص توسع الاتحاد الاوروبي ناحية الشرق، ومن المتوقع أن يواصل شيراك وشرودر الضغط المكثف على دستور الاتحاد الاوروبي المنقح والذي سيتم بحثه تحت الرئاسة الايرلندية للاتحاد الاوروبي التي تبدأ في شهر كانون الثاني/ يناير، ولكن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قال انه ليس متأكدا من الوقت الذي سوف تستغرقه عملية إعادة التفاوض للتوصل إلى اتفاق جديد.
وقالت مصادر الوفد الايطالي ان الاتحاد الاوروبي قد يتحول الان إلى الدول الاعضاء الست المؤسسية للاتحاد وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا ولكسمبورج وهولندا لتقديم مقترحات جديدة، وهذا يمكن أن ينذر بدعوة مثيرة للجدل لبدء أوروبا مزدوجة السرعة تركز على الدول الراغبة في الدفع نحو الاندماج بدرجة أسرع وأعمق بدلاً من باقي الدول.
وتضع القمة الفاشلة خاتمة لواحدة من أكثر السنوات مرارة التي مرت على الاتحاد الاوروبي منذ تأسيسه عام 1957 ، فقد انقسم الزعماء الاوروبيون بشدة بشأن الصراع العراقي مع تحدي الموقف المعارض للحرب من قبل فرنسا وألمانيا علانية في خطاب مفتوح نشرته دول الاتحاد المؤيدة للحرب بقيادة بريطانيا و أسبانيا.
|