Monday 15th december,2003 11400العدد الأثنين 21 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

محاكمة علنية لصدام.. العثور عليه في مخبأ تحت الأرض... التحقق من الشخصية بالحمض النووي محاكمة علنية لصدام.. العثور عليه في مخبأ تحت الأرض... التحقق من الشخصية بالحمض النووي
كما بغداد.. صدام يستسلم بسهولة

  * بغداد - تكريت - الجزيرة - الوكالات:
لم يضارع سقوط بغداد السهل إلا الاستسلام الأسهل لصدام حسين أمس، وهذا هو الانطباع الأول بعد الانباء الأولى التي تحدثت عن القبض على صدام حسين، ان هذه النتيجة استلزمت ما يقارب العام من العمل الاستخباراتي والعسكري لعدة جهات بما فيها الأمريكية والمحلية العراقية ولعدة دول أخرى في التحالف.
وأعلن أحمد الجلبي عضو مجلس الحكم العراقي أن صدام حسين اعتقل بلا مقاومة، وانه سيقدم الى محاكمة علنية.
ومن جانبه أعلن رئيس مجلس الحكم عبدالعزيز الحكيم انه تم التحقق من شخصيته وان المعتقل صدام من خلال فحص الحمض الريبي النووي «دي.ان.ايه».
وقال الجلبي: ان الشخص الذي تم اعتقاله (تأكد انه صدام فيما بعد) كان متخفيا بلحية بيضاء وان اعتقاله تم خلال وجوده في الدور السفلي لأحد مباني مدينة تكريت.
وكانت الصحف الأمريكية قد تحدثت كثيراً عن قيام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بتوجيه الهجمات التي تشن ضد القوات الأمريكية ويشرف على تنسيقها.
وقالت صحيفة«نيويورك تايمز» انها استقت معلوماتها من مسؤولين أمريكيين اطلعوا على تقارير استخباراتية أفادت بأن صدام حسين يتزعم ما يطلق عليه «المقاومةالمسلحة» ويديرها من مكان قرب مسقط رأسه في تكريت.
وأعلنت قوات التحالف في العراق أنها رفعت مبلغ المكافأة الذي ستقدمه لمن يدلي بمعلومات عن القبض على الرئيس العراقي المخلوع، صدام حسين إلى 25 مليون دولار.
وقال رئيس الإدارة الانتقالية، بول بريمر: إن المكافأة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على قصي أوعدي نجلي صدام حسين ستكون 15 مليون دولار، وكان مقدار المكافأة المخصصة للقبض على صدام 300 ألف دولار فقط، وكان مكان اختباء صدام لايزال مجهولا ويثير الكثير من التكهنات منذ أن سقطت بغداد في أيدي القوات الأمريكية في التاسع من أبريل/ نيسان الماضي.
وكانت القوات الأمريكية في العراق قد اعتقلت الشهر الماضي السكرتير الشخصي للرئيس المخلوع، عبدالحميد حمود التكريتي المعروف باسم عبد حمود.
تاريخ حافل بالعنف
لأكثر من ثلاثين عاما بينها عشرون عاما كرئيس للدولة، حكم صدام حسين العراق بانتهاج أقسى وسائل القمع واتخاذ أكثر المواقف تعنتا، مما وضع البلاد بأسرها في مهب الريح. فقد أدخل صدام بلاده في حرب كارثية مع جارتها إيران عام 1980، بعد سنة واحدة من توليه رئاسة الدولة، وبعد عقد من السنوات غزا الكويت ونشبت إثر ذلك حرب الخليج الثانية، وبالرغم من أن العراق عانى من حصار فرضته عليه الأمم المتحدة، فإن قبضة صدام على الحكم لم تضعف حتى دخول القوات الأمريكية إلى بغداد في التاسع من أبريل/ نيسان 2003.
ولد صدام في قرية العوجة التابعة لمدينة تكريت في وسط العراق عام 1937، وانضم لتنظيم حزب البعث في العراق وهو في العشرينيات من عمره، واضعا الخطوة الأولى في طريق الوصول إلى منصب الحاكم المطلق.
ودشن نشاطه السياسي العنيف عام1959 بالمشاركة في محاولة اغتيال رئيس الوزراء، آنذاك، عبدالكريم قاسم. وهرب إثرذلك إلى سورية فمصر حتى عام 1963 حين عاد بعد انقلاب 8 فبراير/ شباط الذي أطاح بالحكومة.
وبسبب عمليات القمع الدموي التي مورست بعد الانقلاب أبعد حزب البعث عن السلطة على يد حليفه الرئيس عبدالسلام عارف، بعد نحو تسعة أشهر، لكن الحزب عاد إلى السلطة في انقلاب آخر في 17 يوليو/ تموز 1968 بمساعدة اثنين من المسؤولين المتنفذين في أجهزة حكم الرئيس السابق عبدالرحمن عارف، لكنه سرعان ما أقدم على إبعاد هذين الحليفين بعد أقل من أسبوعين.
بداية الظهور وتسلق السلطة
ركز صدام حسين بعد انقلاب 1968 على كيفية الارتقاء في سلم الحكم والوصول إلى أعلى المراكز، واستطاع تحقيق ذلك مستخدما جميع الوسائل العنيفة للتخلص من خصومه ومنافسيه وكل من يشك بعدم ولائه داخل الحزب الحاكم وخارجه، وخلال فترة وجوده في الحكم نائب اللرئيس أحمد حسن البكر سعى إلى جمع خيوط الحكم في أيدي قلة من المقربين إليه والتحول إلى الرجل القوي في الحكم، حتى انتزاعه منصب الرئاسة من البكر الذي اضطر إلى الاستقالة لكنه توفي بعد ذلك بفترة قصيرة، واتبع صدام سياسة الاعتماد على مراكز ودوائر استخباراتية متعددة تتابع تحركات الخصوم والمنافسين وتراقب بعضها بعضا.
ووظف قدرات العراق الاقتصادية باعتباره أحد أهم البلدان المنتجة للنفط لأغراض ترسيخ حكمه وتضخيم القوات العسكرية عددا وعدة بطريقة تعكس طموحات تجاوزت في ما بعد حدود العراق.
حروب خارجية
وتركت نتائج تلك السياسة آثارها على حياة المواطنين العراقيين الذين أصبحوا في حالة من العوز والفاقة والمعاناة في بلد كان يعد من أغنى البلدان النامية.
وفي سبتمبر/ أيلول عام 1980حاول صدام حسين أن يستغل ضعف إيران العسكري بعد الثورة الإسلامية بدفع قواته إلى مقاطعة خوزستان مما ولد حربا طاحنة امتدت ثماني سنوات وأتت على مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعاقين وقصمت ظهر اقتصاد البلدين، ولم يكد العراق يسحب أنفاسه بعد تلك الحرب حتى أمر صدام بغزو الكويت في أغسطس/ آب 1990 فأدخل العراق في متاهة أخرى من الحرب لم تقتصر على إذلال الجيش العراقي بل امتدت إلى فرض حصار اقتصادي دولي أنهك البلاد وأفقر الشعب.
هزات داخلية
وبالرغم من الانفجارات التي شهدها العراق ضد نظام الحكم التي تمثلت في الانتفاضة التي عمت الجنوب والشمال في أعقاب هزيمة الجيش العراقي في حرب الكويت، تمكن صدام من الإبقاءعلى قبضة حكم شديدة بتسليط المزيد من القمع ضد الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب.
واستخدم أقسى انواع أعمال القمع التي تضمنت عمليات التهجير الواسعة للسكان في داخل العراق وإلى خارجه، والتنكيل والقتل الجماعي واستخدام الأسلحة الكيماوية كما حصل في بلدة حلبجة الكردية، وإحداث تغييرات بيئية لأغراض أمنية مثل تجفيف منطقة الأهوار في جنوب العراق وتدمير الحياة الطبيعية فيها، إلا أن حكمه تعرض أيضا لهزات داخلية تمثلت بهرب اثنين من أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة به، وهما صهراه حسين كامل المسؤول عن التصنيع العسكري وأخوه صدام كامل الذي كان من ضمن حماية الرئيس، لكنهما حين قررا العودة إلى العراق بضمانات من صدام نفسه قتلا على الفور في بغداد.
وتعرض صدام نفسه لمحاولات لاغتياله أو الإطاحة به، كما جرت محاولة لاغتيال ابنه عدي عام 1996 سببت له عاهة مستديمة، وبرغم التعنت الذي أبداه صدام في التعامل مع قرارات الأمم المتحدة ولجان التفتيش اضطر للالتزام باتفاق النفط مقابل الغذاء الذي يسمح ببيع العراق بعضا من نفطه لشراء أغذية وأدوية.
وقد أدت الخلافات حول التفتيش عن أسلحة التدمير الشامل إلى تعرض العراق لقصف أمريكي بريطاني في ديسمبر/ كانون الأول عام 1998، واستمرار القصف على منطقتي حظر الطيران المفروضتين في الشمال والجنوب، حتى دخول قوات التحالف في أبريل/ نيسان الماضي.
لكن هجمات سبتمبر/ أيلول عام 2001 دفعت العراق إلى الواجهة ووضعته في مقدمة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، وبدأ المسؤولون الأمريكيون، لأول مرة، يدعون علانية إلى إسقاط النظام كهدف مركزي، بعد إزاحة نظام طالبان في أفغانستان، وركزوا على ذريعةرئيسية لشن الحرب هي وجود برنامج لأسلحة التدمير الشامل. وأدى دخول قوات التحالف إلى بغداد إلى فرار صدام ومعظم المسؤولين الكبار في نظامه، وأصدرت واشنطن قائمة من 55 مسؤولا سابقا يتصدرها الرئيس السابق وولداه عدي وقصي اللذان قتلا في هجوم أمريكي على منزل في مدينة الموصل في يوليو/ تموز 2003. وقد ألقي القبض على معظم المسؤولين السابقين المدرجة أسماؤهم في القائمة التي يتصدرها صدام نفسه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved