* دمشق - الجزيرة: عبد الكريم العفنان:
عبر توقيع الرئيس الأمريكي على قانون محاسبة سورية عن مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، إضافة لاعتبار توقيع القانون تجاوزاً واضحاً للتوازن الإقليمي. كما أثار ردودا مختلفة داخل الأوساط السياسية في دمشق.
فرغم ان توقيع القانون لم يكن مستغرباً لكنه يضع العلاقات السورية الأمريكية ضمن حدود صعبة. وهذا القانون تم توقيعه في وقت تقوم به وزيرة المغتربين السورية، الدكتورة بثينة شعبان بزيارة للولايات المتحدة وكندا. مما يوحي بأن الإدارة الأمريكية تنوي قطع أي محاولة دبلوماسية، سورية أو غير سورية، لتبريد الأجواء مع دمشق. وأكد مصدر دبلوماسي عربي أن هناك تزامناً بين عدد من الأحداث السياسية، فالعلاقات بين دمشق وواشنطن تسير في الوقت الحاضر ضمن مسار حرج، يسعى إليه المتشددون داخل الإدارة الأمريكية.
وحول تأثير هذا القرار على الوضع الاقتصادي والسياسي لسورية بين المصدر أن دمشق لا تتلقى مساعدات من الولايات المتحدة، وحتى المساعدات الدولية الأخرى قليلة مقارنة بالعديد من الدول الأخرى. فالتأثيرات الاقتصادية على المستوى المنظور لا تبدو فاعلة. موضحا أن سورية تسلمت مساعدات أمريكية لفترة لا تزيد على الأربع سنوات، فالمساعدات الاقتصادية بدأت دمشق بتسلمها عام 1975، وبلغت قيمتها الإجمالية خلال الفترة 1975- 1979 نحو 438 مليون دولار لتتوقف بعد ذلك وبشكل نهائي.
وشدد المصدر على أن الآثار السياسية لمثل هذا القرار هي الأهم، لأن تأثيراته ستنعكس بشكل مباشر على:
أولا - التعاون الإقليمي من اجل السلام، والترتيبات الدولية التي تعمل على إحياء السلام الشامل والعادل. لأن الولايات المتحدة ستتعامل وفق نسق سياسي متفاوت مع دول المنطقة، على الأخص أن القرار ينص على تخفيض مستوى العلاقات. فالحوار الذي تسعى دمشق لفتحه دائما مع الولايات المتحدة سيتضرر، كما أن تعامل واشنطن مع المنطقة سيتأثر أيضا.
ثانيا - سيفتح مثل هذا القرار أمام إسرائيل فرصا جديدة لممارسة التصعيد على مختلف المستويات، مما سيؤثر بشكل مباشر على الاستقرار العام للمنطقة. فحكومة شارون تتعامل اليوم مع سورية على أنها ضمن الأهداف الاستراتيجية المستقبلية للولايات المتحدة، ومن الممكن في هذه الحال أن تنقاد حكومة شارون إلى مجازفة تدفع المنطقة برمتها إلى حرب إقليمية.
واعتبر المصدر أن الرد السوري على السياسة الأمريكية الحالية لن يكون تصعيديا، لأن دمشق تعرف الأسباب الانتخابية التي تدفع الإدارة الأمريكية إلى التعامل بسرعة مع الزمن، وذلك قبل قدوم الاستحقاقات الانتخابية، فالحوار الذي تقيمه دمشق مع عدد من المؤسسات الرسمية والعامة الأمريكية سيبقى مفتوحا طالما رغب الجانب الأمريكي بذلك. كما انها ستكمل تكثيف جهودها الدبلوماسية لتقوية موقفها دوليا عبر التعامل مع الاتحاد الأوروبي من جهة والدول العربية من جهة أخرى. وحول شرعية القانون بين المصدر أنه يخالف كافة الأشكال القانونية والدستورية المتبعة دوليا، فمسائل مثل المحاسبة والمقاطعة وتطبيق العقوبات على دولة معينة، لها مؤسساتها الدولية وقواعدها المحددة داخل القانون الدولي. فمعظم العقوبات التي طبقت على الدول كانت صادرة عن مجلس الأمن الدولي، حيث لا يحق لدولة سن عقوبات بشكل إفرادي، وإصدار أحكام قانونية بحق دولة من مسؤولية الأمم المتحدة اولا وأخيرا. واعتبر أن القانون يحاول الحد من دور الأمم المتحدة داخل المجتمع الدولي عموما، بعد ان تم التعامل معها سابقا بشيء من الاستخفاف من قبل الإدارة الأمريكية. واوضح المصدر أن الموافقة عليه كانت متوقعة من قبل الرئيس الأمريكي. فهناك هدف واضح من ورائه هو إزعاج الحكومة السورية، ودفعها باتجاه السياسات الأمريكية. معتبرا أن هناك أمرا مستغربا في القانون كونه يأتي مع تعيين السفيرة الجديدة للولايات المتحدة في دمشق، والتي ستباشر عملها مطلع العام القادم. مما يوحي ان التعامل مع هذا القانون مازال غير واضح.
وبين أن اللوائح الخاصة بالدول الداعمة للإرهاب يضعها وارن كريستوفر وهو يزور المنطقة باستمرار، ومطلع عن قرب على كافة المسائل. لكن هذه اللوائح تخضع للعامل السياسي ولاعتبارات الضغط على الحكومات في مختلف دول العالم. وقال ان الحوار مع الولايات المتحدة غير مقطوع وهو مستمر رغم الإجراءات الأمريكية الأخيرة، مبينا أن سورية تتعامل بشكل هادئ في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
|