من المؤكد أن ما ينشر في الصحف الإسرائيلية لا يجب أن يكون مسلماً به ومقبولاً للمتلقي العربي، إلا أن ما لا يقبل كله لا يرفض بعضه، وسواء ما ينشر يخدم أهداف الحركة الصهيونية، او يندرج ضمن معادلة دس السم في العسل، فإنه لا يمكن أن نمر مرور الكرام على ما تحفل به الصحف الإسرائيلية من تقارير تخص الشأن الفلسطيني بل علينا ان نقرأ ونمحص، ونستخلص الحقائق ونحكم العقل، وهو ما يجب أن نتعامل به مع ما نشر في صحيفة معاريف الإسرائيلية نقلاً عن تقرير من الاستخبارات الإسرائيلية الذي يتكهن عن مصير السلطة الفلسطينية في حالة اختفاء الرئيس ياسر عرفات.
وحسب التقرير الاستخباري الصهيوني فلن يكون ممكنا إدارة مفاوضات مع القيادة الفلسطينية في عهد ما بعد عرفات.وقد أعد التقرير استعدادا لمؤتمر «هرتسليا» لمعهد السياسة والإستراتيجية.. في المركز متعدد المجالات، الذي يعقد الاسبوع القادم.وتقول صحيفة معاريف: لقد وضع التقرير طاقم خبراء يضم مسؤولين كباراً سابقين في جهاز «الموساد» و«الشباك»، ورئيس قسم الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية أمان ».. كما شارك في إعداد التقرير أناس لايزالون يخدمون في أسرة الاستخبارات.. وصحافيون واكاديميون وكذا محافل فلسطينية.. طلبوا عدم ذكر اسمائهم..
وقد ترأس الطاقم د. شموئيل بار المسؤول الكبير السابق في اسرة الاستخبارات والباحث في معهد السياسة والاستراتيجية في المركز متعدد المجالات في هرتسليا.
ويهاجم واضعو التقرير المفهوم القائم في القيادة السياسية الصهيونية، الذي يقضي بوجوب انتظار القيادة التي ستنشأ في عهد ما بعد عرفات من اجل إدارة المفاوضات معها.
وحسب ما جاء في طيات التقرير فانه لن يكون ممكنا إدارة مفاوضات مع القيادة الفلسطينية التي ستنشأ في حينه، وحتى لو حاولت اسرائيل اجراء مفاوضات معها.. فستكون هذه عقيمة وغير ناجعة.ويقضي التقرير بأنه اذا ما بادرت اسرائيل الى خطوة إبعاد لعرفات من الاراضي الفلسطينية، فان من شأن هذه الخطوة ان تشدد نفوذ عرفات على الارض.. وبالمقابل اذا مات عرفات موتا طبيعيا او نزل عن المسرح لمرض او شيخوخة، فان السلطة الفلسطينية وفتح ستضعفان.. وفي مثل هذه الحالة يقول التقرير: فانه اذا لم تتسلم السلطة قيادة مصممة مكان عرفات، فان «حماس» قد تكون الجهة السياسية الوحيدة التي يكون لها سيطرة على الجمهور الفلسطيني وتحظى بتأييده.ويقول واضعو التقرير: انه في ظل غياب قيادة عموم فلسطينية تمثل التيار العلماني بعد غياب عرفات، فإن «حماس» ستبقى الجهة السياسية الوحيدة ذات القدرة على القرار والتنفيذ المركزي من القيادة، وذلك على الرغم من ان التيار الاسلامي لا يمثل عمليا سوى نحو ثلث الجمهور الفلسطيني..!!وورد في التقرير ايضا: بأن حماس تحظى بالتقدير كقوة ناجعة، منضبطة نظيفة نسبيا من الفساد، بل وتشكل بديلا للسلطة في الفراغات التي تلاشت فيها السلطة الفلسطينية.
ويقدر معدو التقرير انه في كل الاحوال يمكن لحركة حماس ان تطالب بالمشاركة في القيادة في المستقبل، وان تحظى بسلطة محلية اذا ما جرت انتخابات لمجالس محلية.
ويقضي التقرير بأن الاغلاقات والاطواق الصهيونية عززت قوة الخلايا الميدانية، التي ينتمي اليها اعضاء الجيل الشاب لحركة فتح الذين يتطلعون الى اتساع رقعة جماهير حركتهم، واضعفت اعضاء «الحرس القديم» في حركة فتح.
ومع ذلك فقد ورد في التقرير: ان ليس لاحد من الحرس الفتحي لحركة فتح سيطرة تشمل كل المناطق الفلسطينية، وقوتهم تستند الى السيطرة المحلية.
ويقدر اعضاء الطاقم الاستخباري الصهيوني: انه ليس لاي من الجهات القائمة اليوم شرعية وقوة لترسيخ سيطرتها، فمن المعقول الافتراض بأنه سيظهر زعماء من اوساط النشطاء الميدانيين، بينهم أسرى محجوزون اليوم لدى اسرائيل.
|