قضاء وقدر..
جل من لا يخطئ..
ومن هذا الذي تصفو سجاياه كلها
كفى «الطب» نبلاً أن تعد معايبه
كلها كلمات حق ولكن أحياناً قد يراد بها..
الصورة المثالية التي رسمها المجتمع للطبيب «يشكرون على ذلك» جعلت الكثير من المرضى لا يتقبل خطأ الطبيب حتى قال بعضهم «وشلون طبيب ويخطئ».
وفي مثل هذا المقام يجب أن نفرق بين أمرين مهمين:
1- المضاعفات الطبية التي قد تنتج من استخدام علاج أو اجراء عملية «side effect» مثل ظهور طفح جلدي عند تناول مضاد حيوي، فنحن متفقون على ان الطبيب لا يلام على ذلك ولكن يجب أن يوضح للمريض المضاعفات المتوقعة عند اعطاء أي علاج أو اجراء أي عملية.
2- التعدي الطبي «Mal Practice» وهذا هو خطأ من الطبيب مثل أن يعطي المريض جرعة كبيرة من العلاج، أو أن يستخدم جهاز الليزر في غير موضعه.
فكل هذه الممارسات غيرمقبولة، ويجب مناقشة هذه الحالات مناقشة شرعية طبية، لأن هذا يعتبر تعدياً على النفس.. سأضرب مثالين واقعيين من عيادتي: أحدهم دخل الى العيادة وهو يزبد ويرعد ويتوعد ذلك الطبيب الذي أعطى زوجته المضاد الحيوي الذي تسبب في ظهور طفح جلدي بسيط، وحاولت اقناعه جاهدا ان أفضل الأطباء لا يمكن أن يتحكم في قابلية الجسم للحساسية.
المثال الآخر هو رجل قد تم تشويه وجه ابنته بالليزر من أحد المراكز الطبية غير المتخصصة بالليزر، ومطلبه الوحيد هو تعديل ما تم تشويهه ولسان حاله يقول استر عليَّ وعلى بنيتي مع يقيني أنه يعلم ان هناك لجنة طبية شرعية قد تواسي بعض جراحه.
اختم بقصة واقعية تبرز مثالية بعض شرائح مجتمعنا التي نفخر بها حينما طُلب مني تحكيم طبي في احدى القضايا حيث اتضح ان الطبيب نفسه هو الذي ذهب الى القاضي يشتكي نفسه، وتقرأ في عينيه أريد تطهير الدنيا قبل الآخرة وكأنه يذكرنا بموقف الغامدية مع الرسول صلى الله عليه وسلم وبالفعل تم تغريمه وخرج مسرور النفس فرحاناً.
وصدق من قال ما دخل الدين في شيء إلا زانه.
*) استشاري أمراض طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر
|