تفاعلاً مع ما كتبه الاخ علي بن عبدالله في صفحة الرأي بتاريخ 15 شوال حول التكريم المادي والمعنوي للمتقاعدين وأهمية الاستفادة من اوقاتهم وخبراتهم بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة ويخفف ان لم يقض على ما يشعر به البعض منهم من السأم والملل.. الخ.
ومع أنني لست ضد اي اهتمام من هذا القبيل الا انني لا اعطى كل تلك الاهمية الكبيرة التي يوليها البعض ومنهم الاخ الكاتب لموضوع التقاعد والمتقاعدين وذلك للاعتبارات التالية:
1- ان الانسان الذي امضى 60 عاماً هي زهرة عمره المديد نصفها في العمل الدراسي والنصف الآخر في العمل الوظيفي هو بحاجة الى الراحة والتفرغ من هموم العمل ومتاعبه بل ومن هموم الدنيا كلها والخلود الى الراحة ماتبقى من سنوات عمره القصيرة التي ان لم تكن تعد على اصابع اليد الواحدة فعلى اصابع اليدين وهذا هو المعدل العمري للغالبية وهو امر يدركه كل واحد ولا يجهله ولو من خلال النظر الى اعمار المتوفين من اقاربه ومعارفه.
2- ان الانسان عند الستين وربما قبلها بسنوات تعتريه الكثير من الامراض ومنها بصفة خاصة امراض المفاصل والسكر والضغط وغيرها من الامراض التي تقلل رغبة الكثيرين او بالأحرى قدرتهم على الارتباط بأي عمل رسمي او تطوعي لان الظروف الصحية تجعل الواحد منهم قادراً احياناً وغير قادر احياناً اخرى.
3- من الخطأ ان نفترض ان كل او معظم المتقاعدين عاطلون عن العمل وليس لدى احدهم ما يشغل به وقت فراغه فالكثير من الموظفين هم اصحاب المحلات التجارية والورش والمؤسسات ومكاتب العقارات والاسهم والاستراحات والمزارع وغيرها من الاعمال والنشاطات التي كانوا يديرونها بأسماء اقاربهم وتشغلهم عن بعض اوقات الدوام ثم تفرغوا لها بعد التقاعد.
4- لا اظن ان لدى المتقاعدين من سائر موظفي الخدمة المدنية على وجه الخصوص من الخبرات والمهارات والتخصصات ما يجعل احدهم اذا تقاعد يترك فراغاً يصعب وجود من يشغله بل بالعكس وجد ان الخدمات تتحسن كلما دخلت الدماء الجديدة الى المرافق العامة. ثم ان توظيف الخريجيين الجدد لا يدع مجالاً لاعادة توظيف المتقاعدين وعلي الموظف ان يضع هذا في اعتباره قبل بلوغ هذه المرحلة.
5- هناك مجال واسع أمام المتقاعدين للانخراط والمشاركة في الاعمال الخيرية والتطوعية من مثل جمعيات البر الخيرية وجماعات تحفيظ القرآن الكريم ومكاتب الدعوة والارشاد وهيئة الاغاثة الاسلامية وجمعية رعاية المعوقين وغيرها من الجهات التي تعاني من قلة العاملين في المجالات المالية والادارية وفي حاجة ماسة الى المتطوعين او العاملين بأجور رمزية فهل يفكر من يعاني من الملل والفراغ من المتقاعدين في التطوع للعمل في هذه المرافق الخيرية إن كان قادراً على ذلك.
واخيراً وفي ضوء هذه الاعتبارات يمكن القول ان المتقاعدين بخير وما ينبغي الخوف عليهم وان الجهود ينبغي ان توجه الى ابنائهم الذين هم بأمس الحاجة الى ان توضع لهم الخطط والبرامج التي تسهل على كل طالب الحصول على مقعد في الجامعة دون عناء وتسهل عليه الحصول على عمل بعد التخرج. هذه هي القضية المهمة التي ينبغي ان توجه اليها اهتمامات المسئولين وان يكون التركيز عليها من جانب الكتاب والصحفيين والله الموفق وهو المعين.
محمد حزاب الغفيلي/محافظة الرس
|