عباءة المرأة السعودية أصبحت في الغرب وفي بعض الشرق أشبه بقميص عثمان، يغشاه في الحديث والهجوم العارفون وغير العارفين.
هذه العباءة «التي لا تتجاوز مساحتها 3م2» متهمة حتى آخر خيط فيها بأنها أداة تخلف، ووسيلة قهر، ومظهر غير حضاري ولا تزال الهجمة عليها متصلة حتى من أقرب الناس إلى أصحابها وللأسف الشديد. هذه العباءة متهمة لأنها سعودية في الدرجة الأولى. وإلا فإن في كل دول الخليج عباءات، وفي الأردن وفلسطين وبلاد الشام والمغرب العربي وإفريقيا العربية عباءات مختلفة في الشكل واللون، بل إن بعضها يحمل نفس المواصفات والمقاييس، وأرياف بلاد الشام وبلاد الرافدين «العراق، الأردن، سوريا، لبنان وفلسطين» هي خير شاهد على ذلك، لكن حبر الصحافة الغربية الأسود لم يرق له سواد عباءات إيران وأفغانستان وباكستان وغيرها الكثير مما لا يتسع المقام لحصره، ولم يجد غير عباءاتنا منهلاً له. ربما لأن سواد هذه العباءات متوائم مع سواد نفطنا!!
لم ننكر يوماً على أية أمة اختيار الأزياء الخاصة بها، وما تراه مناسباً ليكسو أجسادها، ويكرس تقاليدها المتوارثة وتاريخها، والتي تجد فيها بقايا من شكل أو طعم أمجادها الغابرة أو ملامح حياتها المعاصرة. حتى إن الذين يلبسون جلودهم فقط على أجسادهم يتوقعون من الآخرين أن يحترموا رغباتهم هذه، لأنها من اختيارهم أنفسهم، وكل ما في قرارات هذا العالم أباحت له وشرعت ما يراه مناسباً له من حقوق في حياته الخاصة.
إن النموذج الغربي «المتحضر»، والمتحرر جداً في شأن المرأة زياً وقيمة، لا يروق لنا أبداً، ولكننا حتى وان كنا ندينه لم نتبرع يوماً لكي نتهجم على الغرب، ويكون تهجمنا ذلك مقدمة للهجوم عليه!!
إن المملكة العربية السعودية تكاد تكون الدولة الوحيدة في هذا الكون التي تستمد قوانينها كلها من شريعة السماء، وبخاصة فيما يتعلق بالحشمة والوقار، نحن أمة فطرنا على مبدأ الحياء، ورضعناه منذ نعومة أظفارنا، والعباءة هوية هذا الحياء لدينا في مجتمعنا.
ومع ذلك فإنني أقر بأن العباءة لا تعني الانكفاء أو الاختباء، ولا الاختفاء فيها وصلت المرأة إلى المدرسة في الجامعة فالعمل.. إلى حيث أرادت ولم تشكل يوماً عائقاً لها.
لقد أصبحت هنالك ألفة خاصة بين خيوط عباءاتنا ورائحة أجسادنا المعجونة بفتات أزهار الخزامى، وشذى العنبر والورد الطائفي المراق على جدائلنا ومساقط أقراطنا، ولن تفرق بيننا وبين عباءاتنا كدمة في جريدة، أو رغبة في نفس مريضة، أو جشع روى التاريخ أنه يتساقط دائماً ما بين أطراف عباءاتنا وأماكن خطو أقدامنا.
العباءة تنتصب على أجسادنا وحدها.. وفي وجهها يقف إعلامهم وأحلامهم.. وأقلامهم.. ولا إسلامهم.. وتاليتها!!
|