Saturday 13th december,2003 11398العدد السبت 19 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
توزيع الكعكة العراقية يفجر الخلافات مجدداً بين ضفتي الأطلسي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

فجرت الحرب الأمريكية البريطانية على العراق خلافاً حاداً بين ضفتي المحيط الأطلسي، فالضفة الغربية «الولايات المتحدة» كانت متحمسة والقائدة للحرب على العراق، وقد أيدتها في ذلك من الضفة الشرقية بريطانيا وإيطاليا ودول أوروبا الشرقية فيما عارضت ذلك وبشدة فرنسا وروسيا وألمانيا وبلجيكيا وهذا ما جعل وزير الدفاع الأمريكي يقسم أوروبا إلى أوروبا القديمة «المعارضون للحرب» وأوروبا الجديدة «المؤيدون والمشاركون في الحرب»، وبعد غزو العراق ودخول القوات الأمريكية ومشاركتها للعراق، جرت محاولات لرأب الصدع بين دول ضفتي الأطلسي، وأنجزت في هذا الخصوص مصالحة بين واشنطن وبرلين وتقريب لوجهات النظر بين باريس وموسكو من جهة وواشنطن من جهة أخرى، بعد أن سلمت دول أوروبا القديمة بالأمر الواقع، ولحاجة واشنطن إلى دعم وجودها في العراق، وبدا للوهلة الأولى بأن الغرب وضفتي الأطلسي سيعالج خلافاته ويعيد التفاهم الغربي إلى سابق عهده إلى أن فجر الرئيس جورج بوش «مشكلة جديدة» للدول التي لم تشارك في الحرب ضد العراق، إذ قال الرئيس الأمريكي إن إرساء عقود إعادة إعمار العراق سيعكس واقع الوجود العسكري لقوات الحلفاء، موضحاً أن الأمر في غاية البساطة: «قواتنا خاطرت بحياتها وكذلك القوات الأخرى» أما الدول الأخرى التي عارضت التدخل العسكري فلا يمكن أن تحصل شركاتها على عقود في إطار إعادة إعمار العراق»!
هذا القول فجر الخلاف مجدداً، فالرئيس بوش يرى أن بلاده والدول التي حاربت في العراق وحدها التي ستحصل على «جائزة الحرب» بالحصول على عقود المشاريع التي ستحقق أرباحاً وتفيد اقتصاد بلدانها.. وأنه ليس مقبولاً أن تحصل الدول المعارضة للحرب على جزء من الجائزة وهي لم ترسل جنودها للحرب..!
بوش وضع طعماً للدول المعارضة وخاصة الكبرى منها وهي روسيا وفرنسا وألمانيا التي يزورها مبعوثه الخاص جيمس بيكر لبحث إلغاء أو تخفيف ديون العراق، إذ يرى بوش أن هذه الدول إذا ما ساعدت على إلغاء أو تخفيف ديون العراق يمكن اعتبار ذلك مساهمة في إعادة العراق إلى حالة التعافي وبالتالي يمكن النظر في إشراكها في عقود إعادة إعمار العراق..!
هل يعتبر هذا ابتزازاً، وضغطاً على الدول التي قادت المعارضة للحرب ضد العراق، أم ثمناً مقبولاً للحصول على جزء من الكعكة العراقية، أو هو عودة للمبدأ الذي رفعته الإدارة الأمريكية قبل الحرب والذي اعتبر من لم يحارب معنا فهو ضدنا.. وبالتالي فإن من كان معهم يستحق المكافأة.. أما المعارضون فعليهم تقديم ثمن للتكفير عن الوقوف ضد واشنطن في الحرب.. والثمن هو التنازل عن بعض الديون المترتبة على العراق أو إلغاؤها تماماً للحصول على جزء من عقود إعادة إعمار العراق التي يسيل لها لعاب الدول.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved