* الثقافية - علي سعد القحطاني:
دعا الدكتور محمد بن سعد الشويعر إلى «تحصين الشباب ضد الغلو والتطرف» وذلك من خلال ورقته التي ألقاها مؤخراً في نادي الرياض الأدبي.في البداية أشار الشويعر إلى أن الشباب بمثابة الجوهرة الثمينة في جيد الأمة والنجم الساطع في سمائها، وقد أصبحوا في أمس الحاجة إلى النصح لهم والمحافظة عليهم ورعايتهم وتوجيههم ضد الغزو الفكري، الذي تتسع دائرته بين وقت وآخر ويعرض بأساليب وشبهات ذلك الغزو الموجه من أعداء دينهم الذين لا يريدون بهم خيراً بل يثيرون الشكوك حتى يباعدوا بينهم وبين دينهم بالشبهات، وقلب الحقائق في غزو فكري يجعل بين الشباب وبين تعاليم الإسلام هوة سحيقة.
ودعا الدكتور الشويعر إلى وجوب تحصين هؤلاء الشباب والعمل على تقوية القدرات المناعية عندهم، حتى لا يتقبلوا كل شيء وافد، وحتى يعتزوا بما أكرمهم الله به، ويجعلوا بينهم وبين الأعداء ستارا لا يمكن التطاول لتجاوزه وأوجز المحاضر الكريم تلك الحصانة في نقاط منها:
1- البعد عن المعاصي.. فإن جميع الشرور التي تصيب المسلم، هي بسبب معاصيه، وهو الذي عرّفته تعاليم دينه سبل الخير ليعملها، وطرق الشر ليحذرها يقول سبحانه: {مّا أّصّابّكّ مٌنً حّسّنّةُ فّمٌنّ اللّهٌ وّمّا أّصّابّكّ مٌن سّيٌَئّةُ فّمٌن نَّفًسٌكّ}.
2- الحرص على القدوة الصالحة، في الرفقة وفي العمل وفي المجالس، حتى يستفيدوا منهم ويعينوهم على الخير، وينتفعوا من علمهم. يقول صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل الجليس الصالح: كحامل المسك، إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ومثل جليس السوء: كمثل صاحب الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة».
3- السؤال عن كل شبهة تطرح، والاستيضاح عن كل فكر وافد وأبعاده، حتى يعرف الشاب ما ينفع ليعمله، ويحافظ عليه. ويدرك الضار ليبتعد عنه؛ لأن الله يأمر بذلك: {فّاسًأّلٍوا أّهًلّ الذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ}.
4- الاهتمام بحسن التطبيق لكل أمر حسن، والدعوة إليه، وعدم مخالفة العمل لما تدعو إليه أيها الشاب يقول سبحانه: {كّبٍرّ مّقًتْا عٌندّ اللَّهٌ أّن تّقٍولٍوا مّا لا تّفًعّلٍونّ}.
*ر10ر* يٍرًسٌلٌ السَّمّاءّ عّلّيًكٍم مٌَدًرّارْا **ر11ر* وّيٍمًدٌدًكٍم بٌأّمًوّالُ وّبّنٌينّ وّيّجًعّل لَّكٍمً جّنَّاتُ وّيّجًعّل لَّكٍمً أّنًهّارْا} ويقول صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب».
6- إدراك أن ما يعطيه العلماء والمعلمون لطالبي العلم، إنما هي معالم على الطريق، وجوازات سفر توصلهم إلى الغايات المطلوبة، وذلك باستمرار البحث والتعلم، وزيادة التحصيل، وعرض كل ما يعترضهم على المحك في شريعة الإسلام، والتعلم ممن هو أقدر منهم، فلا ينال العلم مستحٍ ولا متكبر.
7- ترسم خطى سلف هذه الأمة، والتربية على منوال المدرسة الأولى، التي رعت شباب المدينة المنورة، الذين بحرصهم حملوا علماً غزيراً، وتركوا أثراً بارزاً في الاهتمام بالمثابرة والتعليم، والحرص والمتابعة، أمثال: عبدالله بن الزبير وأخويه: مصعب وعروة، وعلي بن أبي طالب ثم أولاده: الحسن والحسين، ومحمد، وعبدالله بن عمرو، ومعاذ ومعوذ ابني الحارث، وجابر بن عبدالله، وأسامة بن زيد الذي قاد جيشاً جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمره «17» عاماً، وعمر بن عبدالعزيز - الخليفة الأموي - ومحمد بن القاسم، الذي فتح الهند والسند ولم يبلغ عمره العشرين، وغيرهم كثير من شباب الإسلام في كل زمان ومكان.. ممن اهتموا بدينهم، ودافعوا عنه بكل ما يستطيعون: باللسان وباليد وبالجهد، لأنهم أدركوا الدور الذي عليهم، فبذلوا طاقاتهم من أجل الذود عن حياضه، فهابهم الأعداء، وتعاضدوا فيما بينهم، يقول الشاعر:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
وقال د. الشويعر: إن ما يتعرض له الشباب، مما يشوش على أفكارهم، وخاصة في عصرنا هذا، حيث أشرعت السهام ضد الإسلام، بأهداف ومسميات شتى، وفي مقدمتها كلمة الإرهاب، الذي جعلوه شعاراً ضد الإسلام ومبادئه وقيمه، ومع هذا الشعار وتحت مظلته تكاثرت التيارات المتعارضة، وتباينت الأغراض المقصودة، فكانت فتناً يحتار فيها الحليم.
وكثرت الأفكار المتصارعة الموجهة نحو شباب الإسلام، مما أصاب بعضهم بالحيرة، في هذه النماذج الفكرية، وكيفية مواجهتها، وبعضهم انساق بدون روية مدفوعاً أو مقلداً، كما حصل عندما تكاثرت الأفكار في أيام الدولة الأموية، وما بعدها، وعندها ظهر الأعداء الذين دخلوا الإسلام خداعاً، أو ممن تأثروا بخلفيات الأمم المغلوبة عقيدة وفكراً، فنشأت الفتن والفرق، وظهر شباب أحداث السن، خاوية عقولهم، فخرجوا على جماعة المسلمين، وسموا الخوارج بفكرهم وعدم فهمهم منطلقات الإسلام، واتباعهم من لا يريدون لوحدة المسلمين، وعقائدهم خيراً، فنشأت البداية في تكفير ولاة الأمور، والعلماء.
|