قام أحد المواطنين بوضع إعلان في إحدى الصحف المحلية موثق برقم الهاتف الجوال والثابت وفيه يعلن عن (رغبته بالمقايضة وذلك بطلب خادمة جديدة من إحدى الجنسيتين (الهندية والسيريلانكية فقط) على أن يكون المقابل سيارة من نوع (دوج) موديل 1991م) (هكذا ظهر الإعلان تماماً)!! وكأنه يقول لزوجته يمكننا الاستغناء عن السيارة (القديمة) مقابل أن يكون لديك شغالة جديدة!!
والحقيقة أننا لا نعلم ما الدوافع التي دعت المواطن لهذا الإعلان المبوب! هل هي الحاجة الفعلية للشغالة؟ أو أن الهدف هو التخلص من السيارة القديمة؟ أو أنه ما زال يعيش في زمن المقايضة ولم يدرك أن العالم وصل إلى التعامل بالنقود!! على الرغم من أن النقد كان معروفاً منذ أصحاب الكهف حيث قال عز وجل {فّابًعّثٍوا أّحّدّكٍم بٌوّرٌقٌكٍمً هّذٌهٌ إلّى المّدٌينّةٌ فّلًيّنظٍرً أّيٍَهّا أّزًكّى" طّعّامْا فّلًيّأًتٌكٍم بٌرٌزًقُ مٌَنًهٍ ولًيّتّلّطَّفً ولا يٍشًعٌرّنَّ بٌكٍمً أّحّدْا} أم أن الأمر لا يتعدى الدعاية فحسب!! وأخشى مستقبلاً أن يكون ذلك عرفاً عند الناس يتبادلون خلاله الشغالات بأشياء بخسة أو ثمينة بعد أن أصيبت بعض الشعوب الأخرى بهذا الداء حتى وصل الأمر بهم أن يقايضوا بأطفالهم وزوجاتهم مقابل حفنة من الأموال أو كمية من المخدرات!! أم أن الأمر لا يعدو عن كونه استهتاراً بالإنسانية التي كرمها الله بغض النظر عن الجنسية والمعتقد والنوع حيث قال تعالى: {ولّقّدً كّرَّمًنّا بّنٌي آدّمّ وحّمّلًنّاهٍمً فٌي البّرٌَ والًبّحًرٌ}.. ولعلنا نتساءل: هل ما زال لدينا عقول تعيش في فكر الاستعباد بعد أن منَّ الله على البشرية بالحرية، وتخلصت من قيود العبودية، أم أن تلك العقول ذاتها ترى أن العمالة لدينا دون مستوى البشر حتى أن بعض الناس يلزمون العمالة لديهم بمناداتهم بألقاب توحي بالفوقية والاستعلاء والاستعباد!! على الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى مناداة الموالي آنذاك (بالفتى أو الفتاة) والقرآن الكريم ذكر ذلك في قوله تعالى: {فّلّمَّا جّاوّزّا قّالّ لٌفّتّاهٍ آتٌنّا غّدّاءّنّا لّقّدً لّقٌينّا مٌن سّفّرٌنّا هّذّا نّصّبْا} ألا ننزعج ونغضب حين لا نلقى الحفاوة التي نتوقعها في بعض البلدان التي نزورها بغرض السياحة والترفيه؟ ونرفض استغلالنا مادياً من لدن بعض سكان تلك البلدان؟ أليس في هذا الإعلان التقليل من كرامة الذين جعلهم الله عواناً لدينا؟ وجعلنا النظام كفلاءهم بعقود تنتهي ولها أجل؟ وذلك النظام وتلك العقود لا تجيز مطلقاً التعامل معهم دون إنسانية أو إهدار كرامتهم، وحقوقهم أو عدم احترام وظائفهم!
إن المرء - حقيقة - يخشى أن يأتي يوم يصبح فيه الإنسان في خدمة مخدومه وتلك هي الكارثة.. ومقولة (الشام شامك إلى.. ما الزمن ضامك.. والهند هندك إلى.. قلّ ما عندك) لم يمض عليها خمسة عقود.. وما أقرب الليلة من البارحة.. فهل نعي ما نفعل؟؟!!
وللقراء تحية:
- العنود الثنيان/ الرياض:
وصلني خطابك، الموهبة ومداومة القراءة والاطلاع ودقة الملاحظة والبحث، من شأنها أن تخلق كاتباً، ولكن النجاح يكمن بالممارسة وصقل تلك الموهبة.
- طلال محمد الأحمدي/ جدة:
أشكرك يا أخي.. والمواطنة ليست حكراً على الرجل فقد تجاوزنا هذه المرحلة، ويبقى الشعور بالانتماء للوطن مطلبا سلوكياً، بعيداً عن الشعارات الرنانة.
- شهد المهنا:
أرقب خطواتك بوجل وأمل، أقدمي، الطريق طويل ولكنه ممتع ويسمو بك نحو الآفاق!
- مرام العثمان/ الرياض:
حين يكون الهدف سامياً يستحق أن نكافح من أجله، ليكن التفاؤل منهجك، ومزيداً من الإبداع.
ص.ب 260564 الرياض 11342
** أود أن أبدي شكري وتقديري للقسم الفني والاخراج على الاهتمام بتنسيق صفحة المقالات وإخراجها بالشكل الرائع.
|