قرأت ما كتب الاستاذ محمد البشري في صفحة الرأي حول المعلم الجديد وحاجته الينا فأحببت ان اضيف على ما ذكر عدة امور تحكي بعض معاناة المعلم الجديد فهو يخطو اولى الخطوات في المسيرة التعليمية وهي خطوة تفتقد بطبيعة الحال للخبرة ومن المعروف ان اولى الخطوات لابد ان تكون بتؤدة وعلى مهل وهي خطوات محسوبة حتى يتضح الطريق وتتبين الصعاب ويكتسب المهارة اللازمة للتعامل معها وحلها ولكن الذي ينظر الى المدارس يجد ان كثيرا منها يستقبل المعلم الجديد وكأنه فريسة شهية او سلة كبيرة فيعطى ما فاض من المواد فبعد ان يقتسم المعلمون الجدول ويتركوا من الحصص ما لا يرغبونها يأتي المعلم الضحية ويتسلمها وبكل حماس في حين كان من الواجب ان يعطى من الحصص وفق عناية شديدة واختيار دقيق لمساندته من جهة وحرصا على نتائج الطلاب الذين سيتأثرون بأدائه.
من جهة اخرى فالمعلم الجديد في سنته الاولى لابد ان ينظر اليه طالبا لا معلما ويؤخذ بيده لا ان يكون كبش فداء ومطية لانجاز العمل بلا تعاون وعدل بين العاملين فالمدير الفاشل الذي لا يستطيع تكليف المعلمين اصحاب الخبرة الطويلة تجده يعهد كل امر الى المعلم الجديد ثم يختم ذلك باعطائه تقديرا متدنيا في الاداء الوظيفي لانه يراه معلما جديدا ناقص الخبرة وحكما مسبقا وربما غيابياً قبل ان يوجه الى المدرسة بينما في العمل لا ينظر الى هذا الجانب فيكلفه ما لا يطيق وربما حصل للمعلم انعكاس سيئ فيرى التعليم ميدانيا مخالفا لكل تلك المنظومات الجميلة التي كان يتعلمها في دراسته فيعرض عن هذا الشرف العظيم وهو مؤهل له بسبب نمطية التفكير الغريب لدى بعض الادارات المدرسية، المعلم الجديد يدخل الى المدرسة فتتلاقفه الايادي ويمطرونه بسيل من التوجيهات ومنها انه اذا اراد ان يؤدي دوره بأمانة واجتهاد نظر اليه بعض المعلمون نظرة شفقة بل بعضهم يصرح بنصح هذا المعلم ويقول له أنت على الفطرة الله يهديك اترك عنك هذه الاشياء ترى ما احد درى عنك فإذا اتى بصحيفة او وسيلة ايضاحية بادره احدهم بالقول ما شاء الله انت اللي شراها؟؟
وهذا سؤال فيه من الدلائل المتعددة وغيرها من الاحباطات التي تمارس ضده فينظر الى نفسه كالغريب وخاصة انه لا يرى التشجيع من الادارة.
المعلم الجديد يؤثر الصمت في الاجتماع لانه يخشى ان يأتي باقتراح مدمر يأخذه معلمو الخبرة على غير محمله، المعلم الجديد يقوم بتوزيع الجوائز التقديرية على الطلاب من حسابه الخاص فيتلقى صفعة من احد زملائه بقوله انت حبيب ترى وراك زواج وسكن، خل عنك هالخرابيط!!
المعلم الجديد عبارة عن استراحة محارب يركن اليه المشرف المتخاذل بعد عناء شديد قضاه المشرف مع معلمي الخبرة، المعلم الجديد لا يكون متميزا امام الكثير من زملائه الا اذا احضر الاكلة الشعبية الاولى في منطقته فترى سيلا من الاشادة والتشجيع وغيرهما وخاصة في ايام الشتاء، المعلم الجديد يخضع للاختبار والفحص لمدة شهر قبل ان يخبروه بان هناك جمعية او دورية اسبوعية فإذا اجتاز الفحص وثبت انه غير مماطل وليس بغثيث دعوه لاجتماعهم بل اذا ثبت انه ذو لسان نشيط وذهين وعنده علاقات هنا وهناك ألحوا عليه بالمشاركة وقدموا له مناسبة خاصة به. المعلم الجديد يحمل المدرسة على عاتقيه وكل اعضاء المدرسة يأمرونه ويستغلون جهله بالانظمة فالمدير والوكيل وكذلك المرشد حتى يصل الأمر الى ان الكاتب يكلفه بترتيب الملفات وربما يصل الامر الى ان يكلفه الحارس بالمناوبة خارج وقت الدوام الرسمي.
المعلم الجديد يجيد الفزعات فهو يبادر الى التعامل مع اي موقف بايجابية ولو لم يطلب منه وعندما تحتاج المدرسة الى ملاحظ او تدقيق او حصة انتظار تجده يهب مسرعا للقيام بذلك، وهذا لا اشكال فيه اذا وجد من يقدر ذلك لا ان يكون ذلك مدعاة للسخرية منه واستغفاله. المعلم الجديد غالبا ما يكون معينا في منطقة لا يرغبها وربما يكون غير مستقر ذهنيا ونفسياً ويصطدم بادارة لا تقدر الامور الانسانية والظروف الخاصة فيعامل كما يعامل غيره ممن استقروا نفسيا وتهيأوا لليوم الدراسي. المعلم الجديد ارض خصبة للمدير الانتهازي الذي يستعرض عضلاته امام هذا المعلم فتجد هذا المدير يكرر الاتصالات على مراكز الاشراف التربوية مبديا تذمره من هذا المعلم ليثبت انه اذهب نفسه ووقته لاصلاح هذا المعلم فتجده يتصيد الاخطاء ليبين دقته وحزمه، ويقدم هذا المعلم قرباناً للمركز التربوي لتحسين صورته. المعلم الجديد يحتاج نظاما ملزما للادارة المدرسية للتعامل معه معاملة دعم وتشجيع وتبصير والوقوف معه فمهما كان المعلم الجديد بارعا في المادة العلمية وملما بالطرق التربوية الا انه يفتقر الى الخبرة ويحتاج الى الالتفاف حوله وتبصيره بادوات العمل وطرقه.
يجب ان يكون هدف الادارة المدرسية الاول ايجاد معلم قادر ومتمكن وهذا لا يكون بتلك الطرق القاسية التي يعامل بها وينبغي الا يكون الحرص على تقييم ادائه الوظيفي غاية القصد فهو لم يوجه الى المدرسة الا بعد اجتيازه اختبار القدرات الخاص بالمعلمين الجدد.
إبراهيم محمد المريع
|