Friday 12th december,2003 11397العدد الجمعة 18 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الشيخ الفوزان في محاضرة «مسؤولية العلماء والدعاة»: الشيخ الفوزان في محاضرة «مسؤولية العلماء والدعاة»:
بيان الحق في التفجيرات مهم لأن هناك من يدعي أن هذا من الجهاد
الاختلاف علامة الهلاك وعلينا أن نطرد الشائعات والأصوات التي تريد تفكيك هذه الأمة

* الرياض - منصور البراك:
أوضح معالي عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ صالح بن فوزان الفوزان أن الأنبياء في السابق كانوا هم الذين يسوسون الأمم كلما مات نبي خلفه نبي يقوم بالدعوة إلى الله وبيان الهدى من الضلال وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ولما كان نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ليس بعده نبي يخلفه، جعل الله العلماء هم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم فالعلماء يقومون بالدعوة إلى الله وتبصير الناس ونشر الخير الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. والعلماء في هذه الأمة بمثابة الأنبياء في بني إسرائيل بتبليغ الدعوة إلى الناس ووراثة العلم والقيام به علماً وعملاً وتعليماً يتعاقبون في الأمة جيلاً بعد جيل وببقائهم يبقى العلم وبذهابهم يذهب العلم ووجود العلماء ضمانة للأمة من الضلال.
وأوضح الشيخ صالح في محاضرته التي ألقاها مساء أمس الأول الأربعاء في جامع عثمان بن عفان ضمن فعاليات دورة المسؤولية تحت عنوان «مسؤولية العلماء والدعاء قائلاً: إنما يقل العلم في آخر الزمان ويكثر الجهل والتعالم بدعوى العلم ويكثر القراء ويقل الفقهاء، لكن العلم لا يزول، بل هو موجود ولله الحمد فإذا رجع الناس إلى علمائهم استفادوا منهم، فإن هذه علامة خير للأمم وضمان لبقاء الأمة ويجب الرجوع إليهم فيما أشكل، قال الله تعالى: { فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ پذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ} ، ولا يجوز للإنسان أن يستغني عن العلماء وهو ليس عنده علم يهديه وإنما هو يكتفي بمطالعة الكتب واجتهاده هو وتفكيره عليه أن يرجع إلى أهل العلم والبصيرة، فربما يخيل إليه أنه على حق وأنه مصيب وأنه عالم وإذا رجع إلى أهل العلم تبين له أنه ليس على شيء. فمسؤولية العلماء والدعاة كبيرة ولم يؤتهم الله العلم لكي يترقوا على الناس أو يطلبوا به الدنيا لكن أعطاهم العلم أمانة وحملهم أمانة يؤدونها إلى غيرهم فيجب عليهم أن يبينوا للناس ويوضحوا لهم وخصوصاً في فترات الجهل والحاجة والفتن، فلا يليق بالعالم أن يكتم العلم ويرى الناس في ضلال وحيرة بين يدي الأعداء وأهل الأهواء، يراهم ولا يبين الحق والعلم الذي آتاه الله فإنه مسؤول عما آتاه الله والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)، العابد يعبد الله عزَّ وجلَّ ولكن العالم أفضل منه لأنه يعلم الناس الخير، عمل العابد مقصور عليه مثل النجم نور مقصور عليه وأما العالم فهو مثل القمر نوره يتمدد في الكون فنفع العالم متعد ونفع العابد قاصر عليه والشيطان لا يتسلط على المجتمعات إلا إذا فقد العلماء أو سكتوا ، وما تسلط على قوم نوح ونشر فيهم عبادة الأصنام إلا بعد ما قبض العلماء لما هلك العلماء ونسخ العلم جاءهم الشيطان وزين لهم عبادة الصور المنصوبة فعبدوها من دون الله وما قدر الشيطان على ذلك في وجود العلماء.
ومضى معالي الشيخ صالح بالقول: الناس الآن كما ترون يعبدون القبور ويعبدون الأضرحة ويتعبدون إلى الله بالبدع والتصوف والخرافات وعلماؤهم موجودون ولكنهم ساكتون وربما يشجعونهم على ذلك ويقولون أنتم على حق وهذا هو الدين فهذه والعياذ بالله زلة كبيرة من هؤلاء العلماء الذين سكتوا عن الشرك والبدع والمحدثات حتى تنامت وكثرت وصارت هي الدين في كثير من البلاد لأن الناس ألفوها وتعودوا عليها.
وأكد أن الحاجة للعالم عند الحوادث والجرائم تشتد في هذه المواضع فيجب أن يكون لهم موقف صحيح ولا ننسى موقف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لما جاءت فتنة خلق القرآن وقف وحده رحمه الله وصبر على الضرب والحبس وأبى أن يقول بخلق القرآن وقال القرآن منزل غير مخلوق ثبت على هذا وضربوه وحبسوه وصبر فكانت العاقبة له ونصر الله الدين وحفظه بهذا الرجل في هذا الموقف العظيم. والإمام ابن تيمية لما كثر الشر في وقته وكثر الشرك وكثرت الفتن وظهرت بوادر الجهمية والمعتزلة في وقته واستبدل الكتاب والسنّة بعلم الكلام وعلم المنطق وهو رجل واحد قام في وجه أمة حتى أعز الله دينه ونصر كتابه وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وبقي هذا الدين كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة هذا الرجل المجاهد، لا شك أن هؤلاء الأئمة لاقوا عنتا وتعباً ولاقوا لوما وتوبيخا وتهديداً ولكنهم لم يلتفتوا إلى هذا، بل راقبوا الله عز وجل ووقفوا وقفة صدق فنصرهم الله وأعزهم وجعل لهم ذكراً في العالمين.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء على المجتمع المسلم بأن يصغي للعلماء شيباً وشباباً. ويتقبل منهم لأنهم هم الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى ولا يجوز أن ينتقص من العلماء أو من قدرهم أو علمهم أو من نياتهم ومقاصدهم أو يذموا ويتهموا عند الناس هذا من الضلال وفعل أهل الأهواء والجهال، فيجب أن يحترم العلماء وتحترم مواقفهم وتقبل نصيحتهم ويقتدى بهم لأنهم هم ورثة الأنبياء ولهم قدر عظيم عند الله تعالى فلا يجوز تنقصهم والحط من قدرهم كما يفعل بعض المتعالمين والجهال الذين ينالون من أهل العلم ويتكلمون فيهم ويحذرون منهم أو ممن خالفهم وهذه علامة شر وضلال وهلاك وحتى لو أخطأ العالم في بعض المسائل فإن هذا لا ينقص من قدره لأنه ليس معصوما وهو لا يقصد الخطأ وإنما يقصد الحق فعلينا أن نوقر علماءنا ونحترمهم حتى نكون أمة واحدة فإذا رجعنا إلى أهل العلم وأخذنا عنهم واستفدنا من نصائحهم وتعلمنا منهم فهذه علامة النجاح.
أما إذا اختلفنا وزادت الأهواء والرغبات وصار كل حزب بما لديهم فرحون كل جماعة تعتني بنفسها ولا تمدح إلا قائدها وتخطئ الآخرين فهذه علامة هلاك.
وتابع الشيخ صالح قائلاً: إن الاختلاف على أهل العلم والاختلاف على ولاة الأمور يسبب العداوة والبغضاء ويفكك المجتمع ويفرق الكلمة ويخرج الشرور فعلينا أن نجتمع جميعاً كما قال تعالى {وّاعًتّصٌمٍوا بٌحّبًلٌ اللهٌ جّمٌيعْا وّلا تّفّرَّقٍوا} وعلينا ان نعترف لعلمائنا ولولاة أمورنا بالفضل وندين لهم بالطاعة والانقياد حتى يتم أمر هذه الأمة.
وعلينا ان نرجع إلى الحق والصواب ولا نلتفت إلى الشائعات وإلى الأصوات التي تريد تفكيك هذه الأمة حتى يسهل لعدوها ان يسحقها ويلتهم ما عندها من خيرات فما تسلط الكفار على المسلمين إلا عندما اختلفوا ولما تقاتلوا وتشتتوا، العلماء المعتبرون لا يتضاربون بالآراء والعلماء لهم مرجع وقادة يرجعون إليهم يكلون الأمر إليهم فينحسم الخلاف والنزاع.
وبين الشيخ صالح ان العلماء لم يسكتوا عن المنكرات بل بينوا تحريمها وكتبوا وخطبوا ودرسوا ونصحوا وبينوا ودعوا الناس إلى ترك المنكرات ومازالوا في دروسهم ونصائحهم ومواعظهم ومازالت هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعالج هذه الأمور فلم يسكت العلماء ولا ولاة الأمور.
وأكد على ان الأحداث الحالية من التفجيرات التي حصلت مهمة ولابد من بيان الحق فيها ومضى بالقول: إن هناك من يدعي ان هذا من الجهاد تصدقون هذا! فيه من يدعي ان هذا التفجير في بلاد المسلمين انه من الجهاد ان قتل المسلمين من الجهاد أن تدمير بيوت المسلمين من الجهاد في سبيل الله بل التفجير في المساجد يعتبرونه من الجهاد في سبيل الله وان من يموت في هذا فهو شهيد يعطونه الحكم بالشهادة يعني كأنهم ينوبون عن الله عز وجل ويمنحون الشهادة لمثل هؤلاء نسأل الله العاقبة فلا تستغربوا اذا اهتم العلماء بهذا الجانب وأنكروه وبينوا للناس خطأ هؤلاء وخطأ هذه الأفعال وتخطئة هؤلاء الذين يبررون مثل هذه الأمور ويدعون انها من الدين والجهاد في سبيل الله.
وأوضح قائلاً: نحن على ثقة بأولياء أمورنا وبعلمائنا فلا نلتفت لهؤلاء الذين يريدون ان يسلبوا هذه النعمة التي نعيشها ولله الحمد نعمة الأمن ونعمة الإيمان ونعمة العقيدة الصحيحة ونعمة اجتماع الكلمة يريدون ان تذهب هذه الأمور لأنهم حسدونا عليها والحاسد ما يرضيه إلا ان تزول هذه النعمة ونحن على ثقة من مسؤولينا وولاة أمورنا وعلمائنا ولو حصل ملاحظة فمن عنده قدرة يناصح قال صلى الله عليه وسلم «إن الله يرضى لكم ثلاثا ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وان تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله أمركم» مشيراً إلى ان ولاة الأمور والعلماء ليسوا معصومين.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved