جاء في الموسوعة العربية العالمية «الجراد» اسم يمكن ان يطلق على الجندب ذي قرون الاستشعار القصيرة، ولكن اسم جراد يطلق غالبا على الجنادب المهاجرة ذات قرون الاستشعار القصيرة، وهناك حوالي تسعة انواع من الجنادب. ويوجد بكل قارة النوع الخاص بها من الجراد المهاجر.
ويبلغ طول معظم انواع الجراد المهاجر 5 سم، وله رأس كبير وعيون كبيرة وقرون استشعار قصيرة كما ان له ارجلا خلفية طويلة تساعده على القفز، واربعة اجنحة يطويها على ظهره في حالة عدم الطيران. ويستطيع العديد من انواع الجراد اصدار صوت عن طريق حك ارجله الخلفية المضلعة باجنحته الامامية مما يؤدي الى اهتزاز الاجنحة فيصدر عن ذبذباتها ذلك الصوت، ولم يتم التعرف على ماهية الظروف التي تدفع بالجراد الى الهجرة غير ان العلماء يعلمون ان الهجرة لا تحدث الا بعد ان تضع اعداد كبيرة من الاناث بيضها بعضه قرب بعض.
وقد يكون السبب في ذلك نقص الغذاء أو حدوث فيضان في المنطقة التي يوجد بها الجراد وعندما يفقس البيض تبقى الصغار معا وتعيش كجماعة واحدة ثم تلتقي بجماعة اخرى من الجراد الصغير مكونة بذلك سربا، وقد يشمل السرب عدة ملايين من الجراد المهاجر وتستطيع الحشرات المكتملة النمو ان تطير لمسافات طويلة وأينما تحط تأتي
على الحياة النباتية وتدمرها.
وتبلغ اسراب الجراد المهاجرة من الضخامة في بعض الاحيان ما يؤدي الى حجب اشعة الشمس... إلخ الجزء الثامن ص 251 ، ويتكاثر الجراد بقيام الذكر الذي يتميز بلونه الاصفر بتلقيح الانثى ذات اللون البني والتي تحمل ما يصل الى 120 بيضة في المرة الواحدة وفي كتلة متماسكة بواسطة مادة لزجة يفرزها جسم الانثى ثم تقوم بحفر الارض بنهاية ذيلها الحادة على عمق يصل الى 7 سم ويكون الذكر راكبا فوق الانثى حتى تضع الانثى كامل البيض داخل التربة ثم يطير الذكر عنها فتقوم بسحب ذيلها والذي يصل الى ضعف طوله الاصلي تدريجيا من الارض ثم ترش فوقه مزيدا من المادة اللزجة كمادة حافظة للبيض وغالبا ما تضع بيضها في نهاية الصيف ثم يفقس في الربيع القادم عن صغار تشبه امهاتها الا انها بدون اجنحة وتسمى «الدبا» وتحتاج الجرادة الى فترة تتراوح من 40 الى 60 يوما حتى تصبح جرادة كاملة النمو يتخللها عدة تحولات وانسلاخات حتى تتمكن من الطيران في اسراب كثيرة كجراد مكتمل النمو، وكان الآباء والاجداد ينتظرون الجراد ليتناولوه كطعام لذيذ وخصوصا من لايملكون المزارع أو لايؤثر عليهم اقتصاديا لانه من الاطعمة التي اباحها الشرع حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم «أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال» اوكما قال صلى الله عليه وسلم وكانوا يتخوفون ويقلقون من «الدبا»، تقول «الوالده» حفظها الله كنا في «اللسيب» وهي قرية ريفيه غرب بريدة اذا جاء الدبا قلقنا وأوضعنا ولم نخرج من البيوت ونوقف السواني خوفا من ان يفزع وينتشر في الارض فلا يبقي على أي شيء اخضر حتى «عسبان» النخيل يصعد اليها ويأكلها وتقول انه اذا جاء يأتي على شكل البحر تراه وكأنه ماء يمشي في الارض من كثرته، ويقول احد الاخوان الكبار «عمر بن علي الظاهر» اذا جاء الدبا تجد اغلب اهل القرية ان لم يكن كلهم يحفرون خندقا في طريق الدباء بعرض اكثر من 50 سم وبعمق يصل الى المتر أو يزيد يعملون كلهم بجد وبروح واحدة وينزل بعضهم الى الخندق يضرب في الدبا حتى يموت ولا يستطيع الخروج فإذا ماسقط معظمه يقومون بدفنه ويرتاحون منه، وأطيب انواع الجراد للأكل «المِكِنْ» وهي الانثى التي تحمل البيض وهي كلمة عربية فقد جاء في المحيط «مَكِنَ يَمْكَنَ مَكْنًا: - تِ الجرادةُ ونحوُها:
باضت أو جَمعت البيض في جوفِها.» واللذة في طعم بيضها الذي في جوفها حتى ان الجراد المكن يبدو كبيرا وذا جسم طويل وممتلئ اما الزعيري «ذكور الجراد» فهو مجرد جوف فارغ فقط يحمل بعض الطعم وكذلك الانثى اذا كانت قد «انكتت» في لسان العرب النَّكْتُ أَن تَنْكُتَ بقَضيبٍ في الأَرْضِ. فتُؤَثِّرَ بطَرَفهِ فيها.
وفي الحديث: «فَجَعَلَ يَنْكُتُ بقَضيبٍ »أَي يضرب الأَرض بطَرَفه،» فتكون قد وضعت بيضها، واجرادوه: «أو واجرَّدوه» يقول الاخ «عمر» كان الناس يتباشرون اذا جاء الجراد فيتضح عند العلم بالجراد ضعيف النفس البخيل من الناس وهو الذي اذا رأى الجراد لم يناد الناس ليصطادوه معه وذلك من شح نفسه وإلا فالجراد خير زائل فيصطاد لوحده حتى يبيع على الناس ويطير الباقي منه، فلا يراه الناس شيئا ويحتقروه اما الكريم الذي يحب لغيره مايحب لنفسه فهو الذي ينادي الجميع وبأعلى صوته ليصطادوا منه قدر الامكان وقبل ان يطير وليتمكن الجميع من تناوله في تلك الايام التي يتمنى الواحد فيها لقمة العيش، اما في هذه الايام فقد أُتخذ الجراد تجارة رابحة فيصل سعره في السوق بالعدد وقد يصل سعر الجرادة الواحده الى ريالين أو يزيد ومعظمه زعيري ولا اعتقد في هذا الوقت ان احدا سينادي حينما يرى الجراد «واجرادوه» فسيطير الربح الوفير منه، عموما الكثير من الناس في هذا الوقت ومع هذه النعمة يتناولون الجراد كتفكه أو تذكر أو تقليد أما مقولة «اذا جاء الجراد صر الدواء وإذا جاء الفقع كب الدواء» فقد يكون فيها من الصحة شيء لان الجراد يأكل من انواع كثيرة من الاعشاب البرية في طريقه فيكون فيه فوائد كثيرة والحديث عن الجراد طويل ولكن ذلك اختصاراً والله اعلم.
ظاهر بن علي الظاهر/ بريدة
|