Friday 12th december,2003 11397العدد الجمعة 18 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل تستغل أمريكا قانون محاسبة سوريا ذريعة لمهاجمتها عسكريا؟ هل تستغل أمريكا قانون محاسبة سوريا ذريعة لمهاجمتها عسكريا؟
العلاقة وثيقة بين تقرير ريتشارد بيرل والتحرش بسوريا

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصري:
هل أصبحت الخيارات السورية محدودة في مواجهة العقوبات الأمريكية الإسرائيلية أم ما يزال المجال مفتوحا لللبحث عن افق جديد للعلاقة.
الجانب الأمريكي يحاول إظهار الجانب المظلم في العلاقة وخاصة بعد ان وافق مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ضد سوريا لدعمها ما تسمية الإرهاب مع اعطاء الرئيس الأمريكي مرونة في رفع العقوبات إذا رأى ان ذلك يخدم المصالح الأمريكية اما الجانب السوري فأصبح يحدد مناطق القوة والضعف لديه ويتجلى ذلك في التحركات والمباحثات التي اجراها الرئيس السوري مؤخرا مع اميل لحود الرئيس اللبناني والتي تناولت التهديدات الاسرائيلية للبنان وسوريا والضغوط التي تمارسها واشنطن على دمشق كذلك تصريحات عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري التي رفض فيها التهديدات الإسرائيلية والخطوات الأمريكية في العراق ورفضه لمجلس الحكم الانتقالي ونفيه أي مساعدة سورية للمقاومة العراقية.
حرص الجانب السوري ومحاولات بحثه عن نقاط قوتة وضعفه يواجهه غطرسة أمريكية فقد مثلت موافقة الكونجرس على قانون محاسبة سوريا المسمار الاخير في نفس العلاقات السورية الأمريكية بعد ان كانت الدبلوماسية السورية تنظر للقانون بعيني الاستخفاف وانه لن يترتب عليه شيء أمريكي ضد سوريا أكثر مما هو مترتب عليها فعلياً، بحكم وضعها على قائمة الدول الراعية للإرهاب. إضافة إلى العلاقة الأمنية الفعّالة التي ربطت ما بين المخابرات السورية وبين نظيرتها الأمريكية CIA عقب هجمات 11 سبتمبر، إلا أن تلك النظرة اختلفت بعد تحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة «شرق أوسطية» و«جارة» مباشرة لسوريا.
وقد أحبطت وزارة الخارجية الأمريكية قبل العدوان على العراق كل محاولات تمرير قانون محاسبة سوريا، ولكن مع التأكيد على أن الخلاف مع مشروع القانون في مجلس النواب ليس خلافاً حول التشخيص بل حول التوقيت، ولذلك لم يكن غريبا أن يقر الكونجرس قانون محاسبة سوريا بعد أن احتلت أمريكا العراق، إضافة إلى التحرش الأمريكي السافر المستمر بسوريا سواء من جانب المسؤولين الأمريكيين أو الرئيس بوش.
تصعيد الضغط على سوريا:
ويهدف القانون إلى تصعيد الضغط على سوريا، لإرغامها على قبول مطالب أمريكا فيما يتعلق بحزب الله والمواقع السورية بلبنان وغيرها من محاولة إشراكها في خريطة الطريق الفاشلة التي ترى دمشق أنها قد ولدت ميتة، وأنها (مع لبنان) ليست معنيةً بها. وهل يعقل أن تتنازل دمشق عن جبهتها الردعية في جنوب لبنان، وتقوم بتفكيك حزب الله وتحويله من منظمة مقاومة رادعة، إلى منظمة سياسية اجتماعية مقابل وعود أمريكية كاذبة أو ضمان ائتماني سياسي يضمن مصالحها الاستراتيجية في استرداد الجولان المحتل وفق مرجعية مؤتمر مدريد؟.
ويخول القانون للرئيس الأمريكي حق تعليق بعض «العقوبات» إذا رأى أنها تتعارض مع المصلحة القومية الأمريكية. ولكن سورية تحاول التخفيف من أثر ذلك، خاصة أن دور هذه العقوبات في الضغط محدود جداً، وأن معظمها معمول به، بحكم تصنيف سوريا في عداد الدول الراعية ل «الإرهاب»، وهو ما يشير إليه محدودية حجم التبادل التجاري بين الدولتين في العام الماضي حيث لم يتجاوز وفق الأرقام الرسمية الأمريكية 422 مليون دولار تشكل الصادرات الأمريكية فيه حوالي 225 مليون دولار، ما عدا الحبوب (49 مليون دولار) التي لا يحظر القانون تصديرها إلى سوريا لأن المتضرر منه سيكون بشكل أساسي الشركات الأمريكية التي أعطتها دمشق عقب زيارة باول في مايو الماضي، عقوداً مغريةً في مجال النفط والغاز والدراسات المسحية، بهدف امتصاص الضغوط الأمريكية، وعرقلة تمرير القانون باعتبار أن الأضرار ستعود على الشركات الأمريكية نفسها قبل سوريا والتي في مقدمتها شركتا أوشن انيرجي، وجولف ساندرز النفطيتان، وشركة فيريتياس المسحية، والحصة الكبيرة لشركة كونوكو الأمريكية في استثمارالغاز السوري، فضلاً عن شركة بي ار اي الجاري التفاوض معها حول التنقيب عن النفط في وسط البلاد.
ويرى الخبراء أن أمريكا وإن كانت معروفة بوضع اقتصادها في المقام الأول، لكنها في عهد بوش يهمها أولا تنفيذ سياستها القائمة على ادعاءات إيديولوجية إيمانية متصلبة بحكم نفوذ المحافظين الجدد، ولذلك لن يهمها تضرر بعض شركاتها من جراء القانون، خاصة أنها تعلم أن سورية هي التي ستضرر وليس أمريكا وذلك خلافا للرؤية الرسمية السورية. فمن الناحية الاقتصادية حرمت سوريا فعلياً وقبل تحول المشروع إلى قانون، من تكنولوجيا توسيع شبكة الإنترنت السورية، حين تم تعطيل عقد شركة «صن» البالغ قيمته 19 مليون دولار، إضافة إلى عرقلة الولايات المتحدة قبول طلب سوريا الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
من ناحية أخرى ستحاول الولايات المتحدة في استراتيجية احتواء سوريا الضغط على الاتحاد الأوروبي ليحذو حذوها، وإن كان موقفها ضعيفا لأن الاتحاد الأوروبي يهتم بتسريع انضمام سوريا إلى اتفاقية الشراكة الأوروبية- المتوسطية، بوصفها الدولة المتوسطية الوحيدة التي لم تزل حتى الآن خارجها، لأسباب تقنية وليس سياسية، ولكن الخيار الأوروبي هنا يعد محدودا في سياق التطابق الأمريكي- الأوروبي حول «الإرهاب» الذي يشكل هوسا لأمريكا.
ولكن المؤكد أن سورية ستركز على أوروبا، كميزان قوى فاعل، حيث من المتوقع أن يكون شهر يناير المقبل شهر اكتمال دورة الشراكة مع انضمام سوريا إليها، أي بشكل يسبق زيارة الرئيس السوري إلى بروكسل، يلي ذلك الاعتماد على الموقف الإقليمي العربي والإسلامي.
ولذلك لم تكن ردود فعل أمريكا مفاجئة تجاه الغارة الإسرائيلية على قرية عين الصاحب داخل الأراضي السورية لأن الكيان الصهيوني لن يتخذ مثل هذه الخطوة دون موافقة أمريكا، بما في ذلك وجود سيناريوهات أمريكية التي تتضمن الاحتواء المعزز الذي يشتمل على هز النظام السوري وتمويل وإثارة الاضطرابات الداخلية التي يتوفر موضوعياً الكثير من عناصرها، وانتهاء بالأسوأ المتمثل في العدوان العسكري.
الأرصدة العراقية مدخل أمريكي جديد لمهاجمة سوريا:
وفي إطار الضغوط الأمريكية على سوريا زعمت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لا تلقى تعاونا كافيا من سوريا في تعقب ملايين الدولارات من الأرصدة العراقية التي تعتقد واشنطن أنها مخبأة في بنوك سورية!!.
ونقلت مصادر صحفية عن ادم ايريلي المتحدث باسم الوزارة قوله إن سوريا سمحت لفريق أمريكي عراقي مشترك من خبراء الأدلة المحاسبية بالعمل مع مسؤولين سوريين في محاولة للعثور على المال، وأضاف لم نلق تعاونا بالمستوى الذي كنا نأمل فيه.
وكانت أجهزة إعلام أمريكية نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم انهم يعتقدون أن ما يصل إلى ثلاثة مليارات دولار من أرصدة النظام العراقي السابق محفوظة في بنوك تسيطر عليها سوريا في كل من سوريا ولبنان إلا أن ايريلي قال إن هذا الرقم يبدو مرتفعا ونفت سوريا في وقت سابق صحة هذه التقارير.
تقرير ريتشارد بيرل
ويؤكد تقرير ريتشارد بيرل الرئيس السابق لمجلس سياسة الدفاع، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، والصادر في بداية العام الماضي بعنوان تحوّل واضح.. استراتيجية جديدة، إن الدور على سورية بعد العراق عبر سيناريو «احتواء» سورية ثم «الهجوم الوقائي» عليها.
وملخص التقرير أنه لا بد من تغيير كامل في العالم العربي، برعاية أمريكية.
والتقرير له صلة بقانون «محاسبة سورية» الذي أقره الكونجرس، وله صلة بالتصريحات الصحافية بأن سورية تأتي بعد العراق في استراتيجية التخلص من الحكومات المارقة.
وينص التقرير على أن:
- تلغي إسرائيل استراتيجية «التفوق» على الدول العربية عسكرياً، وتستبدلها باستراتيجية «السيطرة» على الدول العربية عسكرياً عبر استراتيجية بوش القائمة على التحول من «التفوق» على كل دول العالم إلى «السيطرة» عليها.
- أن تعتبر إسرائيل القوات السورية في لبنان خطراً على أمنها القومي.
وبالتالي يحق لها ممارسة استراتيجية «الدفاع عن النفس» التي تسمى خطة «الضربة الوقائية» من خلال تحرش إسرائيل بقوات «حزب الله» ليزيد الوضع توتراً، وتنذر سورية بأنها ستتحمل عواقب أي عمل يقوم به «حزب الله» من سورية أو من لبنان وفي حالة تطور المواجهة العسكرية بين سورية وإسرائيل، تقوم الطائرات الإسرائيلية بضرب المواقع السورية في لبنان. وإذا تطورت المواجهة أكثر، تضرب الطائرات الإسرائيلية مواقع داخل سورية نفسها...

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved