اشتد الإرهاب وترعرع في كل مكان في العالم ولم تعد هناك أي دولة بمنأى عن ذلك، والفضل يعود لأمريكا وإسرائيل في تحويل العالم إلى غابة من العنف تحكمها قوانين الغاب. لم نعد نرى ونسمع سوى التهديدات والقنابل والطائرات والأسلحة (الذكية) التي تحصد الأبرياء كل يوم من المسلمين.
لاشك بأن العالم أصبح يدرك جيدا انعكاسات أخطاء السياسات الامريكية الحالية على العالم وخاصة فيما يتعلق بدولة الاغتصاب إسرائيل والتي بددت الأمن والسلام في العالم ويدرك ذلك جيدا الكثيرون من رجال الدين والفكر والسياسة في الغرب، ولذلك شاهد العالم الكثير من ردود الأفعال التي قادتها النخب في الغرب والتي مازالت مستمرة من غضب وسخط وإدانة للممارسات الأمريكية والصهيونية.
واستعراض سريع ومختصر لبعض منها لهو اكبر دليل على فقدان ثقة العالم في تلك السياسات بل وإدانتها..
فقد نشر الرئيس الأمريكي السابق كارتر مقالاً في الصحافة الأمريكية ينتقد الحكومة الامريكية الحالية وسياساتها، ويطرح تساؤلاً كيف تثير امريكا مواضيع الإصلاحات والديمقراطية في العالم العربي والإسلامي وهي تمارس تراجعاً كبيراً فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بممارساتها تحت وطأة قانون المواطنة الجديد ووضع أسرى غوانتانامو غير القانوني..؟؟
كما صرح عمدة لندن لوسائل الإعلام في ندوة صحافية له ليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2003م بأن خطورة بوش ليست فقط في شن الحروب بل في سياساته المختلفة التي ستجعل أجيالاً عديدة في المستقبل ستعاني منها قبل أن يتمكن الإنسان من التخلص من نتائج هذه السياسات وانعكاساتها على البشر.
إن ممارسات امريكا وإسرائيل اصبحت محط سخط واستنكار الغالبية من رجال الدين والفكر والسياسة في العالم الغربي.. بعد أن أصبحت محط سخط واستنكار الشعوب.
يقول بابا الفاتيكان إن على إسرائيل ان تقيم الجسور مع الشعب الفلسطيني لا أن تبني في وجهه ذلك الجدار العنصري. ويقول (ماركو فيتشن شينو) الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) بأن سياسة الإبعاد الإسرائيلية للفلسطينيين تتنافى مع اتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان، ولابد من الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولابد من تفكيك فوري للمستوطنات الإسرائيلية، وإسرائيل هي المسؤول عن فشل السلام.
لقد أصبح الغرب يدرك تماماً ما قصده (باتريك بوكانن) المرشح الجمهوري للرئاسة في وثيقته الشهيرة التي رفعها للرئيس بوش في 24 مارس 2003م أي بعد مرور أربعة ايام على غزو العراق، «بأن هذه الحرب بالتأكيد هي حرب دولة وحرب حزب وحرب زعيم، وإنها بالتأكيد حرب دولة غير امريكا وحرب حزب غير الحزب الجمهوري، وحرب زعيم غير جورج بوش، إنها بالتأكيد حرب دولة هي إسرائيل وحرب حزب هو الليكود وحرب زعيم هو ارييل شارون..» ويبقى سؤال يطرح نفسه.
لماذا تغضب الخارجية الأمريكية وتندد بمسلسل (الشتات) الذي تعرضه قناة المنار عن اليهود؟ بينما يوجد مسلسل اكبر بكثير وأكثر وحشية وأكثر واقعية وحي على الهواء مباشرة من فلسطين المحتلة ولسنوات يتابعه العالم أجمع كل يوم وكل ساعة لماذا لا توقفه ولا يثير غضبها ولا تندد به؟؟
يتساءل الأستاذ (فهمي هويدي)، في مقالة في الشرق الاوسط بتاريخ الأربعاء 22/10/2003م تحت عنوان (لماذا الجميع عندنا سكتوا بينما اشترك 20 مليونا في مسابقة سوبر ستار؟!) معقبا على ما قاله نائب وكيل وزارة الدفاع لشؤون المخابرات الجنرال الأمريكي (ويليام بوكين) بأن الإسلام والمسلمين عدو روحي يدعى الشيطان، وإلهنا حقيقي بينما إله المسلمين فهو مجرد وثن..) ويقول إن صمت الأنظمة والمؤسسات في عواصم العالم الإسلامي إزاء ما جرى لابد أن يثير الدهشة، خصوصا ان ما قاله الجنرال الأمريكي ليس رأيا شخصيا بقدر ما انه ثقافة سائدة في أوساط المتعصبين الإنجيليين في الولايات المتحدة، ومع أن الاعتذار مهم في هذا السياق، إلا انه غير كافٍ، لأنه لا يضع حدا لذلك التطاول الجارح على عقائد المسلمين الذي لا يزال مستمرا في اوساط الإنجيليين المتطرفين، فلابد أن يوضع له حد، وأن يواجه بحزم من جانب قيادات العالم الإسلامي، التي التزمت الصمت في حين تحركت عواصم العالم غيرة على اليهود ومجاملة لإسرائيل خلال ساعات معدودات، وهرولت العواصم الغربية للاحتجاج على ما قاله رئيس وزراء ماليزيا (مهاتير محمد) في القمة الإسلامية الأخيرة (بأن اليهود يحكمون العالم بالوكالة)، والاستبسال الامريكي في حجب ادانة الممارسات والجرائم الاسرائيلية، والتجاهل والسكوت شبه التامين إزاء اي تعبير عن التضامن مع العرب والمسلمين!! الأمر الذي ينبغي ان يدفعنا الى الاعتراف بأن الغرب لا يقيم وزنا لمشاعر العرب والمسلمين ولا يعنى بإرضائهم.. وفيما يتعلق بالغناء وبرنامج (سوبر ستار) وغيرها من البرامج التي تسير على نفس النمط وتقدم نفس الرسالة، فأجهزة الإعلام تتبنى ذلك بكل حماس وسخاء، بينما تغمض أعينها وتصم آذانها في المقابل، عن قضية خطيرة تمس الدين والكرامة لأمة بكاملها، وفي المقابل الشباب لم يتحمسوا ويستغلوا أجهزة الإعلام للتعبير عن غضبهم وللتصويت ضد من أهان ديننا وإلهنا وكرامتنا، بينما استطاعوا ان يتحمسوا ويستغلوا اجهزة الإعلام لحشد اكثر من 20 مليون صوت لبرنامج غنائي (سوبر ستار) ويحققوا تلك (المشاركة الشعبية العربية الهائلة)!!
إن هذه هي حقيقة وأولويات الرسالة الإعلامية للأمة الآن والتي تمول جيدا وبسخاء، وهذه هي الرسالة الإعلامية الأولى والأهم والتي تحظى بزخم إعلامي ودعائي فوق العادة وبشكل متواصل ودؤوب ومحاط بجميع المغريات. وفيما يتعلق بما قاله (مهاتير محمد) توجد ملايين الكتب التي تملأ مكتبات العالم تتحدث عن اليهود والصهيونية وهناك الآلاف من الكتاب والسياسيين الغربيين قاموا بإصدارها ومن أشهر ذلك كتاب:
(حكومة العالم السرية أو اليد الخفية (The Secret World Government - Or The Hidden Hand) للاسكندنافي شريب سبير يدوفيتش الذي يتحدث في كتابه بقناعة كاملة بوجود هيئة يهودية لها صفة عالمية يتبعون نظاماً ديكتاتوريا استبداديا، ويعملون وفق خطة قديمة مرسومة للسيطرة على العالم.
وأنها عبارة عن حكومة خفية تحكم بواسطة عملائها، ولا تتوانى عن قتل أو تحطيم كل مسؤول يحاول الخروج عن طاعتها، أو يقف حجر عثرة في سبيل تنفيذ مخططاتها، ولها من النفوذ ما يجعلها قادرة على ايصال أي (حقير) إلى الزعامة وقمة المسؤولية، وتحطيم أي زعيم وقائد حينما تشاء.
والذي يتطابق إلى حد كبير مع الكاتب (وليام غاي كار) في كتابه (أحجار على رقعة الشطرنج) كما يتطابق مع الكثير من الكتاب الذين يؤكدون أن قيادة (الماسونية العالمية) هي عبارة عن حكومة سرية عالمية تتحكم في العالم، (من وراء الستار)، امثال الكاتب م. كونبد البنسلي (M.Copind, Albancelli) الذي يؤكد ان القوة الخفية التي تتحرك من خلف الماسونية هي الحكومة السرية للشعب اليهودي.. ويقول شيريب إن إسرائيل تحمل شعار (عليَّ وعلى أعدائي يارب) ولا مانع لديها من جر العالم كله إلى حرب عالمية لا تبقى اخضر ولا يابسا.
إن كثيراً من الكتاب والمؤرخين في الغرب يجمعون على فكرة وجود منظمة سرية عالمية، قد يختلف بعضهم في اسمائها لكنهم يتفقون على هويتها ومنبعها وانتمائها وغايتها.
إن ما قاله رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد لا يمس الديانة والعقائد اليهودية لا من قريب ولا من بعيد، فلماذا أثار ضجة مبالغاً فيها وموجة عارمة من السخط والاستنكار وسيلاً من العقوبات من الدول الغربية على ماليزيا، بينما ما قاله الجنرال بويكين من تصريحات (مهينة للإسلام والمسلمين ولإلههم) لم تلق أي ردة فعل تذكر من الغرب؟
بينما صوت حزب الاتحاد المسيحي الالماني لطرد عضوة (مارتن هوهمان) من البرلمان بسبب تصريحات له وصفت بأنها معادية لليهود.
كما غضبت الحكومة اليابانية وانتقدت بشدة السفير الأمريكي لديها بسبب ما قاله عن ملحن موسيقى (زوربا) اليوناني، وغضبها اخذ نهجاً رسمياً واعلنته عبر وسائل الإعلام المختلفة.. بينما الطعن في الإسلام والمسلمين وإلههم من قبل مسؤول امريكي كبير هو نائب وكيل وزارة الدفاع لشؤون المخابرات الجنرال (ويليام بويكين) لم يشهد ولو الحد الأدنى من رد الفعل الغاضب على المستوى الرسمي والشعبي في أمتنا..!!
( * ) عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
فاكس: 6066701/2 ص ب 4584 جدة 21421
|