لا أعني بالرشاقة الرشاقة البدنية، ولكن ما أصبو اليه هو الرشاقة التي أصبحت من سمات شبابنا الذين أناطوا بها أقلامهم وجعلوها سواراً تتحلى به الأيدي، فحينما نقرأ المقالات في أي موضوع كانت نجدها حملت مالا تطيق وأرغمت على ما هو خارج عن نطاق قدرتها من تصنع وتكلف. نرى شبابنا عندما يكتبون كأنهم يعرضون كلماتهم أزياء للبيع ويجعلونها بمثابة السلع التي تحلى وتجهز لكي تلفت الأنظار وتدر الربح الوفير.
نراهم يفتنون بالمظاهر والظواهر مهما كلفهم الثمن من إسفاف وبلبلة وثرثرة الى ما هنالك.. نرى الفرد منهم يكتب من أجل الكلمة لا من أجل معناها متجاهلا كل ما يترتب على ذلك من عدم الدقة والتركيز، وليس هذا غريباً إذا كان المرء يبحث عن الكلمات قبل المواضيع والمعاني ومما يحز في النفس ان معظم هؤلاء يحتلون أماكن الصدارة في الصحافة ويعتبرون في القمة ويقلدهم الكثير من الناشئة متبعين خطاهم ومقتفين آثارهم بشغف واحترام. اخواني الشباب ليست الصحافة ساحة بيع وشراء وليست ميدانا تستعرض فيه القدرات اللغوية والكلمات الوضاءة والحروف البراقة وما من شك ان آفة الكتابة الافتعال والتصنع ولا يسمى الكاتب كاتبا إلا إذا فرضت الكلمة نفسها عليه لا أن يفرض نفسه عليها والموضوع هو الذي يختار الكلمات لا الكاتب لأن معاني الكلمات وانطباقها ومناسبتها للمقام لا يتأتى إلا بالاتحاد والتناسق التام بين الكلمة والمعني والموضوع، ولا نسمي الموضوع موضوعا إلا إذا كونت له قاعدة صلبة قوامها التآلف بين الكلمات والمعاني والمواضيع وكم من سطر متحد العناصر الآنفة الذكر خير من ألف سطر على النقيض من ذلك وأخيراً أقول دعونا من المظاهر فإنها لا تنفع بقدر ما تضر ولا تفي بالغرض المطلوب منها بقدر ما تقلل من شأنه فكم من معنى ومعنى حبيس الكلمة ورهن القلم فأطلقوا عنان المعاني فإنها كفيلة بأن تجد لنفسها الكلمات اللائقة بها وجديرة بأن تطوق نفسها باطار من الرشاقة الحقيقية لا المفتعلة والمستوردة.
علي السليمان الحجي / كلية اللغة العربية - الرياض
|