|
|
اتساقاً مع التطورات الكبيرة التي شهدتها المجتمعات الإنسانية خلال العقود القليلة الماضية، انشغل الناس بتناقل الرغبات والآمال في الانعتاق من بيروقراطية المؤسسات الحكومية، على وجه التحديد.. فباعتبار المجتمع السعودي من المجتمعات الحديثة المعنية بقضايا التنمية والتطور - بمختلف مجالاته - تبنت الدولة وحملت على عاتقها مسؤولية إنشاء وتطوير معظم مؤسسات المجتمع التعليمية والتربوية والصناعية والخدمية وغيرها لعقود زمنية طويلة، ولم يكن المجتمع يشارك في عمليات التنمية المجتمعية - بشكل مؤسسي - إلا في السنوات المتأخرة، ومع إقرار خطة التنمية السابعة التي كفلت مجالات مميزة لمشاركة القطاع الخاص، غير أن المجتمع - بمفهومه العام - لم يزل يعاني من ترسبات الفكر الإداري البيروقراطي الذي يمثل حائلاً نموذجياً يحول دون تحقيق الرغبة في التطوير والتغيير التي ربما كان يحملها عدد من الكيانات المؤسسية والأفراد الراغبين في اجراء عمليات تطوير شاملة وعاجلة، وحيث يمكن قبول تطور نوعي تحقق في المستوى النظري، وخاصة لدى الجامعات والمعاهد المتخصصة، فإن الممارسات الإدارية - إجمالاً - تعد ممارسات لا يمكن القناعة بأهليتها للتعامل مع مستجدات المرحلة، ولا التسليم بملاءمتها لإدارة الأزمات المجتمعية، ويمكن تحديد بعدين اثنين كان لهما ولا يزال دور فعل في أكسدة الفكر الإداري في معظم مؤسسات المجتمع: الأول: لا يزال يعتقد كثير من الناس أن المؤسسة الحكومية أنشئت فقط لتقدم مزيداً من الخدمات والرفاهية للعاملين فيها، ومصدراً ثابتاً للدخل السنوي لا يمكن المساس به حتى لو قل مستوى الأداء وانخفض معدل انتاج الموظف، وذلك انطلاقاً من الاعتقاد بأن على المؤسسات الحكومية أن تضمن كل شيء لمنسوبيها، الثاني: على الرغم من تحديث بعض الأنظمة واللوائح واتسام عدد منها بالمرونة والانفتاح على فكر إداري جيد، فإن هناك اصرارا «أو شبه إصرار» من بعض الجهات والقيادات الإدارية على العمل وفق ما استقر عرفاً، وما ساد شفاهة، دون الأخذ بأسباب التغيير الذي كفلته تلك الأنظمة المحدثة، ويضاف إلى ذلك معضلة التكامل بين نظام حديث في مؤسسة، ونظام مستكين في أخرى. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |