* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
كشف تقرير التجارة الإلكترونية والتنمية لعام 2003 الصادر عن الاونكتاد أن 95% من التجارة الإلكترونية يتم في البلدان المتقدمة، وأن أفريقيا وأمريكا اللاتينية تمثلان، مجتمعتين، أقل من 1% من المجموع. وتمثل الصفقات التي تتم بين منشآت الأعمال التجارية «B2B» نحو95% من مجموع صفقات التجارة الإلكترونية في العالم. بيد أنه لا تتوفر على الصعيد الوطني إحصاءات رسمية عن صفقات التجارة الإلكترونية إلا في قلة من البلدان. ووفقاً لإحصاءات رسمية واردة من الولايات المتحدة، تتركز التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال في عدد قليل من المجموعات الصناعية تهيمن عليه شركات البيع بالجملة للمصنوعات والبضائع.
وتفيد المصادر نفسها بأن حجم التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال في الولايات المتحدة بلغ 995 مليار دولار في عام 2002، بما يعادل نحو15 في المائة من التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال في العالم، ويتوقع أن تنموهذه التجارة بقوة.
كما ان المعاملات التي تتم على الشبكة مباشرة بين مؤسسات الأعمال في الاتحاد الأوروبي، إلا أن أرقام هذه التجارة تراوحت، حسب تقديرات مستقلة، بين حوالي 185 مليار دولار و200 مليار دولار في نهاية عام 2002، وتَركز معظمها في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. ومن حيث كثافة الاستخدام، يتوقع أن تبقى بلدان الشمال في المقدمةويتوقع نموالتجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال بسرعة، من 120 مليار دولار في عام 2002 إلى 200 مليار دولار في عام 2003 و300 مليار دولار بحلول عام 2004 وفي أمريكا اللاتينية، يرتبط حجم التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال، أساساً، بالتطورات في الأرجنتين والمكسيك، وكذلك على وجه الخصوص في البرازيل، حيث تقترب قيمة جميع الصفقات التي أُجريت على الشبكة مباشرة بين مؤسسات الأعمال من علامة ال 12 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام. وتمثل أكبر ثلاثين شركة برازيلية نسبة 90 في المائة من حجم التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال في البلد. اما تجارة التجزئة الإلكترونية، أوالتي تتم بين مؤسسة الأعمال والمستهلك «B2C»، يلاحظ أن أعلى نسبة من مستخدمي الإنترنت في بلدان اقتصاد السوق ذات الدخل المرتفع تتركز في بلدان الشمال الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وما زالت مبيعات التجزئة عبر الإنترنت تُشكل جزءاً صغيراً، وإن كان متزايداً، من مجموع مبيعات التجزئة. وبينما يستخدم عددا متزايدا من المستهلكين شبكة الويب للحصول على معلومات عن منتجات عالية القيمة، فإنهم في الأغلب لا يشترونها في النهاية على الشبكة مباشرة، في حين أصبحت المبيعات التي تتم على الشبكة مباشرة لبعض المنتجات، مثل البرمجيات «برامج الحاسوب»، والكتب، وعمليات الحجز للأنشطة الترفيهية والخدمات المتصلة بالسفر، كبيرة جداً في هذه الأسواق. وتمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ نحو10% من المبيعات العالمية التي تتم على الشبكة مباشرة بين مؤسسات الأعمال والمستهلك، والغالبية العظمى من هذه المبيعات تسجل في اليابان وأستراليا وجمهورية كوريا. وفيما يتعلق بمستخدمي الإنترنت في الصين، الذين ينموعددهم بسرعة كبيرة، يُشار في العادة إلى عقبتين تحولان دون شرائهم المنتجات على الشبكة مباشرة، وهما انعدام الثقة، وتوفر عدد محدود جداً من بطاقات الائتمان. وفي أمريكا اللاتينية، ما زالت البرازيل والأرجنتين والمكسيك أكبر الأسواق.
وبلغت البرازيل درجة أكبر من النضج كسوق للإنترنت، وهي تمثل بين 50 و60 في المائة من جميع مبيعات التجزئة التي تتم على الشبكة مباشرة في أمريكا اللاتينية. وجنوب أفريقيا تُمثل حصة الأسد من التجارة الإلكترونية في القارة الافريقية.
نمو الدول المتقدمة
أكد تقرير التجارة الإلكترونية والتنمية لعام 2003 إن التجارة الإلكترونية تواصل النمو بقوة في البلدان المتقدمة، حكومات ومؤسسات الأعمال في العالم النامي بدأت في إزالة العقبات القائمة أمام استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ورغم أن الآثار الفورية لهذا المجهود ليست كبيرة الا ان التقرير يتنبأ بتحقيق مكاسب على صعيد الإنتاجية في هذه الاقتصادات. في حين انه ما زال الكثير من البلدان النامية الأخرى يواجه صعوبات في تحديد وإدراك الفوائد المتوقعة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت في مجال التنمية الاقتصادية.
واشار التقرير الذي اعلنه مركز الامم المتحدة للإعلام بالقاهره عرضه الدكتور شريف هاشم الاستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة ومدير مكتب تنمية مجتمع المعلومات بوزارة الاتصالات والمعلومات إلى ان استخدام الإنترنت، اسرع في البلدان النامية عن البلدان المتقدمة حيث وصلت في نهاية عام 2002، نسبة 32 في المائة من مجموع عدد مستخدمي الإنترنت في العالم البالغ 591 مليوناً مقابل 28 في المائة في العام السابق ويتوقع ان تصل إلى 50 في المائة بحلول عام 2008 ، واظهر ان الحكومة التي عملت على تنمية مجتمع المعلومات في وقت مبكر «كسنغافورة وماليزيا واليابان والولايات المتحدة» استفادت بكثير من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ولكي تتمكن البلدان النامية من اللحاق عالمياً بركب التطورات التي تشهدها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فإنها يجب أن تكون ملتزمة على أعلى مستوى سياسي، ويجب أن تهتم بقضايا التنفيذ، وأن تقيم التوازن الصحيح بين دور القطاع العام والقطاع الخاص في تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ويوصي الأونكتاد بأن تتبع عملية تطوير واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلدان النامية نهجاً يقوم على التعاون المشترك بين أصحاب المصلحة، بما في ذلك الشراكات والتحالفات والمشاركة بين القطاعين العام والخاص.وتوصل التقرير إلى عدم وجود صلة مباشرة بين مستوى الدخل في بلد ما ومعدلات استخدام الإنترنت. فمعدلات انتشار الإنترنت في البلدان النامية ذات مستويات الدخل المتشابهة تتباين بمقدار يصل إلى 25 ضعفا وان استخدام الانترنت يتوقف على مستويات الوعي، ونشاط المجتمع المدني، والأولوية التي تعطيها الحكومات ودوائر الأعمال والكيانات الاجتماعية الأخرى لهذه التحديات ورصدا نموشبكة الويب «مواقع الانترنت» بسرعة من حيث المواقع النشيطة، وأن عدد هذه المواقع ارتفع بنسبة 17 في المائة في العام الماضي. كما أن عدد عناوين بروتوكول الإنترنت «IP » التي تستخدم نوعاً من لغة البرمجة - والتي تدل على مستويات أعلى من التفاعل ارتفع بنسبة 52 ،1 في المائة.
وتشير الزيادة في عدد المواقع التي تستخدم «بروتوكول طبقة المقابس الآمنة» «SSL»، والبالغة نسبة 14 في المائة، إلى استمرار توسع المواقع الموجهة نحو الأعمال التجارية، والتي تتطلب قدرات لتوفير الأمان للمعاملات. وتتركز مواقع الأجهزة الخادمة للانترنت «مضيفو الإنترنت» تركزاً شديداً في العالم المتقدم حيث تصل في أمريكا الشمالية وأوروبا نسبة 89 في المائة من جميع المضيفين في أنحاء العالم، وأعداد المضيفين تنموبسرعة أكبر مما هوعليه الحال في البلدان النامية. ولكن البلدان الصناعية تضم نسبة من مستخدمي الإنترنت أعلى من تلك أيضاً: ففي العام الماضي، كان عدد مضيفي الإنترنت لكل 000 10 شخص أكبر ب 000 1 مرة تقريباً في أمريكا الشمالية منه في كل أفريقيا. وبالتالي، هناك محتوى قليل مستضاف في البلدان النامية. بيد أن الأونكتاد يرى أن استضافة محتوى في بلد متقدم قد يكون أفضل خيار لبعض مؤسسات الأعمال في البلدان النامية: فقد يكون من الأيسر استضافة معلومات عن مقصد سياحي، مثلاً، في جهاز خادم يقع بالقرب من الأماكن التي يقيم فيها السياح المحتملون.
إشكالية تكاليف الربط
ذكر تقرير الاونكتادا إن توفر سعة شبكة الاتصال الدولية أمر مهم جداً للبلدان النامية لأن جزءاً كبيراً من اتصالاتها عبر الإنترنت «بين 70 و80 في المائة» تميل إلى أن تكون دولية. وإن الوصلات الدولية المحدودة المتوفرة فيها، تميل إلى الربط بالولايات المتحدة أوأوروبا، ولم تقم سوى قلة من البلدان الأفريقية بإنشاء وصلات مع جاراتها، وبذلك فإن نسبة عالية جداً من الاتصالات التي تتم عبر الإنترنت بين الدول الإفريقية تتدفق عبر وصلات عابرة للقارات باهظة الكلفة. ووربما تكون احسن حالة في آسيا وأمريكا اللاتينية، وإن كانت أفضل بعض الشيء، تحد أيضاً من اشتراك هاتين المنطقتين في اقتصاد المعلومات العالمي. ويرتبط تحسين توافر وتكاليف سعات الاتصال عادة بوجود بيئة تنظيمية تشجع المنافسة.
ويرى الأونكتاد أن ندرة سعات الاتصال قد تعكس ارتفاع كلفة وصل الأسواق الصغيرة أوالمنخفضة الدخل أوالأسواق غير الساحلية بالشبكة الفقرية للإنترنت. وفي حالات أخرى، قد يتفاقم تأثير غياب الحجم الاقتصادي للاستخدام من جراء وجود احتكارات في القطاع العام أوالقطاع الخاص أوغير ذلك من الأوضاع غير التنافسية. كما أن ارتفاع تكاليف سعات الاتصال الدولية قد يكون ناجماً عن بعض الممارسات الدولية التي تقتضي تحميل جميع رسوم الربط عبر الإنترنت على مزودي خدمات الإنترنت في البلدان النامية للربط ببلد متقدم. ولمّا كانت كلفة سعات الاتصال الدولية تشكل، للعديد من مقدمي خدمات الإنترنت في البلدان النامية، جزءاً كبيراً من تكاليفهم الكلية، فإنهم يضطرون إلى تحميلها لمشتركيهم، وفي نهاية المطاف، تعني هذه الترتيبات ضمنياً أن مستخدمي الإنترنت في البلدان النامية يموّلون وصول مستخدمي الإنترنت في البلدان المتقدمة إلى المعلومات المستضافة في البلدان النامية.
ما زال متدنياً
يناقش تقرير الأونكتاد بعض القضايا التكنولوجية التي برزت بوجه خاص في ميدان التجارة الإلكترونية في الأشهر الأخيرة والتي يُحتمل أن تؤثر في تطور هذه التجارة في السنوات المقبلة. فشبكات النطاق العريض متاحة الآن لما يقرب من 320 مليون أسرة يعيش معظمها في بلدان اقتصاد السوق المرتفعة الدخل. على أن نموعدد المشتركين لم يواكب هذا التطور. وتتراوح تقديرات عدد مستخدمي النطاق العريض في العالم بين 55 و100 مليون شخص، يعيش أكثر من 75 في المائة منهم في ستة بلدان فقط. وتحتل جمهورية كوريا مركز الصدارة من حيث الاشتراك على مستوى الفرد، إذ يوجد فيها 21 مشتركاً لكل 100 نسمة. وينمو استخدام النطاق العريض بسرعة في عدة بلدان أخرى كذلك. وفي معظم البلدان، التي ما زال انتشار النطاق العريض فيها أدنى من علامة ال 10 في المائة والتي ما زالت فيها الأسعار عالية إلى حد ما، يتوقع الأونكتاد أن يبقى أثر هذه التكنولوجيا على معظم العمليات التجارية في الأجل القصير محدوداً. بيد أنه يمكن تحقيق مستويات انتشار كبيرة «أكثر من 40 في المائة» في أسواق عدة، بشرط أن تكفل البيئة التنظيمية قدراً كافياً من المنافسة فيما بين مقدمي الخدمات، سواء داخل التكنولوجيات المختلفة المستخدمة لإيصال النطاق العريض، أوفيما بينها. وقد يكون من الأفضل، وخاصة في البلدان النامية التي لا يمكن أن تواجه فيها «خطوط الاشتراك الرقمية» «DSL » منافسة من نظام الكابل أوالألياف البصرية أوالتكنولوجيا اللاسلكية، أن تُصدر الجهات القائمة بالتنظيم تراخيص لأساليب إيصال بديلة، مثل التكنولوجيا اللاسلكية الثابتة. ولم يبرز حتى الآن تطبيق للنطاق العريض للاتصالات كان له أثر على سير عمل الأسواق أوعلى إدارة الشركات يختلف اختلافاً جوهرياً عن آثار التطبيقات التجارية للإنترنت في السابق. وهذا لا يعني أن النطاق العريض لن يكون له تأثير على مؤسسات الأعمال. فهذه الأخيرة تشتري من المنتجات على الشبكة مباشرة أكثر مما يشتريه المستهلكون، وإن النطاق العريض يزيد إمكانية الوصول إلى مثل هذه المنتجات، ويجعلها ايسر استعمالاً، وبالتالي، أكثر قابلية للبيع، وخاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم. ويتيح النطاق العريض لعدة مستعملين أن يتقاسموا الربط بشبكة الإنترنت، الأمر الذي يمكن أن يخفض كلفة كل عملية ربط فردية - وهذا اعتبار هام للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تمثل نسبة عالية من أصحاب المشاريع الذين يستخدمون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلدان النامية. أما المشاريع الأكبر، فإن قدرتها على تركيز البيانات والتطبيقات في مرفق تخزين وحيد، بينما تساعد الكثير من المستخدمين الموجودين في أماكن بعيدة من الوصول إلى مقادير كبيرة من المعلومات ومن استخدامها، قد تُيسر تبني واستخدام أشكال جديدة من التنظيم: فهي قد تساعد، مثلاً، على جعل العمل عن بُعد فكرة قابلة للتطبيق لفئات مهنية أوسع. وقد تشهد العمليات الكثيفة البيانات في قطاعات مثل التمويل أوالرعاية الصحية تسارع خدمات التعاقد الخارجي في مجال الأعمال التجارية عندما تكون عمليات نقل البيانات على نحوبالغ السرعة ممكنة بين مراكز التجهيز المنخفضة الكلفة وعملائها.
الاهتمامات الأمنية
ويوضح تقرير الأونكتاد.ان المشاكل الأمنية المتعلقة بالإنترنت أشكالاً متعددة، تتراوح بين البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه والفيروسات، والتعدي على مواقع الويب، والغش، وانتهاك حقوق النشر والتأليف، والتعدي على الحياة الخاصة، والمضايقة، ورفض تقديم الخدمة، والدخول بصورة غير مرخص بها إلى حواسيب وشبكات الشركات أوالأشخاص وسرقة المعلومات المخزنة فيها أوالتلاعب بها. وقد اكتسبت بعض هذه المشاكل أبعاداً خطيرة، ويتزايد البريد غير المطلوب حاليا بمعدل خطير. وبحلول نهاية العام، يتوقع أن يكون 50 في المائة من جميع الرسائل الإلكترونية التي تنتقل عبر الإنترنت من الرسائل غير المطلوبة. وقد تصل الكلفة - من حيث تبديد موارد تكنولوجيا المعلومات أوفقدان الإنتاجية - إلى 20 ،5 مليار دولار في العالم أجمع. ولمعالجة هذه المشكلة، يقوم عدد متزايد من الحكومات بتنفيذ قوانين تُكافح البريد الإلكتروني غير المطلوب.
|