ترجل الدكتور محمد محاضير باني ماليزيا الحديثة عن الحكم بعد أن أوصل بلاده الى مركز متقدم في صفوف الدول النامية، وانتشلها من تصنيف الدول «النائمة» الى مصاف الدول المتقدمة..
وبعد أن أنجز كل هذا بل وما هو أهم من ذلك وهو تحقيق الوحدة الوطنية حيث دمج اجناس ماليزيا الثلاثة «الملايو والصينيين والهنود» بأديانهم المختلفة «الاسلام والبوذية والهندوس» اعتزل الحكم وهو في أوج نجاحه السياسي والاداري.
هذا الزعيم المسلم تفرغ بعد أن ترك سدة الحكم للنشاط الفكري وإلقاء المحاضرات والمساهمة الفاعلة في ورش العمل وندوات الاصلاح الاداري والسياسي والتنبيه لما تقوم به القوى الدولية المعادية للأمم النامية بما فيها الأمة الماليزية.
وفي محاضرة له قبل أيام، بعد تسلمه شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة التكنولوجية الماليزية كشف المفكر الاسلامي الدكتور محمد محاضير بأنه عندما تخطط حكومة دولة نامية بهدف رفع مستوى اقتصادها أو لعمل شيء جديد فإنها تقابل بالنقد والاستنكار ليس من قِبل مواطنيها المستعمرين فكرياً فحسب، بل من الاوروبيين وإعلامهم أيضاً، مبيِّناً أنه من المفروض بعد تحقيق الاستقلال ان يكون فكر الشعب خالياً من مخلفات الاستعمار، موضحاً أنه ليس من السهل التخلص من الاستعمار الفكري بشكل كامل، ومعللاً بأن سبب ذلك هو وجود الكثير من المواطنين الذين ما زلوا يعانون من نقص الثقة بالنفس.
ويكشف الدكتور محاضير نقطة مهمة تعرقل برامج التنمية في البلدان المستعمرة سابقاً فيقول: «حقيقة لم يعد بمقدور المستعمر أن يستعمرنا بشكل مباشر، لكنه يستعمل طريقة جديدة في تسخير عقول مواطني هذه البلاد الذين لم يتحرروا من هول الاستعمار الفكري بعد وان مشاريع تنمية البلاد العديدة مثل الطرق السريعة، وخطوط سكك القطارات الكهربائية وما حصل في ماليزيا من إنشاء جسر جزيرة بينانج، وناطحتي سحاب شركة بتروناس، ومطار كوالالمبور الدولي، ومدينتي بوتراجايا وسايبر جايا كلها تعتبر مشروعات ضخمة وقد واجهت معارضة من قِبل هيئات غير حكومية محلية، في حين أننا لو استطعنا ان نحرر انفسنا من قوقعة الاستعمار الفكري، ونفكر فيما سيحصل لنا بدون هذه المشاريع لوجدنا أننا لا نملك شيئاً وأن ماليزيا لا تختلف عن الدول الاخرى في شيء.
إن ما واجهه محاضير في بلاده ماليزيا نموذج لما تواجهه الدول النامية من معوقات ليس من القوى المعادية الخارجية فحسب، بل أيضاً من الفئات المستغربة والجماعات الظلامية على حد سواءالتي ترى في أي عمل يهدف للتغيير والتحديث مهدداً لمصالحهم وأفكارهم المستوردة أو البالية.
|