* بغداد - د. حميد عبد الله:
بين الحويجة وتلعفر حبل سري ولغة مشفرة لايفك رموزها الامريكان ولا الإنجليز ولا أعضاء مجلس الحكم.
فبينما تحاصر القوات الامريكية اهالي الحويجة وتعتقل العشرات ممن تسميهم أنصار صدام تفجر تلعفر نفسها انتقاما لاهالي الحويجة برغم ان تلعفر مدينة بأغلبية تركمانية شيعية والحويجة بلدة سنية ليس بين أهليها شيعي ولاكردي ولا تركماني ولا حتى مسيحي، وهكذا بدأ التنافس على اشده بين تلعفر الحويجة في إيقاع اكبر الخسائر بقوات الاحتلال وسيوزع الامريكان انتقامهما على المدينتين بالتساوي لكن الميزة التي تبقى تميز الحويجة عن غيرها من مدن العراق الاخرى هي أنها أصبحت العاصمة السرية للمقاومة العراقية وبجدارة.
ليس اعتباطا ان تتخذ المقاومة العراقية من مدينة الحويجة عاصمة سرية لها ، ذلك لان عوامل عدة قد اجتمعت في ذلك القضاء الصغير ليجعل منه هدفا للمطرقة الحديدية ومن بعدها للعدالة الحديدية التي نفذتها القوات الامريكية بحثا عن أنصار الرئيس العراقي السابق صدام حسين!
فالحويجة من حيث التركيبة السكانية مدينة ذات طابع قروي بأغلبية سنية مطلقة فضلا عن كون معظم العائلات الرئيسية فيها ترتبط بعلاقات وطيدة مع النظام العراقي السابق سواء من حيث امتدادات القرابة والدم او من حيث انتماء الكثير من أبناء المدينة ومحيطها الريفي الى الدوائر الحساسة في الدولة وفي مقدمتها الأجهزة الامنية التي كانت تشكل العمود الفقري لنظام صدام حسين.
أما من حيث الجوانب الامنية والطوبوغرافية فالحويجة مدينة منفتحة على اتجاهات عدة حيث تربطها طرق برية سالكة بكل من كركوك والموصل وتكريت وجبال حمرين وهذا مادفع نائب الرئيس العراقي عزة الدوري ان يلجأ الى الحويجة بعد ان تيقن ان كركوك ستسقط بيد قوات البشمركة بعد ان سقطت بغداد بيد قوات التحالف يوم 9 أبريل حيث ذهب بصحبة عضو القيادة القطرية السابق لحزب البعث محمد زمام عبد الرزاق ومحافظ كركوك مانع عبد الرشيد وقائد الفيلق الاول وأمناء سر فروع حزب البعث في كركوك ان يذهبوا جميعا الى الحويجة برتل كبير من السيارات الحكومية في الساعة الواحدة من ظهر يوم الخميس 10 أبريل وهي آخر مرة شوهدوا بها.
لهذه الأسباب نظمت القوات الامريكية حملة عسكرية مكثفة ومركزة على الحويجة استمرت ثلاثة أيام اعتقلت خلالها العشرات ممن أسمتهم أنصار صدام وعزة لكن اهالي الحويجة أكدوا ان أيا من أنصار صدام لم يلق القبض عليه ومعظم من وقعوا في أيدي القوات الامريكية هم من أنصار عزة الدوري.وطبقا لروايات شهود عيان من اهالي الحويجة فإن عددا من شباب المدينة تعرفوا على عضو قيادة حزب البعث السابق محمد زمام عبد الرزاق في المدينة وهو القريب من عزة الدوري من حيث درجة العلاقة الشخصية او جهة الاختفاء مما يؤكد ان الدوري كان موجودا في المنطقة لكن وجهاء من اهالي الحويجة قالوا ان ( الدراويش ) هم الذين يوفرون الحماية لعزة الدوري حيث كانت تربطه بهم وشائج متينة وكان يوفر لهم الدعم والحماية ويحضر جلساتها ويتبرك بوجوده بينهم.
المعلومات التي توفرت لدى القوات الامريكية تؤكد ان صدام حسين كان موجودا في الحويجة ولا يستبعد اهالي الحويجة ان صدام قد حل في مدينتهم متنكرا وربما قد مكث فيها عدة أيام لكن أحدا لم يشاهده وما يعزز هذه القناعة ان انتقال صدام من الحويجة الى تكريت او الموصل عملية سهلة في حالة محاصرته من قبل قوات التحالف وما يرجحه أهالي الحويجة هو ان صدام تسلل مؤخرا إلى جبال حمرين كونها تمتد من شمال العراق الى جنوبه على امتداد الحدود العراقية الإيرانية وانه اعتمد مؤخرا على السعاة لإيصال تعليماته الى مساعديه وأنصاره.وبحسب أهالي الحويجة أيضا فانهم سمعوا بقرارات حزبية وصفوها صادرة من جهات تمتلك القرار قضت بطرد أعضاء قيادات حزب البعث في المحافظات الجنوبية من الحزب بسبب موقفهم المتخاذل من الاحتلال و توجيه رسائل تهديد الى رؤساء عشائر ومسؤولين في الشرطة العراقية الذين شاركوا في الحملة الامريكية ضد صدام ومؤيديه.
|