متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
إن النمو في الأسر يعتبر العامل الرئيسي الذي يجب تناوله من ناحية المتطلبات من الأراضي والطلب على السكن وبينما تعتبر تقديرات الكثافة السكانية ملائمة للتقديرات الواسعة للطاقة التطويرية لمناطق المدينة ضمن منطقة حدود حماية التنمية إلا أنه يجب إعداد تحليل أكثر تفصيلاً لتقديرات الكثافة السكنية بما يعكس التغيرات في تشكيل الأسر وفي حجم الأسر مع مرور الزمن، ويمثل العدد الاجمالي للمساكن اللازمة تقديراً يستند إلى الافتراضات حول التكوين المستقبلي للسكان وعدد أفراد الأسرة وأفضليات الأسرة.. والواضح أنه ستكون هنالك حاجة إلى القيام بمراقبة منتظمة للطلب على المساكن وانشائها لضمان ملاءمة التقديرات والخطط للحقائق المتغيرة.. وعلى الرغم من ذلك ستوفر الفرضيات الممكنة اطاراً مفيداً وقوياً كأساس للمخطط الهيكلي..
محددات وموجهات
هناك عدد من المحددات والموجهات التي تؤثر على طبيعة العرض والطلب على السكن منها الشريعة الإسلامية والبيئة المبنية فمن البديهي أن تشارك الشريعة والمبادئ الإسلامية في توجيه التخطيط في المدينة، بما في ذلك الأحياء ونمط الإسكان، وهناك مبادئ وضوابط سكنية متكاملة في التراث العمراني الإسلامي موجودة في المؤلفات وقد انعكست على المدن الإسلامية فيمكن أن نستنتج أن مبادئ الشريعة الإسلامية تساعد على زيادة حجم الأسرة، وأنه يمكننا الاستعانة بالأسس الإسلامية لاقتراح متطلبات الأمان والخصوصية والجيرة ودرجة التنوع والاختلاط في الإسكان وكثافتها.
تنوع الخيارات
وكذلك التركيز على المبدأ الإسلامي في العمران والذي يركز على الأداء الجوهري النوعي النهائي للحي بدلاً من التوجه عن طريق الضوابط العمرانية الثابتة والجامدة.
ووضع أسس في حقوق الملكية والاستخدام والمشاركة في الخدمات والمسؤولية تعتمد على الشريعة الإسلامية، ومشاركة السكان المسؤولية في توجيه خدماتهم وشوارعهم الخاصة وترك الشوارع العامة للجهات الحكومية.
وإعادة النظر في العناصر العمرانية الإسلامية ودورها الإنساني في حياة السكان كالمسكن الفنائي والشوارع غير النافذة والأحياء المغلقة والساحات والتدرج الإيكولوجي «العضوي الفراغي» والأسواق والتظليل وغيرها.
وهناك مجال متزايد لاستخدام المبادئ التقليدية العربية والإسلامية لإعادة ادخال المساكن ذات الأفنية والساحات والشوارع غير النافذة التي تقدم مجموعة متنوعة من خيارات السكن كما أن استخدام المبادئ الإسلامية فيما يتعلق بملكية العقار وحرم الطريق المشترك ومشاركة السكان في اتخاذ القرارات وفي نظام التطوير يقدم الفرص لتلبية خيارات واحتياجات السكن بصورة أفضل.
اجتماعية وثقافية
يمثل المجتمع السعودي نموذجاً متميزاً في قوة العلاقات العائلية والقبلية التي تشكل الروابط القوية ضمن المجتمع بشكل عام.
وحيث ابتعدت أشكال السكن عن المساكن التقليدية إلى الفلل المستقلة على قطع أراض مفردة فقد أدى ذلك إلى النقص في قوة الروابط الاجتماعية، ويجري التأكيد على الفردية أكثر من التواصل الاجتماعي بتلك الأنماط السكنية وبالحارات التي تنتج عن ذلك.
إن التواصل مع الجيران بالضواحي الجديدة غالباً ما يكون أقل أهمية من الروابط والتواصل الاجتماعي بين أفراد العائلات والأقارب في أحياء المدينة التقليدية، كما أن المسجد يوفر مكاناً محلياً للتواصل بين أفراد المجتمع إلا أنه يلزم ادخال مراكز التسوق «كبدائل لشوارع التسوق الشريطية ا لخارجية» لتوفير تركيز محلي أقوى للخدمات التي يمكن أن يتم التواصل فيها بين العائلات والأطفال، والموجهات التي يمكن استنباطها تتمثل في انحسار حجم العائلة تدريجياً لجميع الطبقات الاجتماعية/ الاقتصادية وبالتالي انخفاض المساحات السكنية المطلوبة عن الموجود حالياً.
مطورة وحديثة
وكذلك زيادة نسبة العوائل الصغيرة واحتمال ظهور العوائل الثنائية الشابة والكبيرة السن والتي تحتاج إلى اسكان خاص. واحتمال تأخر عمر الزواج ومن ثم زيادة نسبة العزاب العاملين والحاجة إلى توفير الإسكان الموجه لطبيعة حياتهم، وزيادة نسبة التوظيف في القطاع الخاص وتغيير في جغرافية تركيبة مواقع العمل، وامكانية ربط العلاقة بين السكن والعمل والتخديم في نفس المنطقة.
والتحول من السكن المتجانس والمتأثر بطبيعة المهاجرين حديثاً والانتقال إلى احياء غير متجانسة السكان من الناحية الاقليمية.
وارتفاع نسبة التحضر مستقبلاً، وسينعكس هذا على طبيعة التفصيلات السكنية والخدمية وغيرها، وتقبل ظهور عناصر عمرانية ومعمارية ومطورة وحديثة.
مشاركة ومساهمة
أما العوامل الاقتصادية فالموجهات التي يمكن استنتاجها تتمثل في زيادة نسبة فئة ذوي الدخل المنخفض وانحسار فئة الدخل المتوسط.
وازدياد الحاجة إلى توفير اسكان ميسر بالتمليك أو الاستئجار، ومتعدد الوحدات مع ارتفاع الكثافات بدرجة كبيرة.
وانخفاض ملكية السيارة الخاصة وزيادة الحاجة إلى الاعتماد على النقل العام، ومشاركة القطاع الخاص بدرجة أكبر وزيادة مساهمة المواطنين والمستخدمين في مراحل التنمية.
والتقليل من المساحات الخاصة لقطع الأراضي السكنية وزيادة الخدمات المشتركة وترشيد مساحات الشوارع وغيرها.
التمتع بالنظر
هناك حاجة واضحة لاعطاء عناية خاصة للنواحي التقنية لتصميم المساكن في جو مدينة الرياض الصحراوي، حيث يتجه الاسكان المعاصر للاعتماد على التحكم الفعال بالطقس «مكيفات الهواء» بدلاً من الوسائل السلبية مثل توجيه المباني وتوفير الظل عن طريق زراعة الأشجار وزيادة الكثافات وتغطية الشوارع واستعمال مواد بناء تقليدية أكثر ملاءمة واستخدام أنظمة تهوية ومن الطبيعي أن يترتب على ذلك توفير في الطاقة مع تأثيرات ضمنية بالنسبة للتكاليف.
وتتمثل الموجهات التي يمكن استنتاجها في انخفاض قيم مواد البناء وأنظمة التبريد وهذا يساهم في تصنيع وانتاج الإسكان الميسر، وزيادة مساحات الفتحات وامكانية توجيهها إلى الشرق والجنوب والتمتع بالنظر إلى الخارج مع امكانية استعمال الشبابيك وتوجيهها في الاتجاهات المناسبة.
وامكانية انتاج مواد وأنظمة بناء انشائية سهلة التنفيذ خاصة لذوي الدخل المنخفض.
وتسهيل عملية التجديد العمراني باستخدام آليات ومعدات صغيرة ومناسبة وانتاج مواد تتلاءم مع ترميم المباني القديمة.
وتطوير المواد والتقنيات المحلية واستخدامها على نطاق واسع.
العرض الحالي
حققت تجربة الاسكان ضمن التطور العمراني للرياض نقلة كمية ونوعية واضحة.. حيث وُجد أكثر من 000 ،450 وحدة سكنية في عام 1417هـ ويبلغ معدل الوحدات غير المأهولة حوالي 5%، وهذا المعدل في تناقص مستمر.
تم تصنيف المساكن بموجب مسح استعمالات الأراضي عام 1417هـ إلى فئات بحسب النوع «مساكن عائلات مفردة ومساكن عائلات متعددة» وكان الموجود موزعاً بالتساوي تقريباً بين هاتين الفئتين.
كانت حالة المساكن بوجه عام مرضية مع أن الدراسات الأخيرة لمشروع المخطط الاستراتيجي توحي بأن ثمة زيادة مطردة في نسبة المساكن التي تقع ضمن فئة المساكن التي تحتاج إلى ترميم مع انتقال السكان من المساكن القديمة إلى المساكن الجديدة وتشير الدراسات التي أجريت مؤخراً «1419هـ» إلى أن ما نسبته 15% إلى 25% من المساكن في بعض المناطق، ربما تكون بحاجة إلى ترميم وهي تشتمل ما نسبته 40% بمنطقة وسط المدينة.
وتشكل المساكن التقليدية المبنية من الطين غالبية المساكن التي تحتاج إلى ترميم، أما المساكن الشعبية بوجه عام في وضع جيد ولكنها تحتاج إلى تحسينات.
تهيمن الفيلا على المعروض الكلي من المساكن لكنه يتم تقسيمها من الداخل إلى شقق بالمناطق القديمة من المدينة بوجه خاص مع ايجاد شقق مستقلة في كل دور.
أشكال جديدة
وظهرت إلى الوجود أشكال جديدة من السكن «وحدات مزدوجة «دوبلكسات» بشكل أكثر شيوعاً خلال السنوات الست إلى السبع الماضية ضمن مجمعات مصممة بشكل أساسي للأجانب والعائلات السعودية وقد أصبحت المساكن الشعبية المتصلة بجدران مشتركة إحدى الملامح المألوفة في العديد من الضواحي الداخلية بالمدينة.
تظل مباني الشقق السكنية المتعددة الأدوار غير مرغوبة نسبياً بين السعوديين ويعود ذلك جزئياً إلى أن بعضها يعاني من سوء موقعه وانعدام الخدمات وانعدام الخصوصية ورداءة الإنارة الطبيعية ومشاكل الخصوصية بالنسبة للنساء في الوصول إلى المصاعد والأماكن العامة الأخرى.
أصبحت الشقق والغرف المفردة فوق المحلات التجارية والأجنحة وأماكن الكراجات التي يتم تحويلها إلى مساكن الخدم أصبحت أكثر شيوعاً كسكن للشباب الذكور تلبية للطلب من قبل العزاب خاصة الطلاب منهم.
وضع جيد
وبوجه عام يعتبر المعروض من المساكن في وضع جيد نسبياً في الوقت الحاضر إلا أن سرعة الزيادة في الطلب في المستقبل ربما تضع ضغطاً شديداً على العرض مما يثير أسئلة رئيسية بخصوص الاسكان الميسر وامكانية الانخفاض المحتمل في مستويات ملكية الأراضي والمساكن على حد سواء.
تم إعداد توقعات لاجمالي الطلب على الاسكان لمشروع المخطط الاستراتيجي استناداً إلى فرضية الزيادة السكانية المتوسطة إن الطلب على الاسكان بناء على تشكيل الأسر ربما يتوقع له أن يزيد بمقدار خمسة أضعاف على مدى الفترة من 1417هـ إلى 1442هـ مقارنة بزيادة سكانية قدرها ثلاثة أضعاف ونصف، إلا أنه لم يتم التعبير بالكامل عن هذا التغيير في زيادة الطلب الفعلي على الإسكان نظراً لأن الناس يحددون اختياراتهم بخصوص موعد انشاء مساكنهم الخاصة خصوصاً على أساس توفر المبالغ اللازمة لانشائها أو شرائها، وعلى الرغم من ذلك يتزايد الطلب على المساكن بسرعة كل فترة خمس سنوات على مدى فترة التوقعات حيث توضح الوحدات السكنية الاضافية التي تحتاج إليها كل فترة.
تلبية التنوع
توضح ورقة العمل «الإسكان والأحياء السكنية» التي تم إعدادها كجزء من أعمال المخطط الهيكلي تفصيل الطلب على الاسكان بحسب نوع الأسرة ودخل الأسرة والتوقع في المستقبل حتى عام 1442هـ.
حيث أوضحت هذه الدراسة أن مسطحات الوحدات السكنية تتراوح من وحدات صغيرة بواقع 60م2 بالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض إلى أكثر من 5000م2 للفلل الكبرى والقصور وهذا يفيد أن الاسكان ليس متجانساً على مستوى المدينة، ويلزم اتباع طرق مختلفة لتوفير الإسكان للعائلات ذات الدخل المنخفض والمتوسط والمرتفع.
وهناك مؤشرات عن الكثافات السكانية في مناطق الشقق قد تصل لأكثر من 2000 شخص بكل هكتار في أجزاء من المدينة القديمة التي يسكنها ذوو الدخل المنخفض والأجانب وهو ما يتباين بشكل ملحوظ مع المناطق التي تضم الفلل الكبيرة والقصور حيث قد تصل الكثافة لأقل تماماً من 20 شخصاً بكل هكتار.
إن من الواضح أن ثمة حاجة لتلبية هذا التنوع وتحقيق التجانس في طرق انشاء المساكن وذلك لتلبية المتطلبات المستقبلية لسكان المدينة، وبالتالي ستتباين الكثافات السكنية بشكل واسع في مختلف أنحاء المدينة.
|