عادت أفغانستان بقوة إلى دائرة الضوء مع بدء أكبر هجوم للقوات الأمريكية منذ اطاحتها قبل حوالي العامين بحركة طالبان وفي ذات الوقت تواجه القوات الأمريكية أوضاعاً أكثر سخونة في العراق، حيث يتخذ وضع العمليات شكلاً متصاعداً على عكس ما يقوله المسؤولون في واشنطن عن تراجع للعمليات ضد جنودهم.
وبينما تتجه الآمال إلى رؤية الاستقرار في العراق وأفغانستان فإن الوقائع على الأرض تفيد بغير ذلك، ففي اليوم الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة عن شن عملياتها الكبرى الجديدة في أفغانستان أدى انفجار سيارة في العراق إلى اصابة 31 جندياً أمريكياً بجروح..
ويبدو أن الولايات المتحدة التي تشن حربين في وقت واحد ستجد أنها مبعثرة الجهود والأفكار بين ساحتين للحرب تتنافسان في الضراوة والشدة.
وعلى الرغم من القوة العسكرية العظمى التي تتمتع بها الولايات المتحدة وتقدمها على جميع الجماعات والتنظيمات في العراق وأفغانستان فإن الولايات المتحدة لم تستطع حسم الوضع عسكرياً في أي من البلدين ما يعني أن القوة وحدها ليست كافية لإعادة ترتيب الأوضاع وأن الكثير من العمل السياسي مطلوب وأن الأفضل اشراك الآخرين فيما يجري لتكتسب الحلول بعداً دولياً يمكن أن تطمئن إليه مختلف الأطراف..
وتستطيع القوة الأمريكية الهائلة تدمير الكثير وربما القضاء على الأخضر واليابس، غير أن ذلك غير مطلوب لكنه سيكون النتيجة الحتمية لأسلوب الاعتماد أكثر وأكثر على القوة..
ففي أفغانستان تجدد في الأسبوع الحالي الجدل حول القتل الخطأ عندما لقي تسعة أطفال مصرعهم بنيران القوات الأمريكية التي قالت إن ذلك جاء بالخطأ أثناء مطاردة أحد المطلوبين، غير أن الأفغان لم يستطيعوا حتى الآن الاقتناع بالحجة الأمريكية ولم يتمكنوا من ازدراد مرارة الكارثة.
وهكذا تنفتح أبواب جديدة لنوايا الانتقام وتقف البلاد بأسرها على أعتاب فترة أخرى من الفوضى والأعمال القتالية لأن التركيز كان أكثر طوال الفترة الماضية على القوة العسكرية.
إذن فإن الرهان على الانتصارات العسكرية لا يؤدي إلى النتائج المرجوة بسبب القهر الذي عادة ما يصاحب العمل العسكري بما في ذلك مختلف افرازات الاحتلال التي تدفع إلى المقاومة.. ولهذا فإن النظر إلى الأمور من منظور دولي واسع قد يؤدي إلى نتائج أفضل وإلى خسائر أقل...
|