أسفت كثيراً لأن ظروف العمل حالت دون حضوري المؤتمرالسنوي الثاني الذي عقدته مؤسسة الفكر العربي برئاسة سمو الأمير خالد الفيصل في بيروت (10-12 شوال الحالي) تحت عنوان« استشراف المستقبل العربي». وخاصة أني أشرف بالانتساب إلى هذه المؤسسة عضواً مشاركاً، وأن المؤتمر قد أحدث ضجة فكرية كبيرة على المستوى العربي وفي دوائر فكرية وسياسية عالمية.
لكن عالمنا الذي أصبح قرية كونية -كما يقولون- لم تعد الأحداث فيه مستورة على أحد، فقد تابعت وقائع المؤتمر عبر وسائل الإعلام، وبخاصة تلك التي كانت على مستوى المسؤولية فنقلت الأحداث على الهواء مباشرة وأخرى تابعت بثها غير بعيد من وقتها. وكذلك عبرالمهاتفات التي تلقيتها من أصدقاء حالفهم الحظ بالحضور.
ولقد وقعت تحت طائلة الدهشة التي انتابت معظم المراقبين حين رأيت هذا الحشد الجامع لرموز الفكر والسياسة في عالمنا العربي وفي قارات الدنيا الخمس، يجتمعون في تلك القاعة لثلاثة أيام على التوالي، يناقشون في عشر جلسات - في فضاء حرية بلا حدود- أهم شؤون العالم العربي الداخلية وعلاقتها مع العالم الخارجي.
رأينا رؤساء دول وبرلمانات وحكومات وكبارالساسة يتحاورون مع رموز الفكر والثقافة، وسمعنا الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي اختتم فعاليات المؤتمر بحوار مفتوح مع القاعة يقول إن السلطة يجب أن تأتي إلى العلم - يعني المثقفين - وليس العكس، ومن أطرف وربما أصدق ما أطلقه الإعلام المرئيأن مؤسسة الفكر العربي تسعى - من خلال مؤتمرها - إلى إجراء مصالحة بين السلطة والمثقف في عالمنا العربي.
وشاهدنا دولة رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في حوار مفتوح آخر يصر أن يظل واقفا على المنصة طوال الحوار، وأن يستعيد أحد المحاورين الذي انصرف غاضباً عن الميكروفون بسبب مقاطعة منسق الحوار له لضيق الوقت، ويصر أن يستمع إلى كل أسئلته، ويصر على الإجابة الصريحة دون مواربة.
ورأينا الحضورالغربي والشرقي في المؤتمر ناشطاً.. سفراء أمريكان وأوربيين ومفكرين وإعلاميين.. ومندوب الصين يلقي مداخلته بالعربية ومحاورين عرب يلقون مداخلاتهم بلغة أجنبية.
رأينا العجب العجاب في هذا المؤتمر الذي يجمع المحللون أنه الحدث العربي الأول الذي بدأ رحلة الألف ميل بقفزة واسعة لا خطوة محدودة.
وللتفسير بقية إن شاء الله في المقال القادم.
| 
