في حياة وتاريخ الأمم هناك فترات مهمة وأحداث مصيرية.. لأنها تمثل مفصل تحول في خط سيرها.. وتكون فترات التحول هذه واضحة للعيان للبعض.. لكن قد لا يعي كثير ممن يعيشون فترة الحدث أنهم يعيشون حدثاً تاريخياً ونقطة تحول مهمة في حياة الأمة.
إن توحيد المملكة على يد المؤسس.. الملك عبدالعزيز هو منعطف كبير في تاريخ هذه الأمة.. فهل أدرك ذلك كل من عايش الحدث العظيم؟.. وتحول الإدارات في المملكة إلى وزارات هو أيضاً نقطة تحول من المنظور التاريخي لتطور المملكة.. فهو بلورة لشكل الدولة المعاصرة.. لكن هل أدرك أهمية تلك الحقيقة كل من عايش الحدث.
لا شك في أن فكرة إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني هو من ذلك النوع من التحول الإيجابي.. أي أنه مفصل تحول في تاريخ المملكة التي تحتاج إلى نظرة تاريخية لتراها كنقطة تحول.. وهذا واضح من ردود الفعل التي صاحبت قرار تأسيس المركز.. ولكل من لديه القدرة على استشراف المستقبل وقراءة تحولاته.
فمنذ أن صدر الأمر السامي الكريم بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، انبثقت مجموعة كبيرة من الأسئلة حول هذا المركز وما زالت أسئلة كثيرة تدور في أذهان المراقبين بصفة خاصة وأفراد المجتمع بصفة عامة حول مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
إن صورة المركز الذهنية غير واضحة المعالم لغالبية أفراد المجتمع.. فهناك أسئلة تتعلق بالمضمون أي جوهر مركز الحوار:
- هل هو منتدى أم مركز للدراسات والبحوث؟
- هل هو شعبي أم رسمي أم كلاهما؟
- ما شكل إدارته العليا ومن هم أعضاؤها؟
- هل هم دائمون أم متغيرون؟
- هل هم منتخبون أم معينون؟
- ما هي لجانه؟ ومن هم أعضاؤها؟ وما هي معايير اختيارهم؟
- ماذا سيناقش.. ومن سيطرح الموضوعات؟
- هل تحتاج موضوعاته للاعتماد من جهة عليا أم أنها قابلة للطرح فوراً؟
- هل نتائجه مجرد توصيات أم أن لها صبغة تنفيذية؟
- هل المركز نفسه استشاري أو تنفيذي؟
ثم هناك أسئلة حول شكل مركز الحوار:
- ما هو وضع المركز الرسمي داخل البنية السعودية؟
- ما هي علاقته بالأجهزة الحكومية الأخرى.. كمجلس الوزراء ومجلس الشورى ومجالس المناطق؟
- أين يقع المركز على خارطة نظام الحكم الداخلي للمملكة؟
إذا كان من ثمار اللقاء الأول إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. فهل يمكن أن يكون من ثمار اللقاء الثاني إشراك الفعاليات الوطنية الشعبية في إعداد استراتيجية المركز الرئيسة.. فهذا سيساهم في بناء انطباع أولي له كمؤسسة يغلب عليها الجانب الشعبي تأسيساً وتخطيطاً وتنظيماً وتوجيهاً وحواراً ونتائج ومتابعة.. بمباركة وتفاعل وتعاون رسمي.. لتتجلى أروع صور التعاون الرسمي والشعبي في تنمية البلاد وحمايتها من الأخطار الداخلية والخارجية.. وذلك دون أدنى شك سيدعم موقف المركز.. ويدخله في متتالية النمو لا الضمور.. حيث تشكل هذه الخطوة أساساً متيناً لبناء الثقة.. وتحفز الجميع للتفاعل إيجاباً معه مما يجعل نتائجه أفضل.. إذ بتفعيلها تزداد الثقة به ويتحقق التفاعل معه.
مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قد يكون النواة الأولى لتمثيل شرائح الشعب.. وعلينا جميعاً الدفع الإيجابي في ذلك الاتجاه.. وبذلك سوف يحق لوطننا أن يفتخر أنه البلد الذي توحد في عهد تفككت فيه الدول إلى بلدان وشعوب.. وأنه البلد الذي تحول للديموقراطية بالعقل والحوار.. لا الذراع والدماء.
|