متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
يمثل النمو السكاني والتشكيل الجديد للأسر القاعدة الأساسية لتوسع مدينة الرياض، وهذا مرتبط بدوره بكل من الأنماط الاجتماعية والثقافية والسلوكية المتعددة مثل «قبول العائلات الكبيرة كنمط عادي» والعوامل الاقتصادية «توفر الوظائف بالمدينة».
سريعة ومستمرة
تعتبر مدينة الرياض إحدى أسرع المدن نمواً في العالم ويقترب عدد سكانها من خمسة ملايين نسمة حيث نشأ ذلك بسبب معدلات الولادة المرتفعة مقابل انخفاض معدلات الوفيات، بالإضافة إلى الهجرة الكبيرة إلى المدينة، مما أدى إلى زيادة سكانية سنوية مرتفعة، بلغت حوالي 8% سنوياً خلال السنوات الأخيرة وتشير التوقعات السكانية التي تم إعدادها لمشروع المخطط الاستراتيجي إلى الانخفاض التدريجي لمعدلات المواليد ومعدلات الهجرة، ولكن حتى مع الافتراضات المعتدلة جداً فإنها توضح زيادة سكانية سريعة مستمرة في المستقبل وتوضح التوقعات المرتفعة والمتوسطة والمنخفضة حتى عام 1442هـ بأن سكان الرياض سيصل إلى 3 ،12 و5 ،10 و6 ،8 ملايين نسمة على التوالي.
لقد تم الاعتماد في التخطيط للمدينة حتى عام 1442هـ على التوقعات السكانية المتوسطة.. وتشكل وظائف القطاع الحكومي والخاص بمدينة الرياض السبب الرئيسي للهجرة الداخلية إلى المدينة والتي تشكل نسبة أكبر من الهجرة الخارجية حيث تفترض التوقعات المتوسطة البالغة 5 ،10 ملايين نسمة عام 1442هـ التناقص المستمر للهجرة الصافية لمدينة الرياض من المناطق الأخرى بالمملكة من حوالي 200 ألف سنوياً في الوقت الحاضر إلى حوالي 30 ألف سنوياً بحلول عام 1442هـ، كما تفترض انخفاض عدد الأجانب من بين العدد الإجمالي للسكان لتصل نسبتهم إلى 16% بالإضافة إلى انخفاض معدلات المواليد.
شباب وعائلات
إن ما هو مهم بالنسبة لنمو المدينة هو أن التركيبة العمرية التي هي في سن الشباب ستظل كواحدة من أهم الملامح الديموغرافية للمدينة ولمدة طويلة، إن التركيبة السكانية للمدينة سيهيمن عليها ولمدة سنوات قادمة الشباب والأشخاص الذين هم في بداية تشكيل عائلات جديدة، وأولئك الذين ينضمون إلى القوة العاملة لأول مرة، ولهذا يجب أن يتناول الإطار الاستراتيجي للمدينة احتياجات السكان الشباب والعائلات الحديثة التكوين بشكل خاص نظرا لأن هذه الفئة ستشكل غالبية سكان المدينة على مدى العقدين القادمين.
يبلغ متوسط أعمار الإناث السعوديات «19» سنة في حين يبلغ متوسط أعمار الذكور «18» سنة فقط، وسيشكل الذكور تحت 25 سنة نسبة 30% على الأقل من القوة العاملة السعودية خلال السنوات العشر القادمة، وستشكل احتياجات العائلات حديثة التكوين الجانب الأعظم في أسواق الأراضي والسكن والتوظيف، وسيأخذ الحصول على الخدمات العامة والنقل والخدمات الخاصة بالنساء والأطفال الأهمية الكبرى، ويجب أن تأخذ الاستراتيجية الخاصة بالمدينة كل تلك الحقائق في الاعتبار.
نتائج عميقة
تؤدي التركيبة السكانية التي هي في سن الشباب إلى معدلات تشكيل أسر أعلى من معدلات الزيادة السكانية، وسيزداد الطلب على الوحدات السكنية بمعدل أسرع من الزيادة السكانية مما سيكون له نتائج عميقة الأثر على معدل تطوير المدينة.
في الوقت الذي يتوقع أن يتضاعف فيه عدد السكان ثلاث مرات ونصف بين عام 1417 و1442هـ بافتراض التوقعات المتوسطة إلا أنه من المتوقع أن يتضاعف عدد الأسر خمس مرات وهو ما يترجم مباشرة زيادة الطلب على الإسكان.
سيكون من الضروري مراقبة زيادة عدد السكان والأسر بالمدينة عن كثب مع عمل تقديرات للطلب على الإسكان كلما أمكن ذلك وكذلك إجراء مراجعات أكثر شمولاً أثناء مراجعة المخطط وتحديثه، مثلاً مرة كل خمس سنوات.
إن التأثيرات الضمنية التي تنطوي عليها معدلات النمو المتوقعة - في حالة عدم تحققها - سوف تكون مهمة بالنسبة لمعدل توفير الخدمات والمرافق العامة ومعدل التطوير المرحلي للأراضي، إلا أنه سيكون لها تأثيرات أقل بالنسبة للعناصر الأساسية للمخطط والتي ترتبط بشكل المدينة وعناصرها الوظيفية.
وفي المستقبل، ربما يفضل الشباب السعوديون المتزوجون السكن مع والديهم مدة أطول مثلما هي عليه الحال في الوقت الحاضر، وذلك استناداً إلى مدى امكانية الحصول على المساكن، وسيكون لذلك تأثيرات بالنسبة لمستوى الطلب على الإسكان وأنواع المساكن المرغوبة وكذلك التركيبة الاجتماعية للمدينة.
تنمية مستدامة
يستجيب المخطط الهيكلي للاحتياجات السكانية المتوقعة لمدينة الرياض والبالغة 5 ،10 ملايين نسمة بحلول عام 1442هـ أي بزيادة إضافية تبلغ 5 ،7 ملايين نسمة، وذلك عن طريق التخطيط المنظم للتوسع العمراني اللازم، والذي سيكون على مساحة حضرية تتجاوز قليلاً حدود المرحلة الثانية من النطاق العمراني وتبلغ حوالي 2132 كم2، ويستثنى من ذلك الاستعمالات الخاصة مثل مطار الملك خالد الدولي وخشم العان وغيرها والتي تبلغ مساحتها حوالي 428 كم2، والأراضي غير الحضرية الواقعة داخل حدود حماية التنمية والتي تبلغ مساحتها حوالي 2340كم2.
سيكون من الضروري تبني تركيز التنمية في المناطق المبنية الحالية وذلك لضمان الاستغلال الفعال للموارد وأن المدينة المستقبلية ستكون مدينة ذات تنمية مستدامة.
إن المنطقة الحضرية الحالية، حسبما تحددها المرحلة الأولى من النطاق العمراني يمكن أن تستوعب حوالي مليوني نسمة إضافيين على مدى فترة المخطط، وذلك من خلال تخطيط الأراضي غير المخططة وتطويرها، وتطوير الأراضي البيضاء، وإعادة التطوير والتجديد العمراني.. وسيؤدي ذلك إلى توجيه بقية الزيادة السكانية المتوقعة التي تتراوح ما بين 5 و5 ،5 ملايين نسمة لاستيعابها بمناطق التطوير الجديدة خارج حدود المرحلة الأولى والتي يمكن لمخططات الأراضي غير المطورة الموجودة في تلك المناطق أن تستوعب حوالي 40% من هذا العدد.
ضرورة وضرورة
لقد أخذ في الاعتبار عند توزيع السكان الإضافيين في المخطط الهيكلي ثلاثة مبادئ أساسية تمثلت في ضرورة مراعاة مخططات الأراضي المعتمدة غير المطورة القائمة في المدينة، وما يترتب عليها من تكاليف إيصال المرافق العامة.
وضرورة إعطاء الأولوية للأراضي الواقعة فعلاً ضمن المرحلة الثانية من النطاق العمراني. وأن يتم احتواء النمو المستقبلي ضمن تلك الحدود لأطول مدة ممكنة. وضرورة ألا يتم إجراء تغييرات جذرية للكثافات بالمناطق السكنية، مع استمرار أغلبية السكان في العيش في مساكن منخفضة الارتفاع وتقطنها عائلة مفردة.
إن الأراضي البيضاء المخططة تحقق كثافات منخفضة لذلك فإن استمرار أساليب التخطيط الحضري الحالية سيؤدي إلى تجاوز حدود المرحلة الثانية من النطاق العمراني قبل الوصول إلى العدد المستهدف للسكان في عام 1442هـ.
العمليات والرغبات
يتراوح سكان القطاعات - باستثناء القطاع الأوسط - ما بين أقل من مليون نسمة في الضاحيتين الجديدتين إلى 52 ،1 مليون نسمة في القطاع الشمالي الشرقي. وتقع نسبة الزيادة على مدى 25 سنة بين القطاعات ضمن نطاق ضيق من منخفضة بواقع 5 ،10% في القطاع الغربي إلى مرتفعة بواقع 5 ،15% في القطاع الشمالي الشرقي.
يعتمد هذا التوزيع على مواقع ومساحات مخططات الأراضي الحالية، والأراضي غير المخططة القابلة للتطوير والتي يفترض تطويرها وإشغالها تدريجياً على مدى السنوات القليلة القادمة مع الأخذ بالاعتبار العوائق المتعلقة بالاستثمار الفعال في المرافق العامة. وسيتم التخطيط من حيث المبدأ على أساس التوسع التدريجي نحو الخارج انطلاقاً من المناطق المبنية الحالية وأنظمة المرافق العامة القائمة.. كما يؤثر على هذا التوزيع العمليات الإدارية للتطوير المرحلي للأراضي الجديدة وتخديم المخططات الحالية، والرغبات الاجتماعية للسكان، والعرض والطلب على الأراضي والمساكن ويتوقع أن يحدث أكبر نمو في نسبة عدد السكان بين عامي 1417 إلى 1442هـ بالقطاع الأوسط، ومع أنه سيظل أكثر القطاعات المأهولة بالمدينة في عام 1442هـ إلا أن حصته ستكون قد هبطت إلى خمس العدد الإجمالي لسكان المدينة.
وبموجب المخطط الاستراتيجي الشامل فسوف يتم استيعاب حوالي 80% من الزيادة المتوقعة البالغة 3 ،7 ملايين نسمة ضمن المرحلة الثانية من النطاق العمراني، بينما سيتم استيعاب النسبة الباقية على نطاق واسع ضمن الضاحيتين الجديدتين في الشمال والشرق.
وتجدر الإشارة إلى أن المخطط الهيكلي للمدينة أخذ في الاعتبار تخصيص 10% من إجمالي مساحة المنطقة الحضرية وهي تمثل مساحة احتياطية لاستكمال تخطيط وتطوير الأراضي وانتقال السكان الفعلي داخل الحدود الحضرية للمخطط الهيكلي خلال فترة المخطط، وهذا يمثل أحد المبررات في إضافة مناطق حضرية تقع خارج حدود المرحلة الثانية من النطاق العمراني.
شكل أفضل
يتوقع أن يعيش مليون شخص في الأجزاء المطورة الحالية من المدينة خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، ويعود ذلك جزئياً إلى تطوير الأراضي الخالية «البيضاء» وإلى إعادة التطوير والتجديد في تلك المناطق. ومع توقع انخفاض حجم الأسر بشكل عام وخاصة حجم الأسر السعودية فإن من المحتمل أن يستوعب المعروض الحالي من الوحدات السكنية عدداً أقل مما يستوعبه في الوقت الحاضر وإذا أريد الاستفادة التامة من المرافق والخدمات العامة فإنه يجب تشجيع أعمال تجديد وتطوير الأراضي البيضاء داخل المنطقة المبنية حالياً مما يوفر فرصة لإعادة تصميم تلك المناطق بشكل أفضل ويتيح أنماطاً جديدة للعيش بالمناطق المبنية الحالية.
إن نحو نصف الزيادة السكانية الإضافية بالمدينة الحالية ربما تحدث خلال السنوات العشر الأولى بينما تتوزع باقي الزيادة على السنوات الخمسة عشرة الباقية حتى عام 1442هـ. ويتوقع أن تكون الملامح الرئيسية للتغيير على امتداد تلك الفترة، زيادة تدريجية في الكثافات السكنية الصافية في المناطق الحالية والمناطق المعاد تطويرها من 20 وحدة بالهكتار إلى حوالي 40 وحدة بالهكتار.
ويتوقع أن تصل الكثافة السكانية الصافية إلى 190 شخصاً في الهكتار مع أنه ستظل هناك مناطق ذات كثافة منخفضة في تلك المناطق. ويتوقع أن تكون الزيادة السكانية الإضافية بعد السنوات العشر الأولى منخفضة ويكون الدافع الرئيس لها إعادة التطوير وتجديد المناطق المطورة الحالية بكثافات سكنية مرتفعة وحدوث كثافات سكنية مرتفعة بما في ذلك الشقق والوحدات السكنية المتعددة بوسط المدينة والعصب المركزي وبالقرب من طرق النقل الرئيسة.
تطوير سريع
سوف تؤدي الزيادة السكانية وتشكيل الأسرة الجديدة إلى دفع عملية تطوير المدينة بمعدل سريع حتى ولو كان هنالك احتمال لانخفاض الهجرة من المناطق الأخرى بالمملكة أو انخفاض معدلات المواليد واحتمال إحلال العمال السعوديين محل الأجانب علماً بأن الخصائص السكانية للمدينة في الوقت الحاضر تؤكد بالفعل نموها السريع في المستقبل.
إعادة التصميم
ستكون هنالك حاجة إلى مناطق سكنية لاستيعاب السكان والأسر الإضافية، والواقع أن هنالك مساحات كبيرة من الأراضي المحيطة بمدينة الرياض تم تخطيطها وتم بيع الكثير منها. ومعظم تلك المخططات هي مخططات سكنية لا تلبي احتياجات المدينة من الاستخدامات الأخرى ومعظمها يمثل تكراراً لأنماط التخطيط الحالية بحيث ان هذه المخططات قد قيدت الشكل العمراني للمدينة لسنوات طويلة قادمة. لذا يجب أن يراعي المخطط الهيكلي حقيقة أن تلك المخططات التي تعد غير ملائمة من النواحي التصميمية للحارات السكنية بالإضافة إلى القطع الفردية في تلك المخططات لا تزال في أيدي أصحاب الأراضي والذي بامكانهم تطوير أو بيع تلك القطع في المستقبل بشكلها الحالي.
يتوفر القليل من الفرص للابتكار واستخدام طرق جديدة في المخططات الحالية إلا إذا تبين لأصحاب الأراضي وجود مزايا وحوافز في إعادة الهيكلة والتخطيط بحيث يمكن تشجيعهم على التعاون في خطط إعادة تصميم تلك المناطق المخططة والمقسمة قبل أن يتم تطوير تلك المخططات.
جديدة ومبتكرة
أما في المناطق التي لم يتم تخطيطها بعد فإنه يجب التأكيد على تبني تصاميم جديدة مبتكرة إذا ما أريد لسكان المدينة أن يكون لهم أية خيارات حول البيئة التي يعيشون بها، ومما يعني التخلي عن التخطيط الشبكي في المخطط الرئيسي الثاني لمدينة الرياض 1402هـ وتبني المخططات الهيكلية المحلية التي تشكل الإطار لتصميم كل منطقة جديدة وتحديد هيكلية كافة مخططات تقسيمات الأراضي الجديدة.
وهذا يستوجب أن تكون التصميمات ملائمة للأوضاع المحلية خاصة الاعتبارات البيئية ولا تتجاهل ببساطة الأودية الموجودة التي تخدم التشجير ونظام الصرف الصحي والمقومات الطبيعية الأخرى. بل يحب أن تهدف المخططات الهيكلية المحلية إلى تحقيق مجموعة متنوعة من الاختيارات في أنماط السكن والبيئة السكنية والكفاءة في تصميم وتخطيط الشوارع مع التوفير الملائم والمتوازن للخدمات العامة بما في ذلك المناطق المفتوحة والمقومات اللازمة الأخرى لتصميم الحارة السكنية الجيدة.كما يجب تشجيع الأنظمة والقواعد الإرشادية على الابتكار والتنوع والاختبار وهناك مميزات إيجابية للنظام الشبكي الحالي يجب الاستفادة منها، ولكن هنالك مجال للابتكار أكبر مما يعرضه النظام الحالي.
فعالية أكثر
تتمثل إحدى ملامح الرياض كمدينة مستديمة في الحاجة إلى استعمال الأرض بفعالية أكثر وتوفير المرافق العامة أيضاً بفعالية أكبر، وهذا يعني تخفيض نسبة الأراضي التي تركت خالية «بيضاء» داخل المنطقة المبنية وزيادة كثافة التطوير داخل الحارات السكنية.
وتتمثل الطريقة المقترحة للمخطط الهيكلي للمدينة في وضع مجموعة من الضوابط والحوافز الجديدة التي تكفل تعزيز استعمالات الأراضي بفعالية أكبر، وستكون النتيجة النهائية زيادة الطاقة الاسيتعابية لمناطق التطوير الجديدة بدون تخفيض المساحة اللازمة لسكن الأسر بشكل كبير، ولتحقيق ذلك فقد تم توزيع السكان على مناطق التطوير الجديدة على أساس افتراض أن يعكس متوسط الكثافات السكنية العامة انماطاً من الكثافات السائدة حالياً بالضواحي الداخلية والخارجية للمدينة. وزيادة الطاقة الاستيعابية للأراضي القابلة مع تطوير المناطق المخططة حالياً، وذلك من خلال زيادة فعالية استعمالات الأراضي في تلك المناطق.وكإجراء للافتراض الثاني، فإن الأراضي البيضاء تشكل حالياً حوالي 40% من مساحة المنطقة الحضرية، لذا يفترض المخطط الهيكلي تقليص تلك النسبة إلى أقل من 20% بنهاية فترة المخطط في عام 1442هـ.
واستناداً إلى المبادئ والافتراضات السالفة الذكر فإن مناطق التطوير الجديدة بالمدينة ستحقق متوسط كثافة سكانية إجمالية تزيد على 70 شخصاً بكل هكتار بحلول عام 1442هـ مقارنة بمتوسط 50 شخصاً بكل هكتار في الوقت الحاضر.
|