Tuesday 9th december,2003 11394العدد الثلاثاء 15 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرياضي والفنان والأديب نعم سواء الرياضي والفنان والأديب نعم سواء
بقلم مندل بن عبدالله القباع

ما من شك أننا نعي جميعا سواء منا الكبار او الصغار ان الرياضة في أي مجتمع من المجتمعات انما تمثل إنعكاسا لحاجة أساسية هي الحاجة للصحة البدنية وليس مراء القول أن العقل السليم لا يمكن استثماره الا اذا كان ملازما لجسم سليم.
ولهذا التلازم يقبل على الرياضة كافة الفئات العمرية لممارسة انشطتها في اي فرع من فروع الرياضة المختلفة التي تتناسب مع قدراتهم ومطالبهم وحاجاتهم.
والجدير بالذكر أن المجتمع الذي يهتم افراده بالرياضة فهو الذي تنتشر فيه الممارسات الرياضية وتعم فئاته نجده وقد اتسعت فيه مساحة الوعي الاجتماعي العام.
ولا غرو اننا نهتم كثيرا في المجتمع السعودي في تعميم الرياضة في المدارس والأندية ومراكز الخدمة والتنمية الاجتماعية من خلال دعم وتحفيز الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقيادة الامير سلطان بن فهد، ويشمل ذلك كافة الرياضات المتعارف عليها، ولا يعني هذا ان نهتم بلعبة ككرة القدم دون غيرها لما لها من شعبية ولا نهتم بغيرها من الالعاب التي يتوق اليها الغلمان والشبان.
ومن حسن القول ان منحنى الممارسة والاداء وزيادة معدلات المتدرجين في النشاط يعبر عن مدى التطور الاداري والقيادي مما يدعو لترشيد سلوك التعامل مع افرادها وذلك بحثهم على الإتقان والتجويد المهاري، وايضا حفزهم الدائم نظرا لان مردود المناشط الرياضية يؤدي إلى بلوغ الصحة العامة لافراد المجتمع وخاصة ممارسة النشاط الرياضي حيث تأثيره الفاعل في صحة الابدان وكذا النفوس والعقول.
وبناء على ذلك تعتبر المؤسسات الرياضية تلك التي تولي النشاط الرياضي اهتمامها ومناهجها مؤسسات تربوية واجتماعية.
وحقا القول بأنه لا يوجد مجتمع من المجتمعات القديمة «الاغريق واليونان»، والمجتمعات في صدر الاسلام «علموا اولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل»، وهكذا في عصرنا هذا الذي يعج بمؤسسات التربية الرياضية اكاديميا وتطبيقا وتتمحور جميعها حول الرياضة والرياضيين، والتوجه الايجابي حول الجمهور الذي لا ينفك عن تشجيعه للرياضة والرياضيين، ويوليهم اهتمامه وتشجيعه سواء كان في اوقات تدريبهم او قيامهم بإدارة وتفعيل المباريات الداخلية او الخارجية الرسمية منها وغير الرسمية.
هذا التشجيع يبلغ مداه اثناء اقامة المباريات بل يتعداه الى الالتفاف حول النجم الرياضي انى وجد فخرا واعتزازا وافتتانا به لدرجة ان الغلمان يعتبرونه مثلا وقدوة ونموذجا يتوجب الاقتداء به وتمثل نفس السلوك الاتصالي التفاعلي.. انه الانبهار به وبمن على شاكلته من الرياضيين الآخرين، ويتجلى هذا السلوك لدى الشباب فهم يعجبون بهذا الرياضي او ذاك، وتصل درجة الاعجاب لحد الاستغراق في كنيته وفي كلامه وفي مشيته وفي سلوكه وفي كافة افعاله ويبدو هذا واضحا اثناء اللقاء به سواء في الطريق او في المحلات العامة التي إذا تصادف وجوده بها وطلبه لما يريد لوجد العاملين بالمحل يقدمونه عن الموجودين جميعا فله السبق في تلبية مطلبه على التو وقد يقومون بتوصيله الى سيارته التي يتحلقها الشباب انى وجد حيث يلقى الترحيب والحفاوة الواجبة. كل هذا لشدة الاعجاب بهذا الرياضي او ذاك فهو محط الانظار وبؤرة الاهتمام وان كنا نرى ان الغلو في الامتداح يؤدي في بعض الاحيان الى تضخم الذات وفي احيان اخرى يقود الى النرجسية.
والرياضي شأنه في ذلك شأن الفنان المولع به وبامكاناته الفنية خاصة ارباب الطرب والموسيقى والغناء، فنتيجة للاعجاب الزائد به وارتفاع مستوى التعاطف معه او غير ذلك من المشاعر الوجدانية ذات الجاذبية الخاصة ان اغتر في نفسه، وحسبه من علٍ بمقارنته بابناء مهنته.
ويتأتى ذلك نتيجة التأثير الانفعالي المصاحب للاداء، وليس لقوة الحضور او الابداع او امتلاء حيز الاحاسيس، ولا نعني بهذا فناً معينا، ولكن نقصد سائر الفنون الابداعية الخلاقة.
واينما وجد الفنان خاصة اصحاب الطرب يلتف الجميع حوله وقد اعدوا له موكبا، وقاموا بتلبية مبتغاه دون اعتبار للآخرين الموجودين في نفس المكان، فله السبق - بطبعية الحال - والله المستعان.
والامر الجلل هو ان يقتدي الشباب به، ويرددون مغناه دون النظر الى الكفاءة والتمكن والمهارة، لكنه سلوك الاقتياد المفضي الى اللجوء لبعض العمليات الاجتماعية منها التوحد والتماهي والولع والاعجاب الشديد او الغلو في الاهتمام.
ان الفنان ذو اثر فاعل في السلوك الفردي والجماعي وازاء ذلك يكفينا القول ان ما يحظى به الرياضي والفنان من اعجاب واهتمام لا يحظى به الاديب «القاص والشاعر والكاتب والمؤلف - الخ » فهؤلاء يجتذبون اهتمام الآخرين منهم من يمتلك الخبرة في حالات التطهير الانفعالي والتربية، والسمو في الاحاسيس، ونضج المشاعر فالاديب في مكنته ان يقوم بعرض لا مرية فيه - لصراعاته وانشغالاته بطريقة وثيقة الصلة بما لدينا من صراعات وانشغالات فالاديب ببراعته يجذبنا كي نستغرق في اهتمامنا وفي مؤثرات حواسنا وانفعالاتنا وهي خبرة يمكن اكسابها من خلال التنبيه الحسي.
وهكذا يهيمن الاديب على تشوف استجاباتنا الانفعالية وغاياتنا السلوكية الخاصة باحساس اكثر وضوحا.
وينبغى اذن ان يلقى الاديب الاستحسان من جمهور المتعاملين معه والذين في قدرتهم ان يقدموا التعزيز المناسب. مع العلم ان الرياضي والفنان يلقى حفاوة واهتماما متزايدا عما يلقاه الاديب وذلك لعدم ادراك بأن انتاجه صورة للذات واحساس بالهوية، واستحسان جمهور الاديب بانتاجه وتقبله يبلغ به خبرة مضافة وتطويراً للاحساس القوي بالهوية، والذي يبحث عنه باعتباره اسلوبا من اساليب الحياة التي يرتضيها.
يفهم من هذا ان احترام وتقدير وتشجيع المبدع رياضيا كان او فنيا او ادبيا مهما كانت المواءمة مع الخصوصية يعتبر قيمة عامة ترتكز على التجاوب معها وآليته التفاعل مع معطياتها.
ان المبدع ايا كانت صفته فهو يؤدي دوراً اجتماعياً في مسيرة التقدم التنموي، وذلك عن طريق التوجه التفاعلي نحو تقوية الترابط مع فئات المجتمع وجماعاته.
وما من شك ان هذا الترابط يؤكد ذلك الدور الذي يقدم لمجتمعنا السعودي الذي الفناه بمجد الادب ويعلى من شأن الادباء ايمانا بأن الادب يشكل توجهات الرأي نحو تعزيز الدور الاجتماعي والتنموي.
وفي نهاية هذا المقال نشير الى ان التعامل مع المبدع يتطلب التلاحم الايجابي مع الدفع بامكانات الترابط القوي والمشاركة الواعية والحفز المستمر لمعدلات الاداء المتقن.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved