تستمد فرضيات النظرات الاجتماعية محتواها أياً كانت من المسلمات والعادات ذات الاعتراف المجتمعي المقبول فكرياً وعقلياً بحيث إن الصياغة المقننة لها تسير بتوازٍ مع ما يقره المجتمع في مختلف التشريعات المترابطة بين ذواتها وهو عائد على أفراده في النهاية وهذا أمر مدرج بالتسليم به وبما أن المجتمع يتعاطى مع مفردات الإديلوجية العقدية باحترام وتطبيق متزن لا يقبل التجزئة في أصوله المحتواه بسياج من القدسية ومن هنا فإن نسبة التعارض تكون ضئيلة جداً وفي أضيق الحدود ولن يتعدى تأثيرها المتوازي الذي تستقر فيه، وعوداً على بدء فإن النظرة الاجتماعية لأي أمر كان لن تقبل عندما تكون من وحي الإيحاء الصرف حتى ولو فرض جدلاً بأن أساس الفرضية التي يتغى بها المجتمع هي نتاج العقل البشري كتسمية غير مفتعلة تعريفياً لأن العادات والتقاليد ليست وليدة بيئة مجردة من الانسان كعامل اساس ومن هنا فإنه لا يمكن فصل الانسان عن عاداته وتقاليده ولازالت نظرة المجتمع للزواج تلف في تشكيل متواصل قد أنماطاً واختلافات كبيرة على مدار العصور والغاية من كل هذا هو بناء الأسر وتماسك المجتمع أخلاقياً واجتماعياً ولما كان الزواج كذلك فقد لفه الكثير من العادات والتقاليد وفي المجتمع السعودي يظل الزواج إحدى أهم المناسبات التي تعمل على رأب الصدع بين الأسر بتأليفها بين القلوب وصادق الأحاسيس والمشاعر الفياضة بين الجميع فيصبحون أسرة واحدة متوحدين في همهم وأفراحهم وأتراحهم وهذا مما لاغبار ولاغضاضة فيه بل فيه من الندب والاستحباب الشيء الكثير.
الطلاق الكلمة الأكثر إمجاجاً وزلزلة لحياة أي امرأة وهي الحل الذي لا يأتي في العادة بعده حل ولم يسبقه حل وهي نتاج التصادم بين الحقوق لكلا الطرفين كما انه أبغض ما ذكر في القرآن من الحلال، ولكن الشرع الحكيم أخبر وأدرى بما هي عليه أنفس الخلق وبغض النظر على أن المرأة تدفع ثمن الطلاق البائن من جملة نظرة الناس والمجتمع لها الشيء الكثير إلا أنها ليست الخاسرة دائماً على أي حال فليس كل من فرق بينها وبين زوج ظالم لا يخاف الله ولا يأبه لحقوق الزوجة فاشلة كما أن من فارق مثلاً امرأة متسلطة في طباعها لم يغبن خصوصاً إذا تضاءلت فرص التعديل إلى الأفضل.
بيت القصيد أن الطلاق قد يكون في حالات كثيرة رصاصة الرحمة لمعاناة في الحياة الزوجية لم يكن لها مبرر في ظل تشريع الشارع للطلاق لتخفيف حدة التصادمات الزوجية المحبطة أحياناً والمدمرة للأسر والبيوت كما أنه لا يعيب المرأة طلاقها والزوج انفصاله ولكن الأمر الذي يتطلب التوقف عنده مراعاة مشاعر النساء المنفصلات عن أزواجهن بعدم العبث بسمعتهن لمجرد الانفصال وتحجيم التهويل من الطلاق وكأنه قاضية ليس بعدها قائمة خصوصاً إذا كانت الزوجة قد انتقص من حقها وظلمت أو لم يكن جل الأسباب منها عطفاً على ما سوف ينتابها من حال ومصير أطفالها بعد الانفصال في حال من لها أولاد صغار، هذا كله لأن سلاح الطلاق قد يكون في يد من لايحسن تأمين طلقاته ولا تأمين هذه الكلمة التي قد تؤدي في لحظة إلى بيوت محطمة وأسر منهارة وأحداث منحرفين بلا توجيه ولا رعاية.
كما قد يظن السوء في من طلقت ويثار حولها الشكوك وهذه هي النظرة الأكثر تأثيراً في مشاعر أي امرأة خصوصاً لمن خرجت من زواج غير موفق بصدمات وظلم لم يشعر به أحد غيرها واطفالاً تجر معها مأساتهم في رواحها وغداتها ونظرات تنغرس في داخلها كالطعنات وشكوكاً لا تمل المهاترة والتلفيق.
لقد زاد معدل الطلاق وفي نفس الوقت يزداد معدل الزواج والأمر سجال فهذا الزواج يستمر بتوافق والآخر يتعثر ولكن لا يجب أن ينكل المجتمع بكل من طلقت أو انفصلت عن زوجها فقد يكون من الرحمة لها أن تنفصل بل قد يفتح لها باباً من التوفيق مع رجل آخر قد يكون هو في أمس الحاجة لمثل هذه المرأة.
إنه وبعقلانية متناهية ليس من العدل أخذ الأمور على ظواهرها دائماً حتى ولو كان الحكم للناس من خلال ظاهر الأمور ولا أدل على ذلك ما يشاهد ويحصل في بعض الأحايين بأن تنفصل امراة عن زوجها بسبب عدم التوفيق في الإنجاب أو بسبب عدم التوافق العاطفي ويحصل أن تتزوج هي من شخص آخر فيحصل لها التوفيق والحياة التي كانت تأنس لها.
إن المحافظة على شعور الآخرين من الذوق العام المستحب والمندوب فكيف بالمحافظة على شعور من هي في حالة قد لا تكون مهيئة للجدال وكيف بمن يعتمد التجريح والغمز في حقهن.
|