متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
تعتبر الرياض مدينة مهمة على المستويين الوطني والعالمي، فهي عاصمة المملكة العربية السعودية وبذلك تلعب دوراً كمركز للنشاط الاقتصادي في اقتصاديات إنتاج النفط لدول الخليج، والأهم من ذلك ان مدينة الرياض عاصمة للبلاد التي تعتبر بلد الإسلام، ومدينة لها هذا الدور في العالم ينبغي ان تكون ذات طابع تخطيطي يسمح لها بالتأثير والتميز، إلا أنه يلاحظ ان مواقع المؤسسات الوطنية متفرقة بشكل غير منظم على مساحة حضرية واسعة، كما ان المباني المهمة والمواقع الثقافية والتاريخية غير واضحة بشكل جيد باستثناء ما تم تطويره من مشاريع عمرانية في منطقة وسط المدينة والتي اعادت لمركز المدينة طابعه السياسي والإداري والتاريخي.
المدينة القديمة
سيبقى قلب مدينة الرياض المتمثل في منطقتي قصر الحكم وقصر المربع والمناطق القريبة منهما يحمل السمة التاريخية لتأسيس وتوحيد المملكة ويوجد به بقايا أول مستوطنة للرياض، كما ان المباني الطينية المتواضعة الموجودة بتلك المنطقة تعكس التقاليد والثقافة السعودية. وتعتبر وسيلة لتعريف الاجيال الحالية والقادمة بتراث بيئتها الانسانية، علماً بأن إعادة تطوير منطقة قصر الحكم، وقلعة المصمك وقصر المربع الواقع في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي يظهر على نحو رائع ما يمكن عمله في هذا الإطار.
الديوان الملكي
تشكل منطقة الديوان الملكي ومجلس الوزراء والمناطق المحيطة به الواقعة في غرب المدينة مركز السياسة بالمملكة العربية السعودية وهي بهذا تجعل الرياض العاصمة الوطنية. إن التصميم العمراني لهذه المنطقة مميزاً وذلك لفخامة مبانيه وبواباته.
حي السفارات
يقع الى الشمال من منطقة الديوان الملكي عنصر أساسي آخر من عناصر العاصمة الوطنية. وهو حي السفارات الذي يمثل الصلة الرسمية بين العاصمة السعودية والعالم. يمثل تصميم حي السفارات مثالاً رائعا للتصميم العمراني الذي يستند الى التقاليد السعودية ويجسد التطبيق الامثل للاستدامة البيئية ويمثل نموذجاً متميزاً لتطوير الاحياء السكنية بمدينة الرياض.
إن الأسس التي يجسدها تصميم حي السفارات وهي الشوارع الرئيسية المشجرة والحارات السكنية المميزة والملائمة مع طوبغرافية الارض ومظهرها الطبيعي والحدائق والمناطق الترفيهية وتنسيق المواقع على ضفاف وادي حنيفة، وإعادة تدوير المياه المعالجة لري الحدائق والمزروعات وانسجام تصميم المباني مع القواعد الارشادية وتعدد أنواع الوحدات السكنية، كلها أسس تستحق الدراسة بعناية للاستفادة منها في تصميم الاحياء السكنية الجديدة بأماكن أخرى بمدينة الرياض.
المتنزه العام
ستتوفر للمتنزه العام في منطقة المطار القديم الامكانية لان يكون احد معالم الرياض، ولقد تم إعداد مخطط تصميمي للمتنزه العام ولكن يلزم القيام بدراسات متأنية بخصوص تصميمه وتطويره ضمن إطار هذا المخطط الهيكلي لضمان ربطه في التصميم العمراني الشامل للمدينة.
بصرياً ورمزياً
يجري حالياً انشاء المباني التجارية التي يصل ارتفاعها الى ثلاثين دوراً بمنطقة العصب المركزي الواقع بين شارع العليا وطريق الملك فهد وذلك حسب ما تم اقراره من قبل الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
ويقترح المخطط الهيكلي ان يقتصر البناء على هذا الارتفاع في المنطقة الواقعة بين طريق مكة جنوباً وشارع العروبة شمالاً، ويتم التصريح بالبناء الى ارتفاع عشرة ادوار شمال شارع العروبة وحتى الطريق الدائري الشمالي «تغيير السياسات الحالية للمنطقة المحددة لبناء 30 دوراً».هذا وسيكون العصب المركزي معلماً بصرياً ورمزياً لمدينة الرياض ويعبر عن الدور المتنامي للقطاع الخاص، ويوفر نقطة تركيز قوية للأعمال التجارية بالمدينة.
مباني الوزارات
تتركز في الوقت الحاضر معظم مباني الوزارات على طريق الملك عبدالعزيز المؤدي الى المطار القديم وهي تتواجد في منطقة عامة تأخذ شكل المثلث الذي يحده شارع المعذر وشارع الناصرية وطريق الملك عبدالعزيز، إلا ان مكانها في هيكل المدينة أصبح غير واضح وأقل بروزاً عندما تنمو المدينة لأبعد مما كان متوقعاً في الاصل واذا تمت اعمال التطوير فإن من المحتمل ان تتعامل مباني هذه الوزارات مع النمو المتوقع بواحدة من ثلاث طرق مختلفة، إما تتوسع بمواقعها الحالية بغير انتظام وبشكل مكثف ومزدحم، او ستبحث تلك الوزارات عن مواقع جديدة حيثما تتوفر الارض المناسبة، او انها ستشغل مساحة في المباني المكتبية الجديدة بمنطقة العصب المركزي بوسط المدينة التجاري، وبالتالي يجب ان تأخذ هذه الخيارات في الحسابات الأهداف المتعلقة بتقوية صورة العاصمة الوطنية.
بوابات متميزة
يوصى بإقامة مداخل او بوابات متميزة للمدينة لتعلن عن بداية او نهاية الشكل الحضري للمدينة وذلك لتعزيز صورة عاصمة المملكة، وستكون تلك المداخل بمثابة انشاءات معمارية ومناظر طبيعية أساسية تعكس كل واحدة منها تاريخ المدينة وقيمها الإسلامية.
فسيحة ومشجرة
يجب أن تكون هنالك شوارع فسيحة ذات تشجير مكثف وإنارة وتجهيزات متكاملة لاثاث تلك الشوارع، بحيث تؤدي الى مركز المدينة وتربط المعالم المهمة بالمدينة ببعضها. وسيتم تحقيق الغرض من مثل تلك الشوارع من خلال معالجة الطابع البصري لها بشكل عالي الجودة ويتم تطبيقها بصورة متناسقة على امتداد الشارع بكامله وسيمتد هذا الى المباني الواقعة عليها، وقد تم تحديد هذه الشوارع في المخطط الهيكلي للمدينة.
المدن الجديدة
ستكون هنالك حاجة لإعداد المخططات الهيكلية وقواعد التصميم الارشادية للضاحيتين الجديدتين قبل الموافقة على التطوير الحضري لهما، وسوف تتيح هاتان الضاحيتان الفرصة لتغيير النمط الشبكي الذي تتبناه مخططات الاراضي الحالية وتتبنى انماطاً أكثر مرونة ومقبولة اجتماعياً ويتوقع ان تستوعب الضاحية الشرقية الجديدة حوالي ثلاثة ارباع مليون نسمة، وسيفصلها مكانياً عن المدينة الحد الطبيعي للضواحي الشرقية لمدينة الرياض المتمثل في امتداد جبل الجبيل.
كما تم في هذا المخطط ايضاح مركز موقع الضاحية والاستعمالات المؤسسية الرئيسة والمناطق السكنية العالية الكثافة والذي يتوقع ان يصل الى 40 وحدة لكل هكتار على الطرق المتجهة الى المنطقة الشرقية ذات الطاقة الاستيعابية العالية، والمناطق السكنية المنخفضة الكثافة التي تغطي المناطق المتبقية والتي سوف تستوعب حوالي ثلاثة أرباع سكان الضاحية بكثافة سكنية عامة تتراوح من 10 الى 20 وحدة لكل هكتار وتجمعات سكانية بمناطق تضم كل واحدة منها ما بين 50 الى 100 ألف نسمة، وستظهر كل منطقة من مناطق الضاحية الجديدة أسس تصميم حيث يوجد في كل منطقة مركز واحد مع توفر الخدمات اللازمة على المستوى المحلي للمنطقة. وترتبط كل منطقة بمركز الضاحية عن طريق شبكة من الطرق الشريانية المقترحة. وتراعي وتعكس تصاميم الأحياء المقومات الطبوغرافية والخصائص الطبيعية الموجودة وترتبط كل منطقة بالمناطق المخصصة للترفيه والتخييم على اطراف المدينة. وإذا أخذنا في الاعتبار حجم ودرجة الاكتفاء الذاتي لتلك الضواحي فسوف تكون المناطق ملائمة لبرنامج تطوير مرحلي يستجيب لقوى السوق المرتبطة بالعرض والطلب ويساهم فيه القطاع الخاص بشكل أساسي.
مساحات كبيرة
وهناك ملامح أخرى رئيسة للمخطط المبدئي للضاحية الجديدة وهو المساحات الكبيرة المحجوزة من الارض لإقامة مشروعات تجارية والتي تقدم الخدمات وفرص العمل للقوى العاملة وبالتالي سوف يكون لها بعد حضاري باعتبارها المنطقة الاقتصادية الرئيسة عند المدخل الشرقي للعاصمة.
ان توفر الامكانية العالية لربط الضاحية بمركز المدينة والمطار والضاحية الشمالية يمثل مطلبا اساسياً، وسيتم تحقيق ذلك بواسطة طريق سريع جديد يمر عبر مطار الملك خالد الدولي الى الضاحية الشمالية، بالاضافة الى ربطها بمركز المدينة بواسطة طريق الدمام السريع.
مدينة جميلة
لضمان تحقيق الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض «كمدينة جميلة» وتؤدي وظائفها بفعالية سيكون من المهم تطبيق مبادئ تصميم عمراني سليمة بالمنطقة الحضرية بكاملها لمدينة الرياض.يعنى الاطار العام للبناء بالمدينة بالنمط العام لارتفاعات المباني والمقياس الذي يعد مقبولاً في المرتبة مع مراعاة بيئتها وخاصيتها الثقافية والاجتماعية واحتياجاتها التنموية وصورة المدينة.
أبرز العناصر
عند النظر الى منطقة وسط المدينة تبدو انها من أبرز العناصر بالمنطقة الحضرية، حيث تضم منطقة وسط المدينة مباني تجارية يصل ارتفاعها الى عشرة ادوار، بالاضافة الى بعض المباني السكنية التي يتراوح ارتفاعها من حوالي خمسة الى سبعة ادوار، وهناك بعض المباني التي تشكل معالم المدينة في أماكن متفرقة في تلك المنطقة مثل برج المياه وبرج التلفزيون والأبراج السكنية الواقعة على شارع الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله والتي تبرز بشكل واضح في النمط العام السائد لمباني المدينة نظراً لارتفاعها الشاهق.
وتشكل المباني التي جرى انشاؤها في منطقة العصب المركزي «الفيصلية والمملكة» معالم بارزة مهمة في مدينة الرياض، حيث تسمح الأنظمة المعدلة لتلك المنطقة والتي أقرتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بانشاء مبانٍ يصل ارتفاعها الى ثلاثين دوراً.
كما تمثل المساجد الواقعة غالباً في مراكز الحارات والاحياء السكنية وعلى تقاطعات الطرق معالم دينية يجيء الحرص على ابرازها بشكل واضح واخذ ذلك في الاعتبار عند التخطيط، لان المساجد تمثل عنصراً أساسياً يرتبط به السكان بشكل يومي لاداء الصلاة، كما يساهم المسجد في تقوية العلاقات الاجتماعية بين ا لسكان.
ومن الملامح البارزة للمدينة تلك المباني المرتفعة على طول أعصاب الانشطة والمراكز الحضرية، وستكون الملامح الرئيسية للإطار العام للبناء بالمدينة، العصب المركزي «من طريق مكة الي طريق العروبة حتى ثلاثين دوراً، المراكز الحضرية والعصب المركزي شمال طريق العروبة حتى عشرة أدوار، أعصاب الأنشطة الأخرى من اربعة الى ستة أدوار، المناطق المحاذية لأعصاب الأنشطة - منطقة التطوير الحضاري 1 حتى ثلاثة ادوار، مناطق التطوير الحضاري 2 و3 «وهي تعادل 80% من المناطق السكنية» دورين بوجه عام.
على انه يجب الا ينظر الى هذه القواعد الارشادية للارتفاعات كقواعد يلزم اتباعها وتنفيذها، حيث يجب ان تحظى الطلبات والمقترحات في تلك المناطق الى دراسة مفصلة وذلك ضمن اطار المخططات الهيكلية على مستوى المناطق في المدينة.
بيئة المشاة
تطورت مدينة الرياض بطريقة اغفلت فيها بيئة المشاة في الطرق والاماكن العامة وداخل الاحياء السكنية، ولعل من أهم الاسباب لذلك ان الطريقة التي يتم بها انشاء المباني التجارية بارتداد ستة امتار تخصص لوقوف السيارات مع عدم وجود الارصفة في معظم الحالات مما يجعل حركة المشاة على طول الشارع خطرة للغاية وتخلق اوضاعاً مرورية غير آمنة. إن من المبادئ الأساسية للمخطط الهيكلي للمدينة ان توفر كافة الاماكن العامة بالمدينة بيئة للمشاة تكون سليمة بدرجة عالية وهذا يتطلب عناية فائقة في تخطيط وتصميم الطرق مع تحقيق التوازن السليم بين احتياجات كافة مستخدمي تلك الطرق.
حدود واضحة
يضع المخطط الهيكلي للمدينة حدوداً واضحة لنمو المدينة خلال الفترة حتى عام 1442هـ، ويجب ان يكون التطوير الحضري خارج تلك الحدود محصوراً بأعمال التطوير التي تسمح بها السياسات التي يتضمنها المخطط، كما يجب ان يكون هناك تميز واضح من الناحيتين البصرية والوظيفية بين المنطقة الحضرية والمناطق الطبيعية والزراعية والترفيهية المحاذية للمدينة. يشكل الطرف المبني للمدينة الحد الذي يلتقي فيه حدود التطوير العمراني للمدينة مع حدود الاستعمالات غير الحضرية الواقعة داخل حدود حماية التنمية، ولهذا يجب اعطاء عناية خاصة لمعالجة حواف الوديان بحيث يخصص ارتداد مئة متر على الأقل من حافة الوادي مما سيؤدي الى تقليل تأثير المباني علي القيم الطبيعية للوادي ويعطي فرصة للسكان في استخدامه كمناطق مفتوحة.
| 
