Tuesday 9th december,2003 11394العدد الثلاثاء 15 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الثوابت والمتغيرات في مواجهة التفجيرات «2/2» الثوابت والمتغيرات في مواجهة التفجيرات «2/2»
د. حسن بن فهد الهويمل

وإذا اتفقنا على ما سبق من ثوابت ومتغيرات ومفاهيم، ونحن ملزمون بالاتفاق أو بالتعاذر أو بالتعايش على الأقل، لأن ترك الأشياء معلقة تعويق لمسيرة الحياة، إذا اتفقنا لزم أن نفرق بين «الاختلاف المعتبر» و«التنازع المحظور». كما يجب أن نفرق بين «المعارضة» المشروعة و«التمرد على السلطة»، وأن نفرق بين «مراجعة العالم» الشرعي و«الطعن في كفاءته وأمانته ونزاهته». وفي الوقت نفسه يجب أن نفرق بين «السكوت» عن الحق و«المجادلة» عمن يختانون أنفسهم. ولن يستقيم لنا شأن حتى نسمي الأشياء بأسمائها، ثم نتفق على وسيلة مقبولة لتداول القضايا الخلافية، ونهيئ قنوات مأمونة للتواصل بين ذوي الرأي والسلطتين:
السياسية والدينية وإذا نسلم بمساءلة الذات، فإننا مضطرون لحوار الآخر، للإسماع والاستماع عن مراد كل طرف، أو لتصحيح المفاهيم المتبادلة. ولا يتم ذلك على وجهه إلا بالتحرير الدقيق للمسائل المختلف حولها، وتحديد الموقف منها، ومعرفة الثوابت التي لا مجال للبحث فيها، والمتغيرات التي يمكن النظر فيها. ولا بد أن نعرف من نكون. فمن جادل وهو يجهل ذاته أرداه خصمه. وما من دابة عاقلة إلا ولها انتماؤها، وكل انتماء لا يتحقق إلا بالإصرار والاعتزاز والتمثل. وبهذه الضوابط يتحقق التحرف الحصيف لمواجهة متكافئة: مادياً ومعنوياً وبشرياً ومعرفياً. فإذا قيل لنا: بأن «الإرهاب» منتج إسلامي، بحجة صدوره من أفراد ينتمون إلى الإسلام، وإذا زيد في النيل، وقيل: إنه منتج إسلامي محلي، لأن من أطرافه من ينتمون إلى هذه البلاد، لزمنا التفريق بين المبدأ والتطبيق، وبين الطرف الموالي والمعارض والمنشق على السلطة. فنحن وأبناء الإسلام، كما أراده الله، وكما تركنا عليه رسوله، ونحن حماته وحملته إلى العالمين، لا نسوغ لأنفسنا قتل «هرة» فضلاً عن قتل إنسان معصوم، وفي ديننا: «أن امرأة دخلت النار بهرة حبستها فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» وفيه المنع من اتخاذ الحيوان غرضاً للرماية، وفيه «كل نفس رطبة فيها أجر»، وفيه «ان امرأة مومساً سقت كلباً فدخلت الجنة»، وفيه التحذير من إشهار السلاح، وفيه الحث على الحلم والأناة والرفق والسكينة والتيسير. وحتى في الحرب نهينا عن قتل المرأة والطفل والشيخ الكبير والأجير والمستجير. فكيف نساير الأعداء في تداول الإسلام بوصفه مصدر التفجير والتدمير؟ ثم نقبل إحالته على البلاد وأهلها. وكيف يكون منا أو من ديننا ما يخل بالأمن القائم، أو يسعى لإحداث فتنة أو فراغ دستوري، وهو الذي يحذر من الخروج على الشرعية، لأنه طريق الفتنة، كما أنه لا يقبل قتل المعصومين بالدين أو بالذمة لأنه عدوان، والسلطة الشرعية عنده شرط الحياة السوية، و«من مات وليس في رقبته بيعة مات ميتة جاهلية». وإذا تزيّا أحد من القتلة بزي الدين، وابتسر الآيات والأحاديث والفتاوى من سياقاتها، ومارس المزايدة على الدين ، فإنما ذلك من باب الكذب والافتراء والتضليل. ولقد علمنا ما كان يفعله المناديب والجواسيس والمبشرون والمستشرقون من تودد وتلطف وإسلام مزور. ومن الحصافة ألا ننخدع بالدعاوى الكاذبة، وألا نساير الغلو الديني والعلماني والحزبي، وألا يستدرجنا الخطاب الغربي من حيث لا نعلم، فهؤلاء وأولئك يخلطون بين الإرهاب والمقاومة والجهاد، ويجعلون الإسلام مصدر العنف والإرهاب. ومسؤوليتنا التصدي لمفتري الكذب على الإسلام وأهله، وتصحيح المفاهيم عن الدين أولاً وعن الذات ثانياً. وإشكالية العالم الإسلامي أنه خافت الصوت، لا يُسمع اعتراضه، ولا يبلغ رسالته، وفوق ذلك فهو مشتت الانتماء: - طائفياً وحزبياً وسياسياً، والقوة الإعلامية لا تقل عن القوة العسكرية، والحرب النفسية ليست بأقل شأنا من الحرب الميدانية، ولا قوة مع التفرق.وفي ظل السعار الإعلامي يجب أن يكون خطابنا قائماً على ركيزتين:
- تحديد عربي إسلامي لمفهوم الإرهاب والمقاومة والجهاد.
- عدم تداول الإسلام بوصفه طرفاً في قضايا الإرهاب، ولو قال الإرهابيون بأنهم إسلاميون، فالذين يمارسون الإرهاب الحقيقي الذي نراه رأي العين في بلادنا ليسوا إسلاميين، وليست قضيتهم قضية إسلامية، وليست مطالبهم مطالب وطنية. فالحق والباطل واضحان، والأمور المشتبهة لا يجليها إلا ذوو العلم والحجى والتجربة وفقه الواقع، والعامة مطالبة بسؤال أهل الذكر. وإذ نكون مضطرين لمجادلة المتقول علينا أو على ديننا فلا بد أن يكون خطابنا مسالماً لا عداونية فيه، صحيحاً لا مغالطة فيه، ناجزاً لا مماطلة فيه، متحدا لا تفرق فيه، عازما لا تردد فيه. فكم من إنسان أو أمة سقطت حين نطقت. ولأن لكل حدث حديثاً فإن المقدمين على تفجير أنفسهم وقتل من لا يعرفون ومن لا يقصدون بأسمائهم وبأعيانهم ما هم من الإسلام في شيء، والنص قطعي في تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والانتحار، وما أولئك إلا عصابة يستخدمها أعداء الدين والحرية والحقوق الإنسانية واستقرار الشعوب، ليهدموا المعنويات والمثمنات. وإذا كان المستخفون لهم بالفتيا أو بالتأييد يدعون أنهم مجاهدون في سبيل الله، وأنهم يواجهون الكفر، وجب أن يسبق ذلك مسوغات الجهاد الإسلامي، ومنها: - الخلافة الإسلامية. ودخول الكافة في الإسلام: قولاً وعملاً وحاكمية. ومباشرة الدعوة. ومتى استنفدت الأمة: القوية المسلمة المتحدة في كل أقطار العالم كل الوسائل السلمية الممكنة، وجب إعداد القوة الرادعة، واستلهام آية: {الآنّ خّفَّفّ اللهٍ عّنكٍمً وّعّلٌمّ أّنَّ فٌيكٍمً ضّعًفْا }، والاستغناء التام عن العدو المحارب، ليس فقط بالمقاطعة، ولكن بالمنافسة والمماثلة والاكتفاء الذاتي، والاستغناء عن دعمه، وعما عنده من عدة السلم وعتاد الحرب، مع تكافؤ الامكانيات، وبعد ذلك كله النظر في مصالح المسلمين كافة: هل هي بالصلح والدفع بالتي هي أحسن أم هي بإعلان الجهاد؟ وهل هي في نبذ العهود أو باتمامها إلى أجلها؟ وحينئذ لا بد من النبذ إليهم على سواء. فالقتل ليس هدفاً بذاته، والجهاد ماض إلى يوم القيامة، وهو ذروة سنام الإسلام، ولا جدال حول مشروعيته، وهو من ثوابت الدين، وشتان بين الجهاد الإسلامي وما يقترفه الغادرون. لقد أقره النص القطعي، ولم يختلف العلماء حول مشروعيته، وإنما اختلفوا حول أمور تتعلق بالخيارات المتاحة، كالاستئناف أو الإرجاء، وحول من يعلنه، ومتى يعلنه. والأجدى أن نقف حيث انتهى علماؤنا من ثوابته، ونمضي في الاجتهاد حول متغيراته وظروف المرحلة، مستصحبين خطورة إعلان الحرب المرتبط بالترسانة النووية، غير أن الدفاع مطلوب مهما كانت الظروف، ولأن للأمة خيارين: - الدعوة أو الجهاد. ولأن الدعوة ممكنة، وبخاصة في ظل الانفجار المعرفي، وثورة الاتصالات، فإن على الأمة أن تتحرف لها عبر كل قنوات الاتصال. ويظل «الجهاد» الذي يحيل عليه خوارج العصر، ويعولون عليه كالصلاة والزكاة والحج والصوم، له شروطه، وموجباته، وموانعه، وخياراته، وأهليته، فليس كتاباً موقوتاً كالصلاة، وليس من حق أحد أن يعلنه بدعوى غياب الخلافة، ولا بدعوى أنه ضد دولة كافرة، فالكافر يكون حربياً، ويكون مستجيراً، ويكون معاهداً، ويكون مستأمناً، ويكون ذمياً، ويكون قوياً متسلطاً، لا يدفع بالمواجهة، ولكن بالمصالحة أو بالاتقاء، ولكل طائفة أو طرف أسلوب التعامل معه، وبلاد الكفر فيها أقليات مسلمة، تمارس شعائرها، والدول الإسلامية المعنية بالدعوة ورعاية مصالح المسلمين أتيح لها ممارسة الدعوة والدعم، كما أتاحت تلك الدول للدعوة والدعاة ما لم تتجه بعض الدول المنتمية للإسلام، والعالم في الظروف العادية يحتكم إلى مؤسسات عالمية، يشرعن من خلالها ما يريد. ومع كل التحفظات فليس لأحد أن يعطل شعيرة الجهاد، ولا أن ينال منه، ولا أن يعلنه في ظل ظروف غير مواتية، ولا أن يتوانى في إعداد القوة. وكيف نتوانى ونخلط بين «اللاعنف» و«الضعف» والغرب وركائزه في أرض المسلمين يتسابقون في التسلح، ويستأثرون بحق إنتاج السلاح النووي، وكأنهم يريدون الاستسلام باسم السلام، وما من دولة تمارس سباق التسلح إلا وهي على موعد مع الحرب. وعند معالجة ظواهر الإرهاب والعنف والمقاومة والجهاد، فإنه لا يجوز ابتسار النصوص، ولا استلال فتاوى العلماء خارج سياقها، فالذين يستحضرون «ابن تيمية» أو «ابن عبدالوهاب» أو غيرهما، ثم لا يستحضرون معهم سياقاتهم وظروفهم يفترون عليهم الكذب.
وإذا كنا نرفض الإرهاب، فإننا لا نرفض المقاومة، وإذا كنا نرفض الاعتداء والغدر ونكث العهود، فإننا لا نرضى بأن يكون الإسلام طرفاً مداناً منزوع السلاح، وإذا كنا نسعى للوفاق، ونجنح للسلام فإننا لا نرضى أن يكون ذلك من طرف واحد. ثم إن كل حدث يؤخذ بسياقه، فإذا وقع التفجير في «إسرائيل» أو في «العراق» أو في «أفغانستان» قلنا بأن المواقع ساحات حرب، تتسع لمشروعية المقاومة، فهم بين «طغاة» أو «غزاة»، وكل أهل بلد أدرى بمصالحهم، وأحق في تقدير ظروفهم، واختيار الطريقة التي يواجهون بها المحتل، فلسنا عليهم بوكلاء، ولكن من يصنع القنابل في «مكة» ويحولها إلى ترسانة أسلحة، مستغلاً غفلة المؤمنين، لا يكون مجاهداً ولا مقاوماً، ولا يحق لأحد أن يعالج الموضوع على أن الفاعل مسلم متطرف. التطرف الإسلامي غير الإرهاب الدموي، قد يكون التطرف حدة في الأقوال أو شدة في المواقف، أو غلطة في الأفعال بحيث يأخذ البعض بالخيار الأصعب في مواجهة الخصم. والصحابة رضوان الله عليهم اختلفت مواقفهم في مواجهة الأحداث، بين متشدد ومتسامح، نجد ذلك في قضية «الأسرى» في «بدر» وفي قضية «الردة» زمن أبي بكر، وفي الخلاف الذي بدر بين الصحابة، وذهب ضحيته «عثمان» و«علي» رضي الله عنهما، وفي الأحداث التي حصلت في حياة الرسول، فكان من الصحابة من يبادر في الاستئذان لقتل المخالف، فيما لا يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما يفعله السفاحون في البلاد الآمنة المطمئنة المسلمة لا يعد تطرفاً إسلامياً، فضلاً على أن يكون جهاداً، إنه العنف والإرهاب الذي لا يمت إلى الإسلام بصلة. قد يكون اللاعبون الكبار مارسوا غسيل الأدمغة، وقد فعلوها من قبل، ولما تزل ذيولها قائمة، ومن ثم أوحوا إلى المنتحرين بما يوهمهم بأن عملهم هذا جهاد، كيف لا؟، وقد كان الجهاد قضية «أمريكا» يوم أن حارب المسلمون بالإنابة عن العالم كله لإسقاط القطب المعادل. والمتصدون للإرهاب من المسلمين يجب ألا يسلموا لغيرهم بكل المفاهيم، بحيث يواجهون معهم الإسلام والمسلمين بوصفهم مصدر الإرهاب، وألا يتصوروا أن الصحوة الإسلامية والدعوة إلى الله والفرار إليه تؤدي في النهاية إلى التطرف. وكم نجد من يتحفظ على المناهج، والأسلمة، والإصلاح، والدعوة، وإظهار الدين، وتحكيم الشرع، والتضامن الإسلامي، ودعم الجمعيات الخيرية، ظنا منهم أن ذلك كله يغذي الإرهاب. وتداول الإسلام والتجمعات الإسلامية كطرف في اللعب الخطيرة جناية على الإسلام والمسلمين، وإن صدرت من بعض الكتاب المنتمين إلى الإسلام بالهوية.
إن على قادة السياسة والفكر في العالم الإسلامي أن يمضوا في سبيل الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعم الأقليات الإسلامية لممارسة شعائرها بحرية، وإنشاء الجمعيات الخيرية، والروابط الإسلامية، والسعي الدؤوب لأسلمة المناهج، وتحكيم الشريعة، وإقامة شعائر الدين في كافة الأقطار الإسلامية، وعدم الالتفات إلى الدعاوى الكاذبة والدسائس المغرضة من العلمانيين المتطرفين، والصليبيين الحاقدين، والصهاينة الماكرين، والعمل على قمع التطرف في شقيه: - العلماني والإسلامي، وتحامي الصدام مع أي طرف ما أمكن ذلك، والتأكيد على الوسطية، واحترام مشاعر العامة المتدينة، فالإسلام دين الرأفة والرحمة والعدل والإنصاف والحرية. ومن أراد أن يعالج ظاهرة الإرهاب، فعليه أن يعرف ثوابت الدين، لكيلا يعرض نفسه لخطيئة تمس مشاعر المسلمين، وعلى الكافة أن يستدعوا كل محتل ومغتصب بوصفه رأس الإرهاب، وأن يقللوا من الربط بين الإسلام والإرهاب، لكيلا يتعرضوا للردة في القول عن ثوابت الإسلام بغير علم. فالغرب الذي يضخ لنا مبادئه ومفاهيمه وعلمانيته وعولمته بقوة السلاح يهمه أن يصيد عصفورين بحجر: نزع الأمن والإيمان معاً من بلاد المسلمين وقلوبهم. ومسايرة الخطاب الغربي ينقض الإسلام عروة عروة، ويحول دون التمييز بين الثوابت والمتغيرات. فالإسلام دين حضاري، والجهاد ذروة سنام الدين، والإرهاب لا جنس له ولا دين، وهو مرفوض في كل الشرائع، والجهاد غير الإرهاب، و«آية» إرهاب العدو كقوة الردع. وأخشى ما أخشاه في ظل هذه الفتن، أن نعطي الدنية في ديننا، وأن يخفت صوت المحقين، ويعلو صوت المبطلين، لقد جنحنا إلى السلم، وبقي الآخر متمترساً خلف ترسانته. والتنازلات من طرف واحد مكمن الكارثة، فالمسلم في ظل الإسلام لا يكون عزيزاً إلا بإعداد القوة اختراعاً وإنتاجاً وعلماً واقتصاداً وصناعة، وهو في ظل الهيمنة الغربية تابع ممتهن، يرزقه العدو ويسلحه بثمن باهظ والعالم الغربي بامكانه تحقيق التعايش السلمي متى كف أذاه، وأعطى للحضارات الأخرى حقها في الوجود، وبقدر تعديه تتسع هوّة الخلاف، وتستشري المقاومة، وحين لا يقدر المضطهد على التعبير عن رأيه والحصول على حقه بالطرق السلمية أو بالحرب المعلنة يلتمس ذلك من أي طريق، ولو أن يتحالف مع الشيطان، فالسياسات الرعناء تهيئ الاحتقان والتوتر، كما أن التطرف العلماني يسهم في إيغار الصدور، وشد الأعصاب، ومصلحتنا لن تتحقق حين نغمض في الحلول، أو حين تملى علينا، أو حين لا نبتدر خطابنا، وما أحوجنا إلى وعي ظرفنا الخطير، وصياغة خطاب سديد لينقذنا من التضليل، فليس كل طلقة إرهاباً، وليس كل طلقة من عند العالم الإسلامي، وليست الحضارة الغربية العادلة هي المنقذة. والعمليات التي تنفذ في أنحاء العالم منها ما يحال إلى المقاومة المشروعة، ومنها ما يعد إرهاباً، لا تبرره ديانات ولا حضارات. وليس من الحصافة إطلاق الأحكام على عواهنها، ولا تعميم المواقف، ففي «فلسطين» وفي «العراق» وفي «أفغانستان» وفي كل بؤر التوتر تمارس المقاومة والإرهاب معاً، وتختلط اللعب الكونية بالعمل المشروع، ويحال ذلك كله إلى المقاومة المشروعة، أو إلى الإرهاب المحظور، وعلى القائلين والمتقولين ألا تستزلهم الفتن، وكم من عملية إجرامية هزت الضمير العالمي اختلفت الآراء حولها، بحيث لم يتفق على حظرها أو مشروعيتها أو مصدرها اثنان.
وأمام الفتن العمياء يجب التثبت، فمن أطلق كلمة كمن أطلق رصاصة، وكم من كلمة أثارت فتنة، وكم من رصاصة أزهقت الأمن والاستقرار، وجرّت الويل والثبور، ومع ذلك فالفتنة أشد من القتل، وما الفتنة إلا في اختلاف الأمة في قراءة الأحداث، وذلك ما يكيد به الأعداء المتربصون، وإذا سلمنا بمحاربة الإرهاب، ونحن مسلمون لا شك، فهل يسلّم غيرنا بأن يمارس في «فلسطين» من الصهاينة ذروة الإرهاب؟ وإذا سلمنا بأن المتطرفين الإسلاميين إرهابيون، فهل يسلّم غيرنا بأن قتل الشعب الآمن في عقر داره إرهاب؟ إن علينا ألا نعطي الموافقة والتسليم من جانب واحد، ونقتل معنوياتنا، وندمر امكانياتنا، فيما يمارس غيرنا رفع معنوياته وبناء امكانياته، إن تهافتنا على تداول ما يطلقه الغرب وما يطلبه، وأخذه بقوة، مؤشر ضعف وتبعية، فهل ننصف ديننا وأمتنا وقادتنا وعلماءنا؟

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved