Monday 8th december,2003 11393العدد الأثنين 14 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعض المسلسلات شطحت كثيراً عن الواقع بعض المسلسلات شطحت كثيراً عن الواقع

قرأت ما كتبه الأستاذ عبدالله بن بخيت في عدد الجزيرة 11370 من يوم السبت 20/9/4241هـ، وكان بعنوان المبالغة في المسلسلات، وكذلك قرأت ما كتبه الأخ علي العبدالله في صفحة فن، وكان بعنوان قراءة للأعمال الفنية الرمضانية يوم الأحد 22/9/1424هـ.. فانتهزت هذه الفرصة لأدلي بدلوي ووجهة نظري الخاصة في هذه المسلسلات، وسأتحدث عنها بصفة عامة دون تحديد مسلسل عن آخر.. وبصراحة فإن الكثير من الأفكار والأهداف والمعالجات تشترك فيها هذه المسلسلات وتكون هي الصفة الغالبة والقاسم المشترك لمعظم السيناريوهات وأنا هنا أتحدث عن المسلسلات الخليجية التي تتحدث عن بيئتنا وجزء من عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا وأعرافنا الاجتماعية، ولكن أيضاً وبصراحة مطلقة معظم هذه المسلسلات جانبت الصواب وخرجت عن المألوف وأصبحت تمارس شيئاً فاضحاً من الحرية غيرالمقيدة وأصبحت تجاز بكل سهولة بعد أن كانت مثل هذه المشاهد والصور تمنع منعاً باتاً من العرض سواء في رمضان أو غيره.. كانت المسلسلات قديماً تناقش الطمع والبخل والغدر والشجاعة والكرم والغيرة والحمية والبطولة والإباء وكانت تناقش بعض قضايا المرأة والرجل وحتى المجتمع بكل أدب وحياء جم حتى تصل بك إلى الهدف المنشود في أرقى صوره وأشكاله دون تجريح للذوق العام أو المساس بمشاعر وكرامة الإنسان المشاهد، أما الآن وكما أسلفت فإن الكثير من المشاهد في هذه المسلسلات أصبحت قريبة للاسفاف إن لم تكن هي الإسفاف بعينه أصبحت قريبة من جرح الكرامة وهدم الحياء.. أصبح يندى لها الجبين، جبين المشاهد أمام نفسه وأبنائه وزوجته وهو يشاهد هذه الصور الفاضحة من غزل وحب وهيام وغرام فاضح، وخروج عن المألوف.. فهذه تكلم صديقها في التليفون ونناجيه الغرام وتبادله الكلمات المعسولة ومفردات الغنج التي ربما يخجل الشخص أن يقولها لزوجته.. أصبحت المظاهر الطبيعية جداً أن تركب الفتاة مع فتى الأحلام المنتظر في مقدمة السيارة ليطوفا أرجاء المدينة ذاهبين إلى احدى الاستراحات أو الشاليهات أو ربما أحد البيوت المهجورة يتبادلان حديث الشجون والغزل والولع حيث لا حسيب ولا رقيب على مرأى ومسمع من ملايين المشاهدين وخصوصاً الفتيات والشباب، وهذا ما حدث بالفعل أعزائي الكرام في أكثر من مسلسل..
فأصبحت هذه المناظر وأمثالها مألوفة لدينا بكل أسف.. الانترنت في أحد المسلسلات تقرب الحبيب لحبيبه بالصوت والصورة، وهما يذوبان في بعضهما شوقاً وحباً وهياماً.. للأسف حتى مشاهد الحمل غير الشرعي ظهرت في أحد هذه المسلسلات، وبصورة فاضحة جداً ولقطات يتفصد لها الجبين عرقاً، وعندما سألتني إحدى بناتي الصغار كيف لهذه الفتاة أن تحمل وهي لم تتزوج بعد؟ وكيف حدث ذلك؟ طبعاً لا إجابة فأنا قد وقعت بين أمرين أحلاهما علقم، إذا أجبت فمصيبة، وإذا لم أجب فكارثة.. فهل أجبتم عني إن استطعتم؟
أصبحت الفتاة في هذه المسلسلات سلعة رخيصة جداً تلهث وتركض وراء الزواج وبأية طريقة سواء أكانت مشروعة أم غير ذلك، وكأنها ستحرم نعيم الدنيا والآخرة إذا هي لم تتزوج.. للأسف سقطت هذه المسلسلات سقطاً ذريعاً في مستنقع الوحل والرذيلة.. عجوز متصابية تبحث عن الزواج آخر عمرها وتحمل الجوال، وبعد سن الستين تغازل فارس الأحلام القادم.. يا سادة الزواج ليس عيباً أو حراماً والحب ليس وصمة عار ولكن بهذه الطريقة الفاضحة، وأمام الملأ، وبهذا الإسفاف لا وألف لا.. قلنا قبل ذلك ناقشوا ما تريدون، ولكن بأسلوب يرتقي بذوق المشاهد ويحفظ له كرامته وماء وجهه أمام أسرته وزوجته وأطفاله.. سأختصر لكم أعزائي مضمون معظم المسلسلات المعروضة في الفترة الأخيرة.. غزل ممجوج وتليفون وحب فاضح ملقى على قارعة الطريق.. كلمات في الشوق والولع والوله يندى لها الجبين، مقابلات غير مشروعة في المقاهي والمطاعم والكازنوهات، غرام وحمل سفاح وتصابي ومراهقة متأخرة، وطلاق وخيانة وعلاقات متعددة، ضرب واهانات وتجريح. إنسان فاقد سكران ثمل من أول المسلسل، وحتى آخره، وآخر يربط علاقات أمام الجميع غير شرعية ومتعددة مع فتيات في سن أحفاده.. والطامة الكبرى في أحد مشاهد أحد المسلسلات رجل يتهم ابنته ذات العشر سنين بأن لها علاقة غير شرعية بأحدهم تصوروا؟! ياللعار!!
كل هذا وغيره حدث في هذه المسلسلات لماذا؟ هل لتجارة المسلسلات دور في ذلك؟ وهل يمكن للمادة أن تؤثر كل هذا التأثير على حياة البشر؟ بحيث تسلبهم عقولهم وكراماتهم وحيائهم وتخرجهم تماماً من جلد عاداتهم وتقاليدهم ومبادئهم الاجتماعية الحميدة.. أنا لا أقول: إن هذه الأشياء غير موجودة لدينا، وفي مجتمعاتنا بل ربما موجود ما هو أسوأ من ذلك، ولكن هل تعالج مثل هذه الأمور بمثل هذه الطرق في الطرقات والأزقة والشوارع وعلى الأرصفة؟ فالحياء يا سادتي شعبة من شعب الإيمان، وإذا ذهب الحياء فقل على الدنيا السلام.. رجاء أخير ونداء من القلب رفقاً ببناتنا وشبابنا أرجوكم فما نحن فيه من مشاكل وضغوط نفسية يكفي للانشغال به إلى أن تقوم الساعة، ولا ينقصنا شيء سوى أن تبتعدوا عن التلاعب بعواطفنا وامتهان كراماتنا والدوس على حيائنا إلى هذه الدرجة.. حسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان ورحمتك يا رب..

عبدالرحمن عقيل حمود المساوي
اخصائي اجتماعي
الرياض 11768 ص. ب 155546

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved