سألني قلمي ذات مرة ألا تنوي استكمال ما بدأته حول حديثك عن الارهاب ومفجريه خفافيش الظلام؟ فأجبته قائلاً: بلى أنوي ذلك ولقد وعدت القراء بأن اكشف لهم عن عش هؤلاء الخفافيش وهو كنه لا يخفى على قرائي الأفاضل ولكنها رؤى اجتماعية لحال المجتمع ومؤثرات موجوداته على عقول البشر.. والحقيقة اننا على هذه البسيطة نعيش عصر التطور والتقدم التكنولوجي حتى أضحت الاختراعات.. نعم من نعم الخالق جل تبارك والتي تحتم علينا شكره عليها إلا ان هناك من البشر من يسيء استخدام هذه النعم.. ويحولها إلى نقم. فكم من مخترع اخترع المشاكل بحجم يفوق روعة اختراعه وبدائيته.. حتى أخذ كل مسكين يجر أذيال المآسي والنكبات على أديم أرضه الطاهرة إما عن قصد أو عن جهل بأهداف أعداء الإسلام الذين نخروا في أمننا ثغرات ما وجدت الا خدينة ضعف الوازع الديني عند بعض البشر.. حتى أخذ الشخص يفتش عن أسباب الترف الفاضح. الأمر الذي أودعنا في قلق مطرد في حياة يرى فيها بعض أبنائنا الا تحل الرتابة القاتلة ضمن جدول سير حياتهم حتى واكبهم الطموح الغادر نحو البحث والتقصي عن كل جديد وأخذوا يواكبون التطور ويطلبونها في منازلهم. ولا تسألونا عن الظروف السيئة التي خدمتهم والقت في النهاية بالوبال والعواقب الوخيمة عليهم.. بالطبع هم تلقفوا أهم وسائل الاتصال الحديثة والتي الغت الحواجز وتجاوزت معظم وسائل الرقابة بين البشر هو ذاك «الإنترنت» وقبله القنوات الفضائية ولكني أجدني اتنصل عن الحديث عن خطر القنوات الفضائية لما هو معلوم وواضح من خطرها في ظل هجمة شرسة ترمقها عيناي وتعد أشد خطرا على مجتمعنا المسلم وعلى وطننا العامر من القنوات الفضائية.. وان كان كلاهما يصبان في بوتقة واحدة غير اني أرى ان هاتين القناتين تعدان من أشد المؤثرات على أفراد مجتمعنا من شباب وفتيان وفتيات.. وهما ما كنت اعنيه من ان الارهاب عشعش فيه!!؟؟ وخفافيش الظلام سكنت فيه!! نعم.. هم خفافيش الظلام عندما أساءوا استخدام الإنترنت.. واخذوا يخططون للفساد وبلا رقيب أو حسيب سوى رقابة الواحد القهار.. وأخذوا يدورون في دائرة الذل والهوان عليهم دائرة السوء؟؟!!
** فوالله ما من أحد يجهل خطر الإنترنت وأضراره على الفرد والمجتمع المسلم ولا أبالغ إذا قلت لكم ان اختراع الإنترنت من أشراط الساعة حيث فيه تقارب الزمان وتقارب الأسواق من حديث النبي صلوات الله وسلامه عليه فيما معنى حديثه: «بين يدي الساعة ذكر «فشو التجارة وظهور القلم» رواه الإمام أحمد وقال الشيخ احمد شاكر اسناده صحيح. وتعالوا إلى الانترنت وبنظرة فاحصة تجده يربط بين أسواق العالم فما ان تتغير الأسعار في قطر من أقطار العالم إلا ويعلم به التجار في مشارق الأرض ومغاربها والطريق إلى ذلك بلا شك من خلال الانترنت وبذلك يزيدون الأسعار أو ينقصونها وما هذه إلا أدلة بينة على اعتبار الإنترنت من أشراط الساعة وتقول الدراسات إن التسوق عبر الشبكة العنكبوتية سيبلغ تريليوناً ونصف التريليون حجم التبادل التجاري عن طريق هذه الشبكة ان لم تكن أكثر بكثير في هذه الأعوام ومع هذه الأحداث الجارية وهذا ينبئ عن مستقبل هذه الحاسوبات.. أيضاً ظهور الزنا يعد من أشراط الساعة وذلك من رواية البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «بين يدي الساعة يظهر الربا» رواه الطبراني وقال المنذري رواته صحيح.. وبلا شك نسمع الكثير عن المعاملات الربوية عبر بطاقة الفيزا وفي دائرة هذه الشبكة العنكبوتية تدور!! لا يفوتنا ان ننبه إلى انتشار الكذب عبر هذه الشبكة وهو ما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «ويكثر الكذب» رواه ابن حبّان حديث صحيح. ومن هنا أفلا ندرك خطر هذه الشبكة.. واثرها في انحلال الأخلاق!!؟؟.. وبعد ذلك أفلا ندرك خطرها على الفرد والمجتمع ان اسيء استخدامها..؟؟ ألم يكن بالفعل موطنا وعشا ووكرا لدعاة الضلال والفساد عبر مواقعهم المضللة وما يبثونه في هذه الشبكة من الأضرار العقدية والمخاطر على الدين كما انتشر فيها من دعاة التكفير!!؟؟
حتى ان منهم من استغل مثل هذه الشبكة لتشكيك المسلمين في دينهم!! نعم.. احبتي انه الطوفان.. هو طوفان البث وما خلفه من انحرافات فكرية وعقدية إلى الانحرافات السلوكية والأخلاقية عبر الإنترنت.. ومسؤولية من هذه!!؟؟ بالطبع انها مسؤولية المجتمع ولم تعد مجرد تقنية سهلت الاتصالات بل تجاوزت حدودها بكثير إلى غرف خلفية تتبع بذلك امبراطورية عظمى ولا عجب إذا قلت لكم ان من هذه الغرف ما يدار تحت كنترول غربي سافر يريد ان يحطم قيمنا ويقضي على مبادئنا فلننتبه إلى دعاة الفساد!!
ألم تساهم هذه الشبكة في عمل انقلابات عسكرية من خلال الممارسات النفسية أو الاجتماعية. وأصبحت عبر شبكتها العنكبوتية تبني دولة جديدة أو دويلات أخرى عبر عالم افتراضي يخصها واضحى المفهوم السائد لديهم الذات والخصوصية متحررين بذلك من كل القيود والضوابط الاجتماعية حتى أصبح الفرد لا يعبأ بذكر رغباته وأحلامه وطموحاته.. حتى لو تجاوزت حدود مجتمعه المتمسك بدينه ونظام دولته..
* نعم انه يسبح في بحر الإنترنت. انه خرج خارج حدود وطنه، وليؤثر هذا التلقي في فكره. نعم الإنترنت تقنية عالية فيها الفوائد والعيوب. وتبرز فوائد هذه الشبكة في شراء الأسهم ومعرفة الأسعار والسلع.. وأنت في مكانك أمام شاشة الكمبيوتر لدرجة انك تشتري الكتب عن طريق هذه الشبكة وهو بالفعل أمر يفيد الباحثين وان كان يسبب خللا للوسطاء والوكلاء التجاريين.. ولعل من الفوائد أيضاً اننا نقرأ الصحف ليلا قبل وصولها مطبوعة صباحا أيضا متابعة الأخبار عن طريق وكالات الأنباء وبالنص والصورة فورا؟ أيضاً البحث في فهارس المكتبات العالمية واستعراض الأبحاث العلمية المنشورة وهذه أيضاً عملية مفيدة أيضاً لا يخفى علينا تلك الفائدة المرجوة من الإنترنت وذلك في عرض بعض الحالات المرضية إلى الأطباء العالميين في الخارج وبالصوت والصورة أيضاً إذ بإمكانهم تشخيص العلاج وتحديد مشكلات المريض عبر الشبكة.
** وهذا اقتراح اطرحه إلى وزارة التربية والتعليم وان كنت لا اتوقع تحققه في هذا الوقت الراهن لأمور اعتبارية وهذا الاقتراح يقضي بأن تربط الفصول الدراسية بالبيوت ومن خلال ذلك يتمكن الوالدان من متابعة الابن في المدرسة وهما في منزلهما وذلك من خلال الكاميرا المتصلة بالحاسوب والمتصلة بدوره بالمدرسة عن طريق الشبكة وفيه يمكن للأب أو للأم ان يستأذنا المدير لرؤية ابنيهما داخل الفصل ورصد تحركاته ومتابعة حالته أولا بأول إلى متابعة سلوكياته لحظة بلحظة..
** قلت ان هذه الشبكة بكل ما تحمله من فوائد وأضرار إلا انها تفرض على الآباء في المنزل وعلى كل مسؤول سواء في الجامعات أو المؤسسات التربوية أو الاجتماعية وهم يتعاملون مع الشباب وبمراحل عمره المختلفة ان يضطلعوا بدور الرقابة والتوجيه الفعال، وبالرغم من ذكرنا لفوائده إلا اننا وفي عصرنا هذا نرى ونؤكد على ان أضرارها وعيوبها استفحلت وأصبحت وباء وجلبت لنا فيروس الارهاب!!
نعم انها اضحت خطرا يداهم قلوب وعقول شبابنا.. نعم الأمر لم يعد على تلك الغرف والتي تجري فيها المحادثات والحوار والذي غلف بداخله الفساد والانحلال الخلقي عند ضعاف النفوس وتلك المواقع الاباحية من العزلة عن المجتمع والاكتئاب والانطواء على النفس والاحباط والذي بالكاد دفع وجرف ببعض شبابنا إلى الهاوية.. ولنرمق شبابنا في المستشفيات وعند الأطباء يشكون من اعتلال في قلوبهم وعظامهم.. وعيونهم ورقابهم كل ذلك بفعل الجلوس الطويل أمام الإنترنت.
** وان كان هناك من اتهام فاعذروني ان وجهت اصابع الاتهام إلى هؤلاء الآباء إذ هم النواة الأولى لتربية النشء وأجزم ان هناك من الآباء من ينفي هذه التهمة عن نفسه بحجة حاجتهم إلى هذه الشبكة.. أو يتذرعون ويتحججون بأن عملهم يتطلب الاتصال بهذه الشبكة ان لم يكن أحد الأبناء كذلك.. ولكن ألا ترون ان ادخال الانترنت إلى المنزل يضم فتيان وفتيات يعد خطرا كبيرا ومحدقا عليهم وسمعنا الكثير من المشاكل الاجتماعية والتي حدثت بسبب ذلك فكم من شاب دخل الإنترنت من باب الفضول وآل به الأمر إلى نهاية مأساوية ومؤلمة حتى غرق في بحر الفساد وأوحال الرذيلة..!! ومن المعلوم ان كل ممنوع مرغوب فلا اعتقد ان اغلاق الباب في وجهه هو الحل.. وليس الحل أيضاً ان يمنع من المنزل ذلك ان الابن سوف يجده ولو خارج المنزل!!؟؟ فهو فالإنترنت سيتسلل إلى عقول الشباب بأي طريقة كانت!!؟ فإن لم يدخل من الباب دخل من منفذ آخر إذاً لابد من وقفة الأب ومواجهته الحاسمة ألا يتركوا الحبل على الغارب لأبنائهم حتى لا تقع الكارثة!! فما الذي يمنع من الجلوس مع الابن أمام الانترنت واختيار المواقع المفيدة معه.. والتقرب منهم ومشاركتهم وجدانيا. وهذا والله امر مهم حتى لا يهرب الابن إلى المقاهي المنتشرة في كل مكان..!! فتخيل انك في صراع بين الحق والباطل أي صراع الخير والشر والذي يتمثل في المنزل والمقاهي!! ودائما ما يتغلب الشر في مثل هذه الأمور حيث غرف المحادثة.. والبحث عن الصور الخليعة. وقل من الشباب من يبحث عن مواقع علمية أو ثقافية.. وكل ذلك بسبب اهمال الآباء لأبنائهم، أيضاً غياب دور المدارس والجامعات على اعتبار انها مؤسسات تعليمية تربوية إذ كان من المفترض إحياء التواصل مع الأب واطلاعه على مستوى الابن حتى في الإنترنت.. أيضاً لا ننس الفراغ فله دور عظيم في ذلك وهروبهم من تحمل المسؤولية.. كما ان لتوفر السيولة المادية الأثر الأكبر في مساعدة الشباب على ارتياد المقاهي.. بما في ذلك حب الفضول والاستطلاع.. وكثيرا ما تقيد المقاهي أيما فعل مخز ضد مجهول..!!؟؟ فهو بذلك يحفظ اسرارهم ويجعلهم يتمادون في الطريق الخاطئ.. كما ان عدم توفر الإنترنت في المنزل في الكثير من البيوت المحافظة أمر يجعل الشباب يسبحون في اعماق هذه الشبكة وبلا رقيب ولا حسيب إذاً المشكلة ليست في وجود الإنترنت من عدمه ولكن في غياب الرقابة التامة.
** وهذا والله واقعنا المرير والذي نعيشه.. والآباء بالفعل لا يعلمون ماذا يفعل ابناؤهم اما لانشغالهم او لجهلهم في أمور الكمبيوتر والتي يقف ازاءها الابن ملما عالما بكل اسرار الكمبيوتر والغازه بينما الاب لم يفقه هذه الأمور.. وهنا تكمن المشكلة فكثيرا ما يتعرض الشباب إلى مواد غير مناسبة يتلقاها من الانترنت قد تكون مخلة بالآداب أو فيها عنف وتحريض قد يضر بالشباب ويغير من سلوكه وفكره!!
وما أكثر المواقع الاباحية.. والتي باتت تنتشر وأصبحت الشركات تنتج مئات المواقع شهريا مع تغيير اسمائها وتتخفى تحت اسماء عادية لا تثير الشبهة.. ولكنها تنثر السموم..!! الأمر الذي يصعب منعه.
** إذاً دورك ورقابتك انت ايها الاب هو الحل الأمثل ومن ثم تأتي المؤسسات التعليمية والتربوية دور الاب: تقنين استخدام الإنترنت وترشد على صغار السن، مع تفعيل مبدأ الثواب والعقاب بحيث يحذر الابن من طلب أي موقع من الشبكة دون اذن مسبق، وتحديد وقت معين للاستخدام مع المتابعة المستمرة للابن.. واغلاق الجهاز.. أو قفله برقم سري وتشفيره عن الصغار.. وللشباب ينبغي توعيتهم إلى استخدام الإنترنت الاستخدام الأمثل في أمور تهمهم!! وايقاظ الوازع الديني والاخلاقي فيهم إلى جانب ابراز الدور التعليمي والتثقيفي للإنترنت ورسم طريق محدد لكي يستفيدوا منه..
** باختصار ولأكون محقا معكم أيها الأب وحتى لا يكون كلامي معك حبرا على ورق.. ولتكن علاقتك مع ابنك علاقة صداقة.. ومحبة.. لا فرض سلطة.. وهنا تكسب الابن ايها الاب!!
وليكن بينكما احترام متبادل!! وبين المعلم والشاب ايضا!! وعندها سيسود جو من الألفة والمحبة بمشيئة الله.. وعندها نستنتج شباباً على قدر عال من الشفافية والوضوح والوعي والادراك.. شباب يعي حاضره ومستقبله الذي يمثل عماد امته الإسلامية.
** اعلم ان هذا الكلام لم يرق ولم يعجب بعض المتحررين ومن يريد الانفتاح.. ولكن لتعلموا ان هؤلاء الأولاد هم أولادكم.. مسؤوليتكم.. وأمانة في أعناقكم جعلهم الله بين ايديكم لينظر كيف تربوهم.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع.. وكلكم مسؤول عن رعيته» وقال تعالى: {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا قٍوا أّنفٍسّكٍمً وّأّهًلٌيكٍمً نّارْا وّقٍودٍهّا النَّاسٍ وّالًحٌجّارّةٍ } ولا يجوز لمسلم ان يلقي الشبكة بأضرارها في متناول اولاده من الفتيان والفتيات ويهملهم بلا رقابة أو متابعة..!!
** جميل من كل فرد ان يتعاون مع «مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية» بتقديم كل موقع سيىء اباحي يكتشفه اي شخص يسبح في هذه المواقع أو يجدها مصادفة اثناء استعراضه المواقع.. فكل ما عليه هو ارسال اسماء من هذه المواقع إلى المدينة لكي يضيفوها إلى قائمة المواقع الممنوعة والمحجوبة لديهم.. وهذا من التعاون على البر والتقوى. ولك الأجر في ذلك..!!
** هذا ما لدي والله أسأل ان يحمي أولادنا من كل فتنة وبلادنا من كل سوء آمين.
فاصلة: أقترح ان ينشأ موقع دعوي عبر الإنترنت تتبناه وزارة الشؤون الإسلامية ويكون فيه حوار جدي وصريح.. وفيه يعلم ماذا يريدون بالضبط..!!؟؟
سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي
/ معلم بمتوسطة صقلية المذنب
|