من المنتهى علمه للكثير من بني البشر ان النساء الاكثر طبيعية واتزانا يتفقن في مجمل سياساتهن الاساس ويختلفن في طريقة التعامل مع فرعيات الحياة الاجتماعية الاخرى على الرغم من ان الدنيا بما فيها برحاها تدور ولا تتوقف وتنقلب الاشياء بمفاهيمها ورساختها في الذات ولا تستقر على معادلة دائمة او معيار ثابت ولعل من اكثر القناعات الأساس المتداولة اجتماعياً والتي تتعرض للمد والجزر هو مدى قناعة وقبول الزوجة الأولى بالزوجة الثانية بعد أن تكون قد ظنت انها اولى لا ثانية لها في حياة زوجها وبعيدا على ان الامر بيد الرجل كونه صاحب القوامة والعائل والمسؤول وايضا بأن للمرأة في زوجها الربع من منطلق احقية الرجل بأربع عليه فان الزوجة الواحدة تمثل ربع الكل في الرجل فاذا كانت ليس لها ضرة فان الثلاثة ارباع الاخرى محطات شاغرة من المحتمل شغلها في اي وقت تتهيأ فيها ظروف الزوج.
ومع ذلك فان رأي المرأة بين الرفض والقبول بالزوجة الثانية لا يمكن الاستهانة به او تجاهله لانه من المترتب عليه من الامور التي تخص الزوجة الاولى امور جل كثيرة منها باستثناء «المحبة كونها امر خارج عن الارادة كما ورد في الاثر عن المصطفى عليه الصلاة والسلام» فان من المترتب على الزواج تناقص الوقت المخصص لها ولأسرتها بالتدريج بعد ان يستنفد الزوج الاعذار التي تجعله يبرح البيت الاول ويبدأ الامر بأخذ الطبيعية في انسياقه فيقل سؤال الاولى عن الوقت غير المستنفد وغير الواقع تحت سلطتها فتقل الرعاية لها ولاطفالها وربما يصاحب ذلك تردي مستوى النفقة لوجود جهة اخرى في حياة الزوج يلزمها من الرعاية والنفقة مثل ما يلزم اي زوجة اخرى وخلافا للامور المادية فان التبعات النفسية المترتبة على الزواج الثاني بالنسبة للزوجة الاولى يجب ان لا تأخذ بعدا اكبر من حجمه ومقداره في ذهنها بحيث تظهر مهزوزة امام زوجها او ضرتها او ابنائها وحتى عائلتها بل على العكس من الواجب عليها ان تكون اكثر اتزانا وعقلانية بعد الصدمة الاولى من الزواح بحيث تستبعد فكرة طلب الطلاق لمجرد انه تزوج واوجد لها شريكة او ضرة حتى ولو كان القصد من ذلك رد الاعتبار المعنوي او التهديد فقد تجد اذناً صاغية من زوجها ويقع ما ليس بالحسبان. وكذا التهديد بترك المنزل والقاء عبء تربية الاولاد على الزوج احتجاجا او تغير معاملتها له فقد تخسر الاولى اكثر من مجرد وجود زوجة تشاركها في زوجها لانه على الجانب الآخر قد تكون مسوغات الزواج للزوج مقبولة شرعا في حال الزوجة المريضة او عدم الانجاب او الرغبة بالاكثار من الولد او وجود عدم توافق نفسي وعاطفي مثمر وهنا قد لا يكون هناك حاجة ملحة لمصادقة الزوجة على الزواج الثاني وفي المقابل فان مراعاة الجانب النفسي والمعنوي للزوجة الاولى يجب ان لا يكون بالوعود والطمأنة فقط حتى ولو كان الزواج الثاني على درجة من القبول فالمسألة تمس جانبا اخلاقيا يحدد مصداقية الرجل فقد يقدح فيه او يثلب شيئاً من صفاته او شخصيته وغدا هذا الزواج مرآة تعكس حسن خلقه وذاته اذا كان على مستوى مسؤوليات الزواج الثاني وان زوجته الاولى لم تخسر رجلاً يراعيها ويبقي على مستوى الوصل الايجابي السابق ولا يهضم حقوقها بمجرد زواجه وانبهاره بالزوجة الثانية حتى ولو فاقت الثانية شريكتها الاولى جمالا بطول او حسن خلق او مالاً. ان رأي الزوجة بزواج زوجها يجب ان يكون محل الحسبان كجانب انساني اجتماعي حتى تستمر الحياة بدون منغصات او كراهية لا مبرر لها كما ان الزوجة الثانية ليست مسؤولة عن تردي العلاقة بين زوجها وزوجته الاولى وليست مطالبة على الدوام بتنازلات لمجرد النظر اليها بأنها قد سرقت او على الاصح اخذت الرجل من منزله فقد لا يكون رجلا بمعنى الكلمة عندما يهمل منزله واولاده بعد زواجه منها وكمراعاة حقيقة لشعور المرأة فان الرجل يستطيع أن يملكها بكلمة صادقة من قلبه الى قلبها حتى ولو تزوج عليها مرات عديدة طالما انه لم يظلمها وهي لم تفقد رسن المعقولية والاتزان من بين يديها، ان اهمال شعور المرأة عواقبه وخيمة وقد تأتي بنتائج على غير المعتاد مع تمنياتنا لجميع الرجال بزيجات موفقة ومستقرة.
|