لا ضير أن تكون أمانة المدينة المنورة، مثل غيرها، هي وفرعها، يُدار العمل من خلال المكاتب، اما حال الشوارع وما تحتاج من ترقيع وإصلاح، لعلها لا تدخل في اهتمامات أمانة المدينة وفروعها.. ومسألة الإصلاح يسيرة وغير مكلفة، لمن أراد أن يعمل وأن يصلح وأن ينجز، حتى لا يقال إن المشروعات تحتاج إلى أموال، وأن البنود قد نفدت.!
* إدارات شتى، لم يعد يعنيها ما يكتب وما يقال، وإذا سأل سائل - فإن الرد - كلام جرايد.! أعلم أن مؤسساتنا، كغيرها ذات مسؤوليات وأمانات، وهي إذا لم تسأل اليوم، فإنها ستسأل غداً لا محالة، وحين تقف كل نفس تجادل عن نفسها، وتجد ما عملت حاضراً، لن تجد لساناً تدافع به، فلسنا في الدنيا، نغالط ونتهرب من مسؤولياتنا، ونختلق الأعذار بالحق وبالباطل.. قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
}.
* أريد أن اقول لقومي: اتقوا الله في أماناتكم، واذكرهم بقول الحق:{وّالَّذٌينّ هٍمً لأّمّانّاتٌهٌمً وّعّهًدٌهٌمً رّاعٍونّ} .. هؤلاء هم الحراص على الالتزام، وقد ادركوا أن الأمانة ثقيلة وخطيرة، وأن من هو أقوى من الإنسان وأشد قوة، أشفق من الأمانة، وخاف من التفريط، الذي يتبعه عقاب قيوم السماوات والأرض.!
* أعتقد لو أن إنسانا تأمل بيقين ما جاء في الكتاب العزيز، ونظر إلى حجمه الضئيل ومساحات السماوات والارض والجبال، لاحتقر نفسه وندم على قبول وتحمل مالا يطيق، ظنا منه، انه قادر وقوي، وذو إرادة لا تقاوم، يزيد تطاولها عن تلك المخلوقات العظام.! وصدق الحق، وقد ختم هذه الآية الكريمة، آية الأمانة، بأن الإنسان المسكين المتداعي نحو الفرحة بما أتيح له من فرص، لم يلحظ، ولم يدرك العاقبة، وهي جهله بفداحة الأمانة، ثم إنه ظلم نفسه المسكينة الضعيفة.! جهل في البداية لتكاليف الأمانة، فركبه الذنب بظلمه لنفسه.!
* والإنسان آماله طوال، غير انه لا يملك شيئا من الامل والمد له في الأجل، ليعمل ويغزو ويحقق ما يستطيع مما يحلم به ويتطلع إليه، لانه هلوع، وهو جزوع إذا مسه الشر، وهو كذلك منوع، إذا مسه الخير، واستثنت الآية المصلين بصفاتهم الدائمة الصادقة، والذين يؤدون ما عليهم من حقوق وديون، ويصدقون بيوم الدين، والذين هم من عذاب ربهم مشفقون.. اللهم انصرنا على انفسنا حتى لا نضل، وانصرنا على أعدائنا حتى لا نذل.!
|